تعيش محافظة نينوى شمالي العراق، منذ تحريرها نهاية عام 2017 من سيطرة تنظيم "داعش"، أوضاعاً سياسية وأمنية واقتصادية سيئة، وخاصة عاصمتها المحلية الموصل، في ظل صراع سياسي محتدم للفوز بمنصب محافظها الشاغر، منذ إقالة نوفل العاكوب على خلفية فاجعة عبّارة دجلة، التي راح ضحيتها عشرات المدنيين، قبل نحو شهرين من الآن.
وتدار المحافظة حالياً من خلية أزمة، شكّلها رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على خلفية حادثة عبّارة دجلة، وتسلّمت مهام إدارة المحافظة بعد إقالة المحافظ، وهم كل من رئيس الجامعة مزاحم الخيام، وقائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري، وقائد الشرطة حمد نامس الجبوري، ويتولى الثلاثة إدارة المحافظة بصلاحيات محافظ، لحين تسمية محافظ رسمي.
وبعد وصول عدد المرشحين لمنصب المحافظ إلى أكثر من 40 مرشحاً، يجري الحديث عن صفقات سياسية ودفع أموال طائلة للحصول على المنصب، والسيطرة على إدارة المحافظة.
وقال مسؤول محلّي في الموصل لـ"العربي الجديد"، إنّ "قوى سياسية مختلفة دخلت على خط أزمة تسمية المحافظ الجديد، وتعمل بشتى الطرق للاستحواذ على المنصب"، مؤكداً أنّ "القوة الأبرز حالياً هي الحشد الشعبي، كما أنّ الكرد يسعون من جهتهم لإيصال شخصية على الأقل متوافقة معها"، مشيراً إلى أنّ "مغريات مالية وسياسية تجري بالخفاء للاستحواذ على المنصب، وسط غياب لرأي أهل الموصل".
وأشار المسؤول ذاته إلى أنّ "هذا التنافس المحموم أربك المشهد السياسي بالمحافظة، وأثّر سلباً على أمنها"، مؤكداً أنّ "جهات أخرى تسعى لمقابلة عبد المهدي وتقديم طلب رسمي لإبقاء إدارة المحافظة بيد خلية الأزمة"، مرجحاً أن يقود هذا التنافس إلى أن تبقى خلية الأزمة المشكلة في المحافظة لحين انتخابات نهاية العام الجاري، وهو ما يفضله الأهالي حالياً بسبب الخوف من أن استمرار التنافس السياسي سيدفع إلى وضع مترد أكثر بالمحافظة.
ولم ينجح البرلمان خلال جلستين متعاقبتين في إقالة حكومة الموصل المحلية، إذ أجّل هذه الفقرة رغم الطلب الرسمي الموقع من عدد من النواب، في وقت لم تبتّ المحكمة الاتحادية بالطعن الذي قدمه المحافظ المقال نوفل العاكوب بقرار إقالته.
وانعكس الواقع السياسي على الأمني، إذ شهدت المحافظة أخيراً تفجيرات وأعمال عنف، بينما يحذّر مسؤولون من عودة "داعش" لمناطق غربي المحافظة، الأمر الذي دفع نواباً عنها بالمطالبة بإعلان حالة الطوارئ.
النائب عن محافظة نينوى خالد العبيدي، أكد أنّ "استمرار الأوضاع الخطيرة والمتردية على الصعيد المجتمعي والاقتصادي والسياسي في محافظة نينوى ينذر بعواقب وخيمة، وخاصة مع إصرار الدخلاء على خلط أوراق المحافظة لغايات مشبوهة ومصالح إقليمية وسياسية ومالية"، داعياً في بيان صحافي الحكومة إلى "اتخاذ قرار شجاع ومسؤول ودون تباطؤ، بإعلان تطبيق قانون السلامة الوطنية في نينوى".
وأضاف أنّ "تحقق شروط تطبيق هذا القانون متوفرة، ومن بينها تهديد الاستقرار السياسي والمجتمعي المتمثل بعدم أهلية مجلس المحافظة على القيام بواجباته بطريقة مهنية وشفافة، فضلاً عن التجاوز المسكوت عنه على السيادة الوطنية وحدود الدولة، والمتمثل بقيام عناصر حزب العمال الكردستاني (المصنف تنظيماً إرهابياً) باحتلال قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى، والتحكم بأوضاعه السياسية والمجتمعية"، مشيراً إلى أنّ "دعوتنا هذه تمثل خطوة أولى لتنبيه الحكومة العراقية عمّا يجري من خروقات سياسية واجتماعية ومالية في نينوى، واقتراح حلول للإسراع بتطبيق قانون السلامة الوطنية".
وحذّر من "استمرار الحكومة باللامبالاة وعدم اتخاذها إجراءات واضحة لنزع فتيل الاحتقان الذي تعيشه نينوى، ومنع الدخلاء من اللعب بمصير أهلها"، مشدّداً على أنّ "كل ذلك سيدفعنا ومعنا على الأقل 17 نائباً من المحافظة إلى اتخاذ خطوات عملية تبدأ من قبة البرلمان، وقد تستمر حتى الشارع الموصلي".
كما حذّر النائب عن المحافظة فلاح حسن زيدان، من محاولات فرض الإرادات على الموصل، مؤكداً أنّ "بعض الشخصيات السياسية يحاولون فرض محافظ على نينوى"، مبرزاً أنّ "تلك المساعي تخالف توجهات أهالي وقادة المحافظة، والجهود التي تريد اختيار محافظ نزيه وكفء لإدارتها".
وشدّد على "ضرورة وقف تلك التدخلات فوراً، وترك موضوع اختيار المحافظ إلى أهالي الموصل وممثليهم"، مؤكداً: "سنقف بالمرصاد بوجه أي صفقة تعقد بهذا الإطار".