موقع اللوائح
ويحاول رئيس لائحة "الجمهوريون" (اليمين الفرنسي) كزافييه بلامي، الحفاظ على المرتبة الثالثة، ويعتبر تجاوز نسبة 15 في المائة بمثابة اختراق كبيرٍ لهُ ما بعدَه، يشتد التنافس بين لوائح اليسار العديدة. وهنا تحاول لائحة "فرنسا غير الخاضعة"، تحقيق إنجاز برقمين، أي تجاوز 9 في المائة التي توجد فيها، كما لا يزال رئيسها جان لوك ميلانشون يأمُل في استعادة لائحته للإنجاز الذي حققه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ويشبه طموح ميلانشون طموح "الإيكولوجيين"، فقد جدّد يانيك جادو، الذي يرى أن كل اللوائح الموجودة تنفتح على موضوع الإيكولوجيا، الدعوة لـ"التصويت المفيد"، ويقصد بها جلب كل الأصوات التي يمكن أن تذهب إلى أحزاب قريبة، ويخصّ، في المقام الأول، ناخبي اليسار.
وإذا كانت هاتان اللائحتان تستطيعان انتزاع مقاعد بالبرلمان الأوروبي، فهذا الشيء غير مضمون، بالنسبة للاشتراكيين وحلفائهم، الذين يعانون الأمرَّين من أجل الوصول إلى 5 في المائة، وهو ما جعل القيادية اليسارية، كريستيان توبيرا، وزيرة العدل في حكومة الرئيس السابق فرانسوا هولاند، تخرج من صمتها، وتقرر الدخول في الحملة الانتخابية ودعم اللائحة الاشتراكية، ما أغضب كثيرين، ومنهم بونوا هامون.
كما أن الوضع يعتبر أكثر أسوأ بالنسبة لحركة "أجيال"، التي يترأسها هامون. وبالنسبة للحزب الشيوعي، فهاتان اللائحتان، اللتان فشلتا في الاتفاق على لائحة موحَّدة لدخول هذه الانتخابات، لم تتخطّيا 3 في المائة، إلى حد الآن.
اشتداد الصراع
لكن المواطن الفرنسي لم يعد يرى في هذه الحملة سوى الصراع على الصدارة بين لائحة ماكرون ولائحة اليمين المتطرف، أي ما يشكل امتداداً لمواجهة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وهو ما أثَّر سلباً على الأصوات والبرامج الأخرى، التي لا تجد صدى كبيراً، رغم حرص السمعي البصري على منحها الحق في التعبير وفي الدعاية.
ويشتد الصراع على الصدارة بكثير من العدوانية، خاصة بعد ظهور استطلاعات كثيرة للرأي تمنح الصدارة للائحة "التجمع الوطني" اليمينية المتطرفة، ونوعاً من الجمود للائحة "الجمهورية إلى الأمام"، ساهم فيه نشر موقع "ميديابارت" الإخباري تحقيقاً يُثبت أن ناتالي لوازو، رئيسة لائحة الأغلبية الرئاسية، لها ماضٍ يميني متطرف.
ماكرون يهب لنجدة لائحته
واكتشف الرئيس الفرنسي أن رسالته إلى الأوروبيين، والتي ضمّنها إيمانَه واقتناعه بالمصير الأوروبي الموحد، والتي نشرتها قبل أسابيع صحفٌ أوروبية عديدة، لم تحقق الغرض المطلوب. كما اكتشف أن استعانته بإيكولوجيين عديدين في قائمته، لم تحرّك كثيراً من الخطوط، ولهذا السبب قرر أن يدخل المعركة ويهاجم المتصدر لاستطلاعات الرأي. وكانت تصريحاته عنيفة، ومنها "نحن محتاجون إلى كل شيء، إلا أن تكون مارين لوبان في الصدارة"، أي أن تفوز بالانتخابات، وتأتي لائحته، وهو أوروبي الهوى، في المرتبة الثانية، مضيفاً أنه يضع "كل طاقته"، حتى لا تكون لائحة لوبان في الصدارة.
وقد أثار تدخل ماكرون في الحملة الانتخابية، انتقاد سياسيين معارضين كثر، إذ اعتبر رئيس حزب "اتحاد الديمقراطيين المستقلين"، أن الرئيس "يتصرف وكأنه رئيس حملة انتخابية"، في حين أن الهجوم الأكبر جاء من لوبان، التي اعتبرت ما يجري في هذه الانتخابات بمثابة استفتاء، وتساءلت: "هل سيمتلك ماكرون الجرأة إذا انهزم في الانتخابات أن يستقيل كما فعل الجنرال شارل ديغول؟".
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة "لوكنار أونشينيه"، أن ماكرون كان غاضباً في الاجتماع الوزاري الأخير، من المسار التي تأخذه الحملة الانتخابية، وأيضاً من جمود لائحته، وطالب رئيس الحكومة إدوار فيليب ووزراءه بالتحرك لدعم المرشحة ناتالي لوازو، وهو ما تمثّل في حضور فيليب تجمعاً انتخابيا، دافع فيه عن لوزاو وطالبها بالصمود وعدم الانتباه للانتقادات.
وتوالت التصريحات الحكومية، سواء من طرف وزيرة النقل إليزابيث بورن، أو من قبل وزير التعليم جان ميشال بلانكي وآخرين.
كما أن بنجامان غريفو، المنهمك في الاستعدادات لانتخابات بلدية باريس عام 2020، خرج من صمته وهاجم مارين لوبان، وعاب عليها عدم استقالتها، وهي التي خسرت في استحقاقات عديدة.
وإزاء هذا الصراع في المقدمة، والذي لم يتغير منذ أسابيع، لا تمتلك اللوائح الأخرى، إلاّ استهجان المسار الذي اتخذته، ومهاجمة المتصدِّرَين، وإن كانت مارين لوبان هي من يتعرض لأكبر الهجمات في الوقت الراهن.
فكزافيي بيلامي، رئيس لائحة "الجمهوريون"، الواعي بانحياز ناخبين عديدين، خاصة من أنصار آلان جوبيه، إلى حركة ماكرون، والذين يصعب استعادتهم، بسبب الخط المحافظ لحملته، وأيضاً بسبب الضمانة التي يشكلها إدوار فيليب، رئيس الحكومة، عضو "الجمهوريون" السابق، وأيضاً العديد من وزرائه المهمين القادمين من اليمين، لا يستطيع إلا أن يتجه يميناً ويحاول استعادة ناخبين استهوتهم زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي بخطابها الشعبوي المباشر، هي التي تتهم برنامجه الانتخابي بأنه نسخة من برنامجها.
Twitter Post
|
ويشبه موقف "الجمهوريون" موقف حركة "فرنسا غير الخاضعة"، التي بدأت في مهاجمة لوبان باعتبارها أخطر من ماكرون، خاصة أن بعض مواقف "التجمع الوطني" و"فرنسا غير الخاضعة" من الاتحاد الأوروبي، ومن السيادة، لا تختلف كثيراً، إضافة إلى محاولتهما، معاً، الاستفادة من دعمهما، بشكل أو بآخر، لحركة "السترات الصفراء".