ووفق الاستطلاع الذي أجراه معهد "أودوكسا"، ونشر اليوم السبت، تؤيد غالبية الفرنسيين بنسبة 75%، إرساء "سياسة أمنية ودفاعية أوروبية موحدة".
وهذه الرغبة تظهر خصوصاً لدى المتعاطفين مع حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "الجمهورية إلى الأمام"، فتصل إلى 92%، ثم الحزب "الاشتراكي" بنسبة 86%، ولدى "الجمهوريين" بنسبة 81%، ثم "فرنسا غير الخاضعة" اليساري بنسبة 68%، بينما تبلغ أدناها عند "التجمع الوطني" اليميني المتطرف بنسبة 60%.
ويحظى تشكيل جيش أوروبي موحد بدعم 62% من الفرنسيين، تتوزع هذه النسبة المئوية بين 78% لدى المتعاطفين مع الحزب الاشتراكي، و75% لدى المتعاطفين مع "الجمهوريين"، ثم 73% من أنصار "الجمهورية إلى الأمام"، و60% لدى أنصار ""فرنسا غير الخاضعة"، وأخيراً 48% لدى أنصار "التجمع الوطني".
وتأتي هذه الإحصاءات التي تُنشر في عز الحملة من أجل الانتخابات الأوروبية، بعد كشف غالبية الأحزاب عن قوائمها الانتخابية، لتكشف تقارباً بين أحزاب "الجمهوريين" و"الجمهورية إلى الأمام" و"الاشتراكي"، حول وحدة المصير الأوروبي، باعتباره ضرورة لا غنى عنها لفرنسا في ظل التحولات الدولية.
في المقابل، يستمر حزبا "فرنسا غير الخاضعة" و"التجمع الوطني"، في حذرهما الشديد من الاتحاد الأوروبي، وفي دفاعهما عن فهم معيَّن للسيادة الوطنية الفرنسية.
وعلى الرغم من هذه الرغبة في تعزيز الاتحاد الأوروبي، ومنحه وسائل القوة لمواجهة التكتلات الدولية الأخرى، فإنّ نسبة 46% من الفرنسيين لا ترى تحقُّقَ سياسة أمنية وعسكرية في الاتحاد الأوروبي، في 15 سنة إلى 20 سنة مقبلة، مقابل 52% من المتفائلين. في المقابل، إنّ 60% لا يرون أنّ تشكيل هذا الجيش ممكن في 15 إلى 20 سنة مقبلة.
وكان ماكرون أول من دعا إلى إنشاء جيش أوروبي موحد، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، فيما لم تتأخر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عن ملاقاة الرئيس الفرنسي بتأييد فكرته.
في المقابل، سخر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حينها من تصريحات ماكرون ومن التجربة التاريخية لفرنسا في الحرب العالمية الثانية، ودعا إلى تعزيز دور حلف شمال الأطلسي "الناتو" بدلاً من التفكير في جيش أوروبي جديد.
أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقال آنذاك: "أدعم فكرة إنشاء جيش أوروبي موحد من الممكن أن يكون بديلاً من حلف شمال الأطلسي (الناتو). وهي تطور إيجابي في عالم متعدد الأقطاب".
ومن أجل إنجاز هذا الجيش الأوروبي الموحد، وتطبيق سياسات أمنية وعسكرية مشتركة، يؤيّد 56% من الفرنسيين، وفق الاستطلاع، زيادة الإنفاق العسكري في فرنسا، مقابل معارضة 42%.
وهنا يؤيد المتعاطفون مع معظم الأحزاب السياسية هذه الزيادة في الإنفاق، خاصة اليمين واليمين المتطرف، فتصل إلى 66% لدى أنصار حزب "التجمع الوطني"، ثم 65% لدى "الجمهوريين"، و62% لدى أنصار "الجمهورية إلى الأمام"، ثم 51% لدى أنصار الحزب "الاشتراكي"، بينما تعارضها أغلبية أنصار "فرنسا غير الخاضعة"، بنسبة تصل إلى 54%، مقابل 46% تؤيد زيادة الإنفاق العسكري.
ويصنّف موقع "غلوبال فاير باور" الأميركي، الجيش الفرنسي كأقوى الجيوش الأوروبية، حيث يصل تعداد جنوده إلى 387 ألف جندي، بينهم 183 ألف جندي في قوات الاحتياط.
وردّاً على سؤال في الاستطلاع حول الدول الأجنبية التي يرى الفرنسيون أنّها تشكّل تهديداً للأمن الأوروبي، تأتي روسيا بنسبة 35% في المقدمة، ثم سورية بنسبة 29%، فكوريا الشمالية بنسبة 28%، ثم الصين 21%، تليها الولايات المتحدة الأميركية والعراق.
ولعل في هذه النسب، إشارة إلى تأثير تدفق "جهاديي" فرنسا إلى الشرق الأوسط، على الرأي العام الفرنسي، واستمرار تأثيره خصوصاً مع قضية عودة بعض هؤلاء الفرنسيين وعائلاتهم، ثم الاعتداءات الإرهابية التي ضربت فرنسا، والتي كان معظم الساسة يروّجون لأنْ يتم تنظيمُها والتخطيط لها من داخل سورية.