استبعد معلّقون إسرائيليون أن تفضي الجهود التي تبذلها المخابرات المصرية إلى استئناف العمل بتفاهمات التهدئة في قطاع غزة، بين حركة "حماس" وإسرائيل، محذرين من إمكانية اندلاع مواجهة شاملة قبل موعد الانتخابات التشريعية المقبلة في 9 إبريل/نيسان المقبل.
وقالت غيلي كوهين معلّقة الشؤون السياسية في قناة التلفزة الرسمية "كان"، مساء الجمعة، إنّ "كل الجهود التي بذلت حتى الآن؛ من أجل التوصّل لتفاهمات تفضي إلى تهدئة طويلة الأمد على طول الحدود لم تنجح"، مشيرة إلى أنّ إسرائيل تهدف من وراء حرصها على إحياء التفاهمات إلى "شراء الوقت" حتى إجراء الانتخابات.
ولفتت، في تعليق بثته القناة، إلى أنّ ما يفاقم الأمور صعوبة، حقيقة أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يعي تماماً أنّ التعاطي بإيجابية مع شروط "حماس" سيضرّ به انتخابياً، لا سيما في كل ما يتعلّق بالسماح بإدخال الأموال التي تقدّمها دولة قطر بهدف تحسين الأوضاع الإنسانية في القطاع، مشيرة إلى أنّ خصومه السياسيين سيصوّرون الأمر على أساس أنّه خضوع لـ"حماس".
ولفتت إلى أنّ نتنياهو سبق أن كلّف قيادة جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، بالعمل لدى القوى الإقليمية العربية للتدخّل من أجل محاولة التوصّل لصيغة تفاهم تفضي إلى التوصل لتهدئة، مضيفة أنّه "تبيّن أنّ كل ما أقدمت عليه إسرائيل من خطوات، وضمن ذلك إدخال الأموال، لم يسهم في النهاية في التوصّل لتهدئة".
وفي السياق، قال طال لفرام معلّق الشؤون العسكرية في صحيفة "معاريف"، إنّ الوقائع دلّلت على أنّ قائد حركة "حماس" في قطاع غزة يحيى السنوار "خصم صلب ومحكم، مقارنة بمن سبقوه في المنصب"، مشيراً إلى أنّ السنوار "يستغلّ ظروف إسرائيل الانتخابية، ويحاول دفع القيادة الإسرائيلية لتقديم تنازلات لحركته".
وفي تعليق نشره موقع الصحيفة، مساء الجمعة، لفت لفرام إلى أنّ "السنوار يدرك أنّ الحملة الانتخابية تفرض على الجيش الإسرائيلي قيوداً كبيرة، وهو ما دفعه لشد الحبل بشكل مدروس، وضمن ذلك استئناف عمليات الإرباك الليلي، وإطلاق البالونات الحارقة".
وأوضح أنّ "السنوار يضع حالياً إسرائيل أمام خيارات صعبة وتحديات جديدة"، مشيراً إلى أنّ "قائد حماس أدرك أنّ بإمكانه تحقيق مكاسب سياسية، حتى بدون الحاجة إلى خوض مواجهة شاملة مع إسرائيل، في حين أنّ خيارات نتنياهو تصبح أكثر صعوبة عشية الانتخابات".
وأضاف لفرام: "يعي نتنياهو حجم خيبة الأمل التي سادت في أوساط الجمهور الإسرائيلي عندما فضّل عدم التصعيد في أعقاب قيام حماس بقصف المدن الإسرائيلية في الجنوب في يوليو/تموز الماضي، وهو ما أدى إلى استقالة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان".
وتابع أنّ "هذا ما جعل نتنياهو يعتمد بشكل كبير على الدور المصري في إنجاز اتفاق التهدئة"، مستدركاً بالقول إنّه "في حال لم ينجح المصريون في آخر لحظة في إنجاز اتفاق تهدئة، فإنّ مواجهة واسعة ستندلع حتى قبل الانتخابات المنتظرة".
إلى ذلك، ذكر شلومو إلدار معلّق الشؤون الفلسطينية في موقع "المونتور"، إنّ "حركة حماس نقلت رسالة، مؤخراً، لإسرائيل مفادها بأنّه ليس وارداً لديها السماح بتأجيل إدخال الأموال إلى القطاع إلى ما بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية".
وفي تقرير نشره الموقع، اليوم السبت، لفت إلدار إلى أنّ الوسطاء الإقليميين يدركون أنّه لا يمكن لنتنياهو حالياً السماح بإدخال الأموال إلى قطاع غزة في حقائب، على اعتبار أنّ هذا سيمسّ بفرصه الانتخابية، وسيمثّل بالنسبة له "انتحاراً سياسياً".
من ناحيته، قال عاموس هارئيل المعلّق العسكري في صحيفة "هآرتس"، إنّ نتنياهو أمام خيارات "بالغة التعقيد"؛ فهو من ناحية يعي أنّ الرأي العام في إسرائيل سيرى في أي تخفيف عن الفلسطينيين في غزة مجرد "خضوع إسرائيلي"، وفي الوقت ذاته فإنّ عدم تقديم تسهيلات تحسّن الأوضاع سيؤدي لانفجارها، في نهاية المطاف.
وفي تقرير نشرته الصحيفة، أمس الجمعة، شدد هارئيل على أنّ نتنياهو مضطر لحسم خياراته واتخاذ القرار المناسب على الرغم من أنّه سيستغل من قبل خصومه وحلفائه الحزبيين، بحيث يتحوّل أي قرار بإدخال تسهيلات إلى قطاع غزة، إلى مادة للسجال الانتخابي.