يستمر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في سعيه للإجهاز على محاولات المعارضين لخرق جدار الصمت الذي نصبه منذ 5 سنوات حول المجال العام، في سياق قمع الحريات والحقوق الشخصية والاجتماعية كالتعبير والتظاهر والتنظيم، فضلاً عن سيطرته المطلقة على وسائل الإعلام المحلية. وشهدت الساعات الماضية ظهور أكثر من 30 شاباً تمّ القبض عليهم، نهاية الأسبوع الماضي، في نيابة أمن الدولة العليا، ووُجّهت لهم اتهامات بالانتماء لجماعات محظورة، وتشكيل جماعات تحض على قلب نظام الحكم بالقوة، إحداها تحمل اسم "اللهم ثورة"، وهو عنوان صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ألقت الضوء، في الفترة الأخيرة، على بعض سلبيات النظام الاقتصادية والاجتماعية. كما تضم هذه المجموعة الصيدلي أحمد محيي الذي وقف وحيداً حاملاً لافتة "ارحل يا سيسي" في قلب ميدان التحرير، وعددا من أصدقائه الذين تداولوا صورته على مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكرت المصادر أنه "نما إلى علم الشرطة أن عدداً من الشباب غير المنتمين لأي حركات سياسية معروفة دعوا إلى تنظيم وقفة احتجاجية بالقرب من محطة رمسيس، للمطالبة بتحسين أوضاع السكك الحديدية والمرافق المختلفة ورعاية مصالح المواطنين البسطاء. فتم القبض على عدد كبير غير معروف حتى الآن من الشباب الصغير بعمر 21 عاما،ً بعد استجوابهم بشكل تعسفي ومقتضب في مكتب شرطة المحطة، وبعضهم تم ترحيلهم أولاً إلى قسم شرطة الأزبكية القريب من المحطة".
وأشارت المصادر إلى أن "حملة الاعتقالات هذه تأتي بعد أيام معدودة من بدء حملة اعتقالات واستدعاءات أخرى تمت في محافظات الصعيد والوجه البحري، بسبب الاعتراضات الشعبية على التعديلات الدستورية، واستدعاء عشرات الشباب المنتمين لأحزاب ليبرالية ويسارية وناصرية إلى مقار الأمن الوطني. كما تمّ تحذيرهم من مغبة الاستمرار في كتابة تدوينات على صفحاتهم ضد التعديلات الدستورية، أو الإقدام على أي خطوة تصعيدية ميدانية".
وفسّر مصدر في حزب ناصري حملة الاعتقالات بأنها "رسالة من النظام لقيادات العمل السياسي المعارض، لضمان تمرير التعديل الدستوري بهدوء من دون عقد أي صفقة تتضمن مقابلاً سياسياً، خصوصاً بعد رفض بعض القيادات الحزبية والنواب عرض المخابرات العامة لهم، بالصمت على تمرير التعديلات الدستورية، مقابل تخصيص نسبة من مقاعد مجلس النواب الجديد لبعض الأحزاب المعارضة. وهو العرض الذي كان قد نقله لهم النائب خالد يوسف، قبل أن يعلن هو شخصياً رفضه للتعديلات الدستورية، ثم تتفجّر إعلامياً قضية المقاطع الجنسية القديمة المتورّط فيها مع عدد من الفنانات، والتي وصلت إلى النيابة العامة وصدر فيها قرار بحظر النشر بعد سفره خارج البلاد".
وأضاف المصدر أن "الأجهزة الاستخباراتية والأمنية قررت، بما لا يدع مجالاً لأي حركة شعبية، منع نشر أي أطروحات في وسائل الإعلام ضد التعديلات الدستورية، أو أسلوب تعامل السلطة مع المشاكل المختلفة، وتوجيه الأموال وأوجه الإنفاق. كما تمّ التوسّع في عملية مراقبة الحسابات الإلكترونية للنشطاء، والتسلل إلى المجموعات المغلقة، ونشر الشائعات المساندة للنظام عبر اللجان الإلكترونية".
وأضاف المصدر أن "التعليمات الأخيرة لوسائل الإعلام تتضمن أيضاً ضرورة التركيز على ما يوصف بخطط الإخوان والإعلام المدعوم من قطر وتركيا لنشر الشائعات، بهدف تشكيك الرأي العام في كل ما يبلغه من معلومات، وللتعتيم على الحديث المتداول في صفحات التواصل الاجتماعي عن حملات الاعتقال أيضاً".