ورفض المشرعون البريطانيون، ثمانية خيارات تم التصويت عليها في وقت متأخر من مساء الأربعاء، بينما أعلنت ماي استعدادها للاستقالة من منصبها، مقابل دعم نواب حزبها "المحافظين" لاتفاقها بشأن "بريكست".
وكان مجلس العموم البريطاني (البرلمان)، قد تمكّن، الإثنين، من سحب سلطة تحديد النقاشات البرلمانية من الحكومة، في سابقة هلل لها المتشائمون من سير عملية "بريكست"، ورأوا من خلالها قدرة على إصدار حل بديل لخطة ماي وسيناريو عدم الاتفاق، واللذين رفضهما البرلمان مرتين، حتى الآن: في يناير/كانون الثاني، ومنتصف مارس/آذار.
ولكن جلسة الأربعاء، شهدت عدم تبلور أي أغلبية لصالح أي من الخيارات المطروحة، والتي شملت أشكالاً مختلفة من "بريكست" مخفف، تشمل عضوية السوق الأوروبية المشتركة أو الاتحاد الجمركي أو كليهما. كما شملت أيضاً خيارات مبنية على قواعد منظمة التجارة الدولية ويدعمها متشددو "بريكست"، إضافة إلى سحب طلب الانسحاب من الاتحاد كلياً، وإجراء استفتاء ثانٍ على "بريكست".
وقال أوليفر ليتوين النائب عن حزب "المحافظين"، والذي قاد جهود البرلمان للتمرّد على الحكومة البريطانية، اليوم الخميس، لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إنّ "عدم تبلور أغلبية برلمانية، يوم الأربعاء، كان أمراً متوقعاً"، مضيفاً أنّ "المرحلة التالية من التصويت، والمقررة يوم الإثنين المقبل، ستكون أكثر حسماً".
وكانت ماي قد أقدمت على مناورة أسهمت في تشتيت التصويت البرلماني، قبل ساعتين من بدء جلسة التصويت، عندما اجتمعت بجميع نواب حزبها، ووعدتهم بالاستقالة من منصبها في رئاسة الحزب والوزراء في حال تمكّنت من تجاوز الامتحان البرلماني بدعمهم، وتمرير اتفاقها بشأن "بريكست".
وتسعى ماي لأن تضع اتفاقها أمام البرلمان للمرة الثالثة، في جلسة استثنائية، غداً الجمعة، وذلك بالرغم من أنّ المتحدث باسم البرلمان البريطاني جون بيركو، كان قد رفض منح الحكومة فرصة ثالثة للتصويت على الاتفاق، ما لم يشمل تغييرات أساسية.
وأعرب ليتوين عن أمله في أن تكون جلسة الإثنين أكثر وضوحاً، بالقول "سيصوّت النواب بناء على نتيجة ما حدث في المرة الأخيرة. كما أنّ أمراً آخر سيكون قد حدث، وهو أنّ رئيسة الوزراء ستكون قد نجحت في تمرير اتفاقها يوم الجمعة، وفي تلك الحالة لن يكون هناك ضرورة للتصويت".
وأضاف "أما في حال فشلها، فأعتقد أنّ النواب سيقتنعون أنّها لن تنجح قبل 12 إبريل/ نيسان، وأعتقد أنّ العديد من المحافظين الذين لم يصوتوا لصالح أي من الخيارات، لأنّهم فضّلوا الانتظار حتى تتاح لهم فرصة أخيرة للتصويت على اتفاق رئيسة الوزراء بدلاً من إلزام أنفسهم بأي أمر آخر، قد يعدلون عن رأيهم ويقولون: حسناً سنختار من بين هذه البدائل".
خياران بديلان... وتصويت جديد
وصوّت البرلمان البريطاني، أمس الأربعاء، على قرار تأجيل موعد "بريكست" الذي كان مقرراً غداً الجمعة، 29 مارس/آذار الحالي. وأقر البرلمان المقترح الأوروبي الصادر عن القمة الأوروبية الماضية، والذي قضى بأن يكون موعد 22 مايو/أيار موعد "بريكست" الجديد في حال وجود اتفاق، و12 إبريل/نيسان المقبل، المهلة النهائية للحكومة البريطانية للتقدم بخطة بديلة في حال عدم وجود اتفاق.
وكشفت، جلسة الأربعاء، عن صعود نجم خيارين بديلين لاتفاق "بريكست" حصلا على أعلى عدد من الأصوات، رغم عدم نجاحهما في الحصول على الأغلبية، ليكونا مطروحين على التصويت من جديد، الإثنين المقبل.
فقد نال خيار اتحاد جمركي دائم مع الاتحاد الأوروبي، دعم 264 نائباً مقابل رفض 272، بفارق 8 أصوات، بينما امتنع بقية البرلمانيين عن التصويت عليه، (عددهم الكلي يتجاوز 640 صوتاً).
كما نال الخيار الآخر عرض أي اتفاق لـ"بريكست" يتم الاتفاق عليه على استفتاء شعبي، دعم 295 نائباً مقابل 268، وبفارق بلغ 27 صوتاً.
ولكن هزيمة هذين الخيارين لم تقتصر فقط على تردد العديد من النواب في التصويت لصالحهما، بل تعود أيضاً إلى تمرد عدد من نواب حزب "العمال" المعارض على خط رئيسه جيريمي كوربن وتصويتهم ضدهما.
أما اتفاق ماي، فلم يحظ هو الآخر بالدعم الذي كانت ترجوه رئيسة الوزراء. فقد بدأت ماي يومها بأنباء عدول عدد من متشددي "بريكست"، ومنهم وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، عن رأيهم وتوجههم لدعم اتفاقها، بعدما أدركوا أنّ البديل لاتفاقها هو البقاء في الاتحاد الأوروبي. كما تمكّنت من حشد المزيد من الدعم بعد تقديمها الوعود بالاستقالة.
غير أنّ "الحزب الاتحادي الديمقراطي" الأيرلندي، والذي يوفر لحكومتها عشرة أصوات إضافية تضمن لها الأغلبية البرلمانية، أكد رفضه التام لاتفاقها لأنّه قد يؤدي إلى فصل أيرلندا الشمالية عن بريطانيا، وفقاً لبنود خطة المساندة.
وتبع تصريح الحزب الأيرلندي، تراجع عدد من "المحافظين" عن دعم ماي، وعلى رأسهم زعيم مجموعة الأبحاث الأوروبية المؤيدة لـ"بريكست" مشدد النائب جاكوب ريس موغ.
وفي حال مر اتفاق ماي في البرلمان، غداً الجمعة، فينتظر أن تبدأ إجراءات البحث عن بديل لرئيسة الوزراء، فور خروج بريطانيا من الاتحاد في 22 مايو/أيار المقبل.
فالوعد الذي قطعته أمام نواب حزبها يقتضي أن تستقيل من زعامة الحزب قبل بدء المرحلة التالية من المفاوضات، والتي تشمل الاتفاقية التجارية مع الاتحاد. ومن بين الأسماء المطروحة كبدائل لها وزيران سابقان هما بوريس جونسون في الخارجية، ودومينيك راب في وزارة "بريكست"، فضلاً عن وزير البيئة الحالي مايكل غوف.