فيما كانت "طالبان" تفاوض الأميركيين في الدوحة، شهدت أفغانستان خلال ليلة الخميس وصباح الجمعة هجمات كبيرة للحركة طاولت شمال البلاد وجنوبها، كان أكبرها الهجوم الانتحاري على قاعدة شوراب الأميركية في إقليم هلمند، وإلى جانبها قاعدة للجيش الأفغاني، ما أدى إلى مقتل العشرات.
وبينما تؤكد "طالبان" أن الهجوم استهدف قاعدة شوراب الأميركية، ترى السلطات المحلية في الإقليم أن الهدف كانت قاعدة ميوند التابعة للجيش الأفغاني، التي توجد إلى جانب القاعدة الأميركية.
وقال الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد، في تغريدة له على "تويتر"، إن عدداً كبيراً من مسلحي الحركة دخلوا إلى قاعدة شوراب الأميركية الواقعة في مديرية واشير بإقليم هلمند جنوبي أفغانستان، وهو يعد أحد أكبر معاقل "طالبان" في الجنوب.
وأضاف مجاهد في أحدث تغريدة له، أن المواجهات بين المهاجمين والقوات الأجنبية والأفغانية التي وصفها بـ"العميلة" ما تزال مستمرة، وأن عشرات الجنود قد قتلوا جراء الهجوم، علاوة على تدمير الدبابات والمدرعات.
من جهته، قال ناطق آخر باسم "طالبان" هو قاري يوسف، في تغريدة له، إن المروحيات الموجودة داخل القاعدة المستهدفة معطلة عن العمل بسبب الهجوم، "من هنا لجأت القوات الأميركية إلى استخدام مروحيات من قاعدة دوبر، وهي تحلق على القاعدة المستهدفة وتطلق النيران عشوائياً".
وأكد قاري يوسف أيضاً أن العمليات داخل القاعدة "لا تزال مستمرة بعد مضي ساعات عليها"، وأن "العدوّ تكبد خسائر فادحة في الأرواح".
في المقابل، أكدت السلطات المحلية أن الهجوم الانتحاري استهدف قاعدة للجيش الأفغاني معروفة باسم قاعدة ميوند، وأن ثلاثة انتحاريين فجروا أحزمتهم الناسفة داخلها، فيما ستة آخرون قتلوا بيد القوات الخاصة، و"لا تزال عمليات التطهير مستمرة"، دون أن يتحدث عن الهجوم على القاعدة الأميركية.
وفي السياق ذاته، قال الناطق باسم الحكومة المحلية في الإقليم عمر زواك، إن الهجوم وقع على القاعدة الأفغانية، دون أن يدلي بأيّ تفاصيل.
من جهته، أشار المكتب الإعلامي للحكومة المحلية في الإقليم، في بيان، إلى أن الهجوم أسفر عن قتل ستة انتحاريين، بعدما فجر ثلاثة منهم أحزمتهم الناسفة.
كما تتحدث مصادر إعلامية مستقلة في الإقليم لـ"العربي الجديد"، عن قتل ضابط كبير في الجيش الأفغاني كان داخل القاعدة.
ولم تتحدث القوات الدولية والأميركية لحدّ الآن عن العملية، كما لم توضح وزارتا الدفاع والداخلية موقفهما حيال القضية، وقضايا أمنية وقعت في البلاد خلال الليلة الماضية وصباح اليوم.
وبالتزامن مع هذا الهجوم، أعلنت طالبان تنفيذ هجمات في شمال البلاد وجنوبها.
وفي إقليم هلمند ذاته، أعلنت الحركة تنفيذ هجوم على الشرطة من خلال عناصر شرطة لهم علاقة بـ"طالبان"، إذ قتل ستة.
وقال الناطق باسم الحركة قاري يوسف في تغريدة له، إن اثنين من عناصر الشرطة نفذا هجوماً على زملائهما وقتلا ستة منهم.
كذلك، تحدثت الحركة عن وقوع عمليات كبيرة في قندوز وبلخ وفارياب ومناطق مختلفة من الجنوب، وادعت قتل عشرات الجنود ورجال الشرطة وعناصر الجيش القبلي الموالي للجيش الأفغاني، بالإضافة إلى الاستيلاء على قاعدة للجيش في بلخ وسقوط مراكز أمنية بيدها.
وتأتي هذه التطورات الميدانية بالتزامن مع جولة الحوار بين "طالبان" وأميركا في الدوحة، حين رفع الوفدان الحوار ليوم غد السبت.
ويطرح مراقبون تساؤلات عن رسالة "طالبان" من وراء العمليات التي نفذتها.
وفي السياق، كشف موقع "خبريال" الصادر باللغة البشتوية أن قادة "طالبان" اجتمعوا أمس الخميس في الدوحة، من أجل التشاور بشأن الحوار مع الجانب الأميركي، وأنهم شددوا على عدم التفاوض مع الحكومة الأفغانية.
ونقل الموقع عن شخص يرافق وفد "طالبان"، قوله إن ما قررته الحركة "أمر خطير جداً للمصالحة الأفغانية، لأنه سيستفز الحكومة الأفغانية"، متحدثاً عن "ضغوطات" أملت القرار، دون أن يشير إلى طبيعة هذه الضغوط، وهل مارسها قيادات في الحركة، أو من خارجها.
وأضاف المصدر، أن الجولة الحالية من الحوار بين "طالبان" وأميركا، تركز على خروج القوات الأجنبية، وعدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد أي دولة أخرى، ولكن الجانب الأميركي طرح قضية الحوار مع الحكومة الأفغانية ووقف إطلاق النار، ما غيّر مجرى الحوار.
وحاولت "العربي الجديد" الحصول على موقف الحكومة و"طالبان" إزاء هذه الادعاءات، ولكن لم يرد أي من الطرفين.