عمليات "ولاية سيناء"... مؤشر لتمدد جغرافي

13 ابريل 2019
(خالد الدسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
شهد يوم الثلاثاء الماضي، اعتداءات متزامنة لتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، ضرب خلالها أهدافاً مدنية وعسكرية مصرية في كافة مدن محافظة شمال سيناء، من رفح وحتى مناطق غرب العريش. وأدت الاعتداءات إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى بينهم عسكريون ومدنيون، فيما لم تتمكن قوات الجيش والشرطة من الوصول لأي منفذ. في المقابل، أفاد متخصصون في شؤون الجماعات المسلّحة، أن "هذه الهجمات مؤشر على الانتشار الجغرافي للتنظيم، على الرغم من استمرار العملية العسكرية الشاملة التي أنهت عامها الأول منذ شهرين"، في فبراير/شباط الماضي.

ويوم الثلاثاء الماضي، استهدف التنظيم سوق مدينة الشيخ زويد موقعاً سبعة قتلى، بينهم أربعة عسكريين وثلاثة مدنيين منهم طفل، وأُصيب 26 شخصاً بجروح متفاوتة، وفقاً لبيان وزارة الداخلية المصرية. كما قُتل مُجنّدان في هجومين منفصلين بمدينة رفح، وضابط في تفجير مدرّعة على الطريق الدولي غرب مدينة العريش، بالإضافة إلى مقتل اثنين مدنيين رجل وابنه من عائلة برهوم في نفس الحادثة. كما قُتل مجند في تفجير عبوة ناسفة جنوب مدينة العريش، ليرفع إحصائية القتلى إلى أكثر من 13 قتيلاً، وعشرات الجرحى.

وجاءت الاستهدافات بعد هدوء نسبي ساد محافظة شمال سيناء خلال الأسبوعين الماضيين، في أعقاب الهجوم الدموي على كمين طريق مطار العريش، الذي راح ضحيته 16 عسكرياً بينهم ضباط. وكشفت الاعتداءات عن تحكّم التنظيم في إيقاع الأحداث الأمنية في سيناء، في حين أن قوات الأمن تطبق خططها المعتادة منذ بدء العمليات العسكرية قبل خمس سنوات. في المقابل، يكاد يغيب أثر العملية العسكرية الشاملة التي بدأت في فبراير 2018، في ظل الانتشار الجغرافي للتنظيم في كافة أنحاء سيناء، على الرغم من الكثافة العسكرية لقوات الجيش في الأشهر القليلة الماضية.

في السياق، رأى باحث في شؤون سيناء، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "هجمات يوم الثلاثاء الماضي أثبتت أن التنظيم ما زال يتمتع بقدرات عسكرية واستخباراتية، على الرغم من النشاطات العسكرية التي قام بها الجيش، بما تضمنت من قصف جوي وبري وبحري، ومداهمات واعتقالات. ما ينذر بفشل القوة العسكرية المصرية في مواجهة التنظيم ويؤسس إلى بقائه لسنوات مقبلة عدة".



وأضاف الباحث أن "الهجمات الأخيرة أظهرت تناسقاً بين ما حدث في سيناء، ومناطق أخرى في العراق وسورية والصومال، شهدت اعتداءات مماثلة  نفذها التنظيم، وكأنه تلقى أوامر محددة". ووفقاً للباحث نفسه "يستدعي ذلك تغييراً في المنهجية العسكرية المتبعة في سيناء من قبل قيادة القوات المسلحة المصرية، وإلا فإننا أمام استمرار معضلة تنظيم ولاية سيناء لسنوات أخرى".

وأفادت مصادر قبلية في مدينة الشيخ زويد، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الجيش المصري لم يتخذ أي إجراءات أمنية جديدة في أعقاب الهجوم الدموي التي تعرض له سوق المدينة الثلاثاء الماضي، على صعيد القيام بحملات عسكرية على مناطق تواجد التنظيم جنوب المدينة وغربها، أو تشديد الإجراءات على الكمائن والمحاور التي قد يكون تسلل منها الانتحاري منفذ العملية، والأشخاص الذين ساعدوه على تجاوز الكمائن العسكرية المحيطة بكل مناطق الشيخ زويد. في المقابل، يجري الحديث عن وجود تقصير يصل حدّ التواطؤ من بعض العناصر الأمنية المنتشرة في محيط المدينة، وعن وجود عدد من الأفراد كانوا برفقة المنفذ قبل وصوله لمكان التفجير، وقاموا بتصوير الهجوم قبل الانسحاب من المنطقة من دون الوصول لأي معلومة أو إشارة تدل عليهم".

وكشفت المصادر أن "حالة من الهلع عادت لتسيطر على المواطنين في مدن محافظة شمال سيناء، نتيجة استئناف التنظيم للاعتداءات بعد الهدوء النسبي الذي شهدته المحافظة أخيراً، خصوصاً في مراكز المدن كالشيخ زويد والعريش، في حين تبعث الهجمات الأخيرة القلق من إمكانية عودة نشاط التنظيم إلى ما كان عليه قبل بدء العملية العسكرية الشاملة (سيناء 2018)، بما يشمل حالة الفلتان الأمني داخل المدن المركزية في المحافظة، في مقابل ضعف أمني لدى قوات الجيش والشرطة في السيطرة الميدانية على المدن، ومنع وقوع هجمات التنظيم بشكل كامل أو حتى نسبي".
وكان الجيش المصري بدأ عملية عسكرية شاملة في فبراير 2018 أدت إلى تهجير آلاف المواطنين من مدينتي رفح والشيخ زويد، على أمل الرجوع إليها، في أعقاب قضاء الجيش على تنظيم "ولاية سيناء"، إلا أن التنظيم ما زال حاضراً في حين فقد المهجَّرون منازلهم وأرزاقهم نتيجة التهجير القسري الذي تعرضوا له تحت نار العمليات العسكرية للجيش. ولم يعلن الجيش عن انتهاء العملية.