وأما باقي المكونات، من اشتراكيين وشيوعيين ومن أحزاب يسارية أخرى، فلم تشارك في الانتخابات الأخيرة، ومنها "الحزب المناهض للرأسمالية"، إذ لا ترى بديلاً من البحث عن صيغة ما للتحالف، وإلا فإن الانتخابات البلدية سنة 2020 ستكون مدمرة، كما أن الانتخابات الرئاسية سنة 2022 ستشهد جولة أخرى من مبارزة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيسة حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، مارين لوبان. وهو ما حذّر منه، أمس، المتحدث السابق باسم "الحزب المناهض للرأسمالية"، اليساري، أوليفيي بوزانسنو، في ظلّ رفض ميلانشون، المتكرر، التقاط أيدي كثير من اليساريين الممدودة.
وإلى حد الساعة، وبعد مرور أسبوعين على الانتخابات الأوروبية، لا يتطرق "الخضر"، صراحة، إلى وحدة اليسار، ولم يعودوا يتحدثون، كما السابق، عن كونهم من اليسار. بل ولا يخفون طموحاتهم، التي تتجاوز قدراتهم، في خطف بلدية باريس من اليسار الاشتراكي.
ويعبر رئيس لائحة "الخضر"، يانيك جادو، رجل البيئة القوي، والشخصية الأكثر شعبية في فرنسا، هذه الأيام، عن رغبته في جعل باريس "عاصمة خضراء". وهو ما يعني رغبته في خوض المعركة، ضد الجميع، ضد الاشتراكيين الذين لا يريدون التضحية بهذه المدينة وهذا المنصب الشرفي الرفيع، وضد الأغلبية الرئاسية التي تريد الاستيلاء على العاصمة لتعبيد الطريق أمام إيمانويل ماكرون للبقاء خمس سنوات إضافية في قصر الإيليزيه، وضد تحالف محتمل، يدافع عنه بعض اليمينيين مع أنصار ماكرون، للتخلص من العمدة الاشتراكية آن هيدالغو.
وإذا كان جان لوك ميلانشون عوّل قبل الانتخابات الأوروبية، مدعوما باستطلاعات رأي، على تحقيق فوز كبير يجعل مكونات اليسار تقبل بالتحالف معه وفق شروطه؛ فقد وجد نفسه في نفس موقع الاشتراكيين ونفس عدد نوابهم في البرلمان الأوروبي، وهو ما جعل المكونات اليسارية الأخرى ترى أنه مكون مثل باقي المكونات، وبالتالي فلا داعي للهيمنة.
إذن فـ"الخضر"، ووفق نتائج الانتخابات الأخيرة، هم من يستطيع لعب دور القاطرة لهذا اليسار المتعدد.
ذلك ما اعترف به رئيس لائحة "الحزب الاشتراكي- ساحة عامة"، رافائيل غلوكسمان، حين أعلن، أمس الأحد، موافقته على السير خلف رئيس لائحة "الخضر" من أجل المساعدة على إحياء وحدة اليسار. ورأى غلوكسمان أن جادو هو الأقدر، في الوقت الراهن، على تجميع اليسار، ما دام أنه الحزب اليساري الذي خرج منتصرا في الانتخابات الأخيرة، وأنه "أمام مسؤولية واسعة".
واعتبر غلوكسمان، أيضا، أن من الضروري التحدث ومد اليد إلى جان لوك ميلانشون، لأن "مكان فرنسا غير الخاضعة هو وحدة اليسار"، على الرغم من أن جاك لوك ميلانشون يصر من فترة طويلة على إشهار "الشعب" قبل "اليسار"، وهو ما جرَّ عليه اتهامات بالشعبوية، وأيضا تأكيده على رفض الاتفاقات التي تُعقد بين رؤساء تشكيلات يسارية، مفضِّلاً عليها التحدّثَ، مباشرة، إلى ناخبي اليسار، وهو ما لم يؤت أكله في الانتخابات الأوروبية، على غرار ما أنجزه في الدورة الأولى من رئاسيات 2017، حين صوّت عليه ما يقرب من 20 في المائة من الناخبين، بمن فيهم أغلبية ساحقة من ناخبي اليسار.