في خطوة غير مسبوقة لجهة إبداء وزير دفاع دولة إسكندنافية رأيه في الأوضاع السياسية والانتخابية، ذهب وزير الدفاع الدنماركي، كلاوس يورت فريدركسن، صباح اليوم السبت، إلى التحذير من أن "حزب سترام كورس يشكل تحدياً للوضع السياسي الأمني للبلد". مشيراً إلى أن "مشاركة سترام كورس في الحملة الانتخابية (انتخابات البرلمان) تشكل خطراً على الدنمارك".
ويأتي التدخل اللافت لوزير دفاع كوبنهاغن في أعقاب حصول زعيم هذا الحزب سترام كورس اليميني المتطرف، راسموس بالودان، بعد أسابيع من السجال، رداً على ما يسمى "استفزازا للمسلمين"، وما تسبب من صدامات وأعمال عنف، على تأييد أكثر من 22 ألف مواطن، ليتمكن هذا الحزب من المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة التي ستجري هذا الصيف.
وكان بالودان، الذي يحمل صفة "محام"، حكم عليه في بداية إبريل/ نيسان، بالسجن مع وقف التنفيذ ودفع غرامة مالية، بسبب تصريحات عنصرية بحق شعب جنوب أفريقيا ونيلسون مانديلا، على خلفية لون البشرة واعتبار البيض "أكثر ذكاء منهم".
ورغم ذلك الحكم بناء على قانون مكافحة العنصرية، واصل بالودان خلال إبريل/ نيسان تحركاته في الشارع، مستغلاً تجمعات ومناطق يعيش فيها مهاجرون مسلمون ويساريون دنماركيون، والتظاهر بحماية شرطية مكثفة، والقيام بحرق ورمي القرآن في الهواء وتغطيته بلحم الخنزير المقدد، ما أثار موجة انتقادات بحقه، شارك فيها حتى ساسة يمين الوسط، وخصوصاً رئيس الوزراء الليبرالي، لارس لوكا راسموسن، الذي عبّر عن "الحزن لتمكن هذا الحزب من الحصول على تأييد المشاركة في انتخابات البرلمان". وقال راسموسن "أتعهد أنه سيكون هدفاً لي في الحملة الانتخابية".
وبناء على هذه الخلفية كما يبدو، جاء تصريح وزير الدفاع، المنتمي لحزب رئيس الوزراء ذاته في يمين الوسط، الذي أطلقه صباح اليوم خلال لقاء مع التلفزيون الرسمي الدنماركي، دي آر، وعبر فيه عن "الخوف من أن يتم استغلال استفزازات (رئيس الحزب راسموس) بالودان ومواقفه من قبل أطراف وأشخاص، بما يسيء لأمن ومصلحة الدنمارك".
ورغم أن وزير الدفاع اعترف بمخاوفه من أن "نصبح أمام حالة شبيهة بأزمة رسوم (النبي محمد)، إلا أنه قال إنه لا يملك حلولاً. وأضاف "أريد أن أرفع صوتي محذراً من أن الأمور يمكن أن تتطور إلى أمور مزعجة جداً".
ووصف فريدركسن (وهو سياسي قبل أن يتبوأ منصبه، وليس عسكرياً) الموقف قائلاً إنه "حين أرى تصرفات راسموس بالودان الغبية، واستفزازاته الكثيرة، وأنظر إليه حين يقف مع القرآن ولحم الخنزير المقدد، أفكر بأن ذلك سيقود إلى مخاطر من خلال استغلال البعض للتصرفات ونفخ الروح في العداء للدنمارك. وتلك أمور يمكن أن يساء استغلالها لرسم صورة رهيبة عن الدنمارك حول العالم".
وتتسع خشية وزير الدفاع من آثار مشاركة حزب متطرف، يدعو إلى حظر الإسلام تماماً واحتجاز المسلمين في معسكرات ترحيل وطرد 750 ألف مهاجر وسحب الجنسيات منهم، إلى حدّ تحذيره من استغلال هذا الوضع من قبل "دول أجنبية تتدخل في الانتخابات الدنماركية من خلال نشر أخبار مزيفة للتأثير على انتخاباتنا، رغم أن جهاز الاستخبارات استبعد وجود حملة للتدخل فيها".
وأضاف الوزير الدنماركي في هذا السياق أنه "يمكن تصور استغلال أحداث عفوية بدأت تظهر كما حدث في أعمال الشغب في منطقة نوربرو". وهو يشير بذلك إلى الصدامات التي تسبب بها غضب شبان مسلمين ويساريين في منطقة نوربرو، حين أصر بالودان برفقة البعض على التظاهر في تلك المنطقة ورمي القرآن في الهواء، ما أدى إلى تدخل أمني كبير واحتراق عدد من السيارات والحاويات في تلك الأعمال الاحتجاجية.
وأكد فريدركسن أن بلده عمل على الاستفادة من تجارب التدخل في الانتخابات الأميركية والفرنسية، لمنع التدخل في الانتخابات المقبلة.
وحذر وزير الدفاع الدنماركي من تصرفات زعيم الحزب، بالودان، واصفاً الأمر بأنه "ورطة تجد الدنمارك نفسها في وسطها"، فـ"جنون حين تقوم بتمزيق القرآن وهدفك الوحيد هو استفزاز الناس. وتلك مهمة يجب على جهاز الاستخبارات التصرف حيالها ومعرفة ما يدور في البلد، أريد التحذير من أننا سنجد أنفسنا محاصرين بمثل هذه التصرفات".
من جهته، عقب رئيس حزب سترام كورس، راسموس بالودان، على أقوال الوزير وتحذيراته بالقول للقناة التلفزيونية، دي آر، إنها "تحذيرات من دون أساس". واعتبر أن "أزمة الرسوم الكاريكاتورية بحق النبي محمد لم تكن سوى تعبير عن أزمة سياسية داخلية لدى الحكومات العربية ولا علاقة لها بما جرى".