وعلى هذا الأساس، ستقوم الحكومة الألمانية، وفق ما تمّ الاتفاق عليه، بتمديد تراخيص ومعاملات التصدير المشتركة مع باريس ولندن، والتي يصدر قسمٌ منها إلى السعودية والإمارات، حتى نهاية ديسمبر المقبل، ومنها مثلاً قطع طائرات "اليورو فايتر"، والتي يتم تسليم حوالي ثلث الأجزاء منها إلى شركة الأسلحة البريطانية "بي آي إيه سيتسمز" من ألمانيا، لتتمكن من الوفاء بعقدٍ مبرم مع الرياض، لتصنيع 48 "يورو فايتر"، كما وصيانة الآلات والمعدات الموجود في المملكة.
إلى ذلك، تمّ تخفيف بعض القيود على بعض الصادرات الفرنسية. وبعدما كانت باريس طرحت قائمة من 16 مشروعاً، سمحت الحكومة الاتحادية بخمسة من المشاريع المسلحة فقط، بينها على سبيل المثال أن تقوم الشركات الألمانية بتزويد الشركات الفرنسية المصنعة بقطع غيار لأجهزة الرادار التي تحدد المواقع لسلاح المدفعية "كوبرا" وأجهزة الاتصال، وقد يتم تصديرها إلى المملكة من دون شروط، علماً أن المشروع مشترك بين "إيرباص" الفرنسية و"تاليس" ومجموعة "لوكهيد مارتن" الأميركية، وذلك بعدما كانت الحكومة الألمانية قد جمدت العام الماضي تصدير أربعة أنظمة "كوبرا" مع دخول وقف حظر التصدير حيز التنفيذ.
أما مجموعة "فونكه" الإعلامية، فأشارت أخيراً إلى أنه استناداً إلى مصادر حكومية، فإنه بات يمكن لفرنسا تصدير أسلحة ومعدات تشمل في تصنيعها قطعاً ألمانية، بقيمة تتجاوز 400 مليون يورو، ومنها إلكترونيات الآليات والمقطورات، وهو ما قد يساهم في تعزيز الإمدادات الألمانية لمشاريع التسلح الأوروبية، بعد التحذيرات التي أطلقت أخيراً من قبل الاتحاد الأوروبي بعدم إلحاق الضرر بالمشاريع المشتركة، فيما كانت ميركل في كل مرة تشدد على ضرورة عدم فقدان المصداقية في السياسة الأوروبية، بعدما أبدى في أوقات سابقة "الاشتراكي" تحفظاً تجاه هذا الطرح، مطالباً "الاتحاد المسيحي" بالالتزام بالمبادئ التوجيهية التي نصّ عليها اتفاق الائتلاف الكبير في مارس 2018، وبنتيجته دخل الائتلاف مجدداً، بعدما كانت المستشارة مهددة فعلياً بتعثر انطلاقة ولايتها الرابعة على رأس المستشارية.
كذلك، قضى الاتفاق المتوازن بين شريكي الائتلاف، بالتباحث مع الشركاء الأوروبيين بعدم استخدام الأسلحة المنتجة بشكل مشترك في حرب اليمن؛ لهذا، تريد الحكومة الانخراط في مشاورات مع الدول الأوروبية الأخرى، لمعرفة كيفية تطبيق الأمر على أرض الواقع، وحثها على التعاون لتلبية تلك المتطلبات، وهذا المطلب لا يزال غير واضح ومفهوم، إلا أن الآراء تفيد بأن الأمر قد يكون مرهوناً بالتهديد باستخدام حقّ النقض، أو سحب الموافقات الممنوحة، إذا ما سلمت أسلحة من هذا النوع لهذه الدول.
وفي هذا الاطار، ذكرت صحيفة "تاغس شبيغل" أخيراً أن الأمر ربما يكون مهماً بالنسبة إلى المستقبل، مشيرة إلى أنه في العام 2007، طلبت السعودية 72 طائرة "يوروفايتر"، وكان هناك مخطط لتجميعها بالكامل في البلد نفسه، وبقي الأمر طي المحادثات بين الطرفين، إلا أنه في العام 2018 كانت هناك طلبية من 48 طائرة "يورو فايتر تايفون"، ويتمّ تصنيعها في بريطانيا، علماً أن الشركة المصنعة لهذا النوع من الطائرات تقوم بتجميع بعض من طائراتها من نوع "هوك" في المملكة، ويعمل لديها حوالي ستة آلاف موظف.
من جهة ثانية، جاء الاتفاق إرضاءً للشركات الألمانية التي هددت باللجوء إلى المحاكم ومقاضاة الحكومة على خلفية قرارها المتخذ في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بهذا الخصوص، والذي تسبب بعد مرور عدة أشهر بأضرار وخسائر على شركات إنتاج الأسلحة والعتاد، وإخفاقها في ترتيب التزاماتها حيث بات موظفوها أمام خطر ترك الوظيفة، نتيجة للأعباء المادية الكبيرة التي باتت ترزح تحتها. كما عمد بعضها إلى إعلان النية بتسريح عدد من الموظفين مع بطء عجلة الإنتاج، وتم الآن تدارك الأمر نسبياً من قبل الحكومة، وسيتم العمل مثلاً على إيجاد حلٍّ لتحفيف الأضرار التي لحقت بحوض بناء السفن في ولاية مكلنبورغ فوربومرن الذي تأثر بتجميد صادرات الأسلحة، وقد يصار إلى السماح باستمرار التصنيع من دون تسليمها حالياً، أو ينبغي أن تعطى الفرصة للتصنيع لبناء القوارب لاستخدامها في ألمانيا.