وقال الباحث الليبي محمد عمران كشادة إنّ "ليبيا تعاني من أزمة عميقة ومن نزاع مسلح وما يحصل يهدد ليبيا والشعب الليبي"، مضيفاً أنّ "الحلول السلمية غائبة، وبالتالي الوضع معقد في الوقت الراهن، وفي وقت كان يجب فيه تطبيق اتفاق الصخيرات، وتنفيذ بنود الاتفاق السياسي وعقد مؤتمر وطني جامع".
وأعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا، في 4 إبريل/ نيسان الحالي، إطلاق عملية عسكرية لاقتحام العاصمة طرابلس، بينما ردّت حكومة "الوفاق" المعترف بها دولياً بإطلاق عملية "بركان الغضب"، لوقف أي اعتداء على العاصمة.
وجاءت عملية حفتر قبل أيام من انطلاق مؤتمر الملتقى الوطني الجامع بمدينة غدامس، جنوب غربي ليبيا، والذي كان مقرراً غداً الأحد، تحت رعاية الأمم المتحدة، بهدف حل الأزمة الليبية وإطلاق العملية السياسية.
وأوضح كشادة أنّ "الحرب الأخيرة التي يقودها خليفة حفتر تدفع بالوضع إلى مرحلة أكثر تعقيداً، وبالتالي ليبيا اليوم تعاني من أزمة عميقة، ومن صراع كبير مفتوح على كل السيناريوهات".
وقال كشادة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "ليبيا مفتوحة اليوم على كل السيناريوهات الممكنة من تدهور الوضع الأمني، وتزايد حجم الأحقاد، وتدني الوضع الاقتصادي، وبالتالي لا بد من دعم الحل السلمي في ليبيا، لأنّ الحسم السريع لقوات الثوار أمر صعب حالياً، نظراً لوجود مرتزقة وقوى إقليمية ودولية تؤجّج الصراع".
ورأى الباحث الليبي أنّ "الأنسب أن يتم وقف النار قريباً، ولكن يجب ألا يكون ذلك مرتبطاً بحرب جديدة، بل نحو الضغط لعقد مؤتمر وطني جامع، والذهاب إلى انتخابات في أقرب وقت ممكن".
وفي ضوء تعطّل الحلول السلمية والتوافقات حالياً، يشدد كشادة على ضرورة "لعب دول الجوار، وتحديداً تونس والجزائر، دورها من أجل تهدئة الأوضاع في ليبيا"، آملاً "أن يكون دورهما أكبر في الفترة المقبلة، نظراً لعدة عوامل ومنها القرب الجغرافي والترابط التاريخي".
وفي السياق، قال رئيس "مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية"؛ وزير الخارجية التونسي السابق رفيق عبد السلام، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ تونس "تحاول القيام بما تستطيع رغم أنّها لا تمتلك مفتاحاً سحرياً لحل الأزمة الليبية، ولكن موقفها واضح في دعم الشرعية في ليبيا والحكومة المعترف بها دولياً".
ورأى أنّه "لا بد من حوار سياسي وتوافق وتفاهمات في ليبيا، لا سيما أنّ النزاع المسلح قطع الطريق على الاجتماع الذي كان سيعقد غداً في مدينة غدامس الليبية، بغرض الوصول إلى حلول سياسية وتفاهمات، غير أنّ الصوت اليوم هو صوت السلاح"، مشدداً على "ضرورة تغليب لغة العقل، وانسحاب القوى التي جاءت من منطقة الشرق الليبي، لفسح المجال أمام الحلول السياسية للأزمة".
ويشدد عبد السلام على أنّه "لا حل عسكرياً للأزمة في ليبيا، لأنّ كل الأطراف تمتلك من القدرات العسكرية الكثير، ومن السلاح ما يمكّنها من المواجهة، غير أنّ أمد الأزمة سيطول أكثر، مما قد يؤثر على الوضع عموماً في ليبيا وعلى الاقتصاد، وسينعكس ذلك على التوازنات السياسية وعلى دول الجوار ومنها تونس".
ويصف الباحث الليبي محمد إسماعيل الوضع في ليبيا بأنّه "صعب وسيناريو حرب"، مشيراً إلى أنّ "هناك من يهجم ويعتدي وهناك من يدافع، والوضع معقد عند الشباب المندفع المتحمس للدفاع عن ليبيا المدنية، بينما توجد قوى مدعومة من الخارج".
ويرى إسماعيل، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، أنّ "على دول الجوار مضاعفة الجهود، وعلى البعثة الأممية أن تتحمّل مسؤولياتها لوقف الاعتداء على طرابلس، والتوصل إلى تسوية تدفع نحو التهدئة ووقف الاقتتال"، آملاً أن "تحقن الدماء في ليبيا وأن تعود آمنة مستقرة".
من جهته، يشير الباحث التونسي مهدي ثابت، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الوضع في ليبيا شديد الاحتقان، ودور دول الجوار كان يجب أن يكون أقوى وأكثر فاعلية، لإسكات صوت السلاح ولكن للأسف الجار الشرقي، وتحديداً مصر، بصدد عدم الدفع نحو الحل السلمي، بل دعم الاقتتال عكس الجزائر وتونس، رغم أنّ دورهما ليس في حجم انتظارات الشعب الليبي، إلا أنّهما يدفعان نحو التعقّل والحل السلمي".
وأعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، أنّ أعداد النازحين الفارين من القتال في العاصمة الليبية طرابلس ومحيطها وصل إلى 10 آلاف شخص مدني.
وأكدت أنّها "تواصل مراقبة التطورات على الأرض في ليبيا"، محذرة من أنّ "القتال يؤثر أيضاً على الوضع الاقتصادي، مع زيادة عمليات السحب النقدي من البنوك وتخزين السلع المتوقع أن يؤدي إلى تفاقم نقص السيولة وارتفاع أسعار السلع".