ودعت "النهضة" في بيانٍ، عقب انتهاء أشغال مجلس الشورى، إلى تحييد مؤسسات الدولة وأجهزتها وإداراتها عن التجاذبات السياسية، في إطار حماية الديمقراطية وترسيخ الحرية، عبر النأي بالدولة عن التوظيف السياسي، والوقوف على المسافة ذاتها من جميع الأحزاب والمنظمات والمواطنين.
واتهمت "النهضة" رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد باستعمال أجهزة الدولة في حملة انتخابية مسبقة، وفي الترويج لحزبه الفتي. وفيما شددت قيادات نهضوية خلال اجتماع "الشورى" على رفضها لاستحضار مشاهد تضررت منها سابقاً من اعتبار الدولة جهازاً حزبياً، عبّرت أيضاً عن استيائها من خوض حرب ملفات معها وتوظيف مسألة التدقيق في حساباتها المالية من طرف محكمة المحاسبات في سجال سياسي، لا سيما مع بلوغ أنباء بضلوع دوائر مقربة من رئيس الجمهورية التونسي، الباجي قايد السبسي، في ذلك.
وفي السياق ذاته، عرج اجتماع "الشورى" على العلاقة بالشاهد. وأكد رئيس "النهضة" راشد الغنوشي، في تصريح صحافي خلال الاجتماع، أن حزبه سيواصل مساندة الشاهد باعتباره رئيساً للحكومة، بيد أن الحركة لم تحسم بعد موقفها من مساندة ترشحه للرئاسيات. ولم يستبعد الغنوشي تحالفاً مع الحزب الجديد في الفترة المقبلة، إذا ما توفرت أرضية مشتركة للعمل بين الحزبين إثر استكمال فترة التأسيس.
وتضمن البيان تأكيداً على أن "النهضة" معنية بالانتخابات الرئاسية من حيث المبدأ، وسيتولى مكتبها التنفيذي النظر في الصيغ الممكنة للمشاركة في هذه المحطة الانتخابية.
وعقب الاجتماع، أوضح القيادي وعضو الشورى عبد الحميد الجلاصي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الدورة طرحت قضايا عدة، ولم يتم تدارس مسألة الرئاسيات بشكل معمق، لتحديد شكل المشاركة، وإنما ارتأت الحركة ألا يكون الموقف تجاه الاستحقاق الرئاسي هو الحياد.
ووفق الجلاصي، تختلف الصيغ الممكنة للمشاركة، إذ قد تختار "النهضة" من داخلها مرشحاً أو قد تدعم فرداً من الخارج، بناءً على عقدٍ واضح، يتضمّن الموافقة على تطبيق برامجها وخياراتها، أو قد تبحث عن كتلة أخرى تتوافق معها على مرشح، وهي صيغ سيحددها المكتب التنفيذي، ويعرضها مستقبلاً على مجلس الشورى.
من جهته، رد الجلاصي حول ما إذا كان المناخ العام داخل "النهضة" يساند ترشيح الشاهد للرئاسيات، فقال في هذا الصدد إنه جرى التأكيد على "ألا أفضليات ولا قائمة سوداء في تحالفات المرحلة المقبلة. وتنفتح النهضة على التشاور مع الأحزاب الديمقراطية الوطنية التي تؤمن بالعمل المشترك، لتكون حليفتها في المرحلة المقبلة التي تلي الانتخابات التشريعية والرئاسية دون أفضليات أو إقصاء لأي طرف"، معتبراً ذلك دعوة من "النهضة" للأحزاب التي تتوفر فيها هذه الخاصيات لتعمل بجهد خلال الانتخابات لتحصل على كتلٍ نيابية متفوقة عددياً، تؤهلها لتكون فاعلة في مرحلة "التشاركات الواسعة"، لتدارك الأزمة التي تعيشها البلاد حالياً.
وتدارس الاجتماع أيضاً ملف ما يعرف بمدرسة الرقاب، ونبه مجلس شورى "النهضة" إلى خطورة توظيف هذه الحادثة سياسياً لتصفية الحسابات الحزبية لشيطنة الجمعيات بصفة عامة، وبيّن أنه على القضاء وسائر المؤسسات المعنية السعي إلى معالجة هذه الوضعية "التي تبقى معزولة، ولا تمثل المجتمع التونسي".