ألمانيا: اليمين الشعبوي يتقدم وسط تخبط الأحزاب التقليدية

12 يونيو 2019
"البديل" يستفيد من تراجع الأحزاب التقليدية (توبياش شوارتز/فرانس برس)
+ الخط -
بيّن استطلاع للرأي لمعهد "انفراتست ديماب" أخيراً أن حزب "البديل من أجل ألمانيا"، اليميني المتطرف بات أبرز قوة في ولاية براندنبورغ، التي تحيط بالعاصمة برلين، وذلك قبل 3 أشهر من الانتخابات البرلمانية الإقليمية التي ستشهدها الولاية، مع كل من ولايتي تورينغن وسكسونيا الشرقيتين أيضاً.


وبيّن الاستطلاع أن "البديل" جاء أولاً بنسبة 21 %، يليه "الاشتراكي الديمقراطي" بـ 18% بتراجع 4 نقاط، فيما استفاد "الخضر" وراكم عدة نقاط ليتساوى مع "المسيحي الديمقراطي"، الذي خسر 3 نقاط. وحل الحزبان في المرتبة الثالثة بنسبة 17%، واليسار رابعاً بنسبة 14 %، و"الليبرالي الحر" بنسبة 5% من الأصوات.
وبذلك تكون نذر الانتخابات البرلمانية الإقليمية في الولايات الشرقية تنبئ بالأسوأ لأحزاب الائتلاف، ما قد يؤشر بتولي "البديل" أول رئاسة حكومة، لاسيما أن البيئة ليست قضية أساسية في الولايات الشرقية، وحزب "الخضر" يمكن أن يحقق مكاسب طفيفة فقط لأنه لا يزال ينظر في تلك الولاية إلى حماية المناخ كمصدر قاتل لفرص العمل.

وتعود أسباب الصعود المستمر في استطلاعات الرأي لحزب "البديل" في الولايات الشرقية، إلى أن الأحزاب التقليدية التي تقود الائتلاف الحاكم فقدت ثقة الناخبين هناك، بعد أن رفضت سابقاً الدفاع عن الاستثمار في المناطق الريفية التي تعاني من نقص في الأموال.

وفجـأة تم توجيه ملايين اليوروهات لإسكان ورعاية اللاجئين ما زاد من النقمة والاستياء، وهذا ما فسح المجال لـ"البديل" للعب وبذكاء على وتر الأزمات الاجتماعية للمواطنين ومنها انخفاض مستوى الأجور والبنية التحتية والنقل والرعاية وغيرها. والآن تلهث أحزاب الائتلاف الحاكم وراء قضايا المناخ وحماية البيئة في محاولة لتبني سياسة شبيهة بحزب "الخضر" الذي يحلق بعيداً في استطلاعات الرأي الأخيرة، متفوقاً على "المسيحي الديمقراطي" و"الاشتراكي الديمقراطي".
يأتي ذلك في مرحلة يعاني فيها "الاشتراكي" من عدم الاستقرار بعد استقالة زعيمته اندريا ناليس، وحيث يُقاد الحزب حالياً من قبل ثلاثة مسؤولين لفترة انتقالية، ناهيك عن الصراع المستجد بين جيلين مختلفين في صفوفه.
في غضون ذلك، ما زال "المسيحي الديمقراطي" يجادل في سياسة الهجرة وبعض النزاعات الكلاسيكية بين جناح العمال ورجال الأعمال في صفوفه، بدلاً من التركيز على موضوعات أساسية بينها الأعمال التجارية والرقمنة والذكاء الاصطناعي والأمن وحماية المناخ واستدامته.
توازياً بدأت تعلو داخل الحزب الأصوات المطالبة بالاعتماد على كفاءة فريدريش ميرز، المنافس السابق لانغريت كرامب كارنباور على زعامة الحزب، وهو ما يركز عليه الجناح اليميني داخل الحزب.
في وقت تكافح كارنباور للحفاظ على حضورها القوي كزعيمة للحزب، وهي التي لم يمر على تسلمها القيادة من المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل سوى ستة أشهر، ورغم ذلك زادت الشكوك أخيراً حول قدراتها ومدى ملاءمتها للمنصب.

ورغم أنها تلقت الإشادة في البداية بحنكتها في التواصل والتمايز نسبياً عن سياسات المستشارة التي كانت محل انتقاد لاذع من خصومها في السياسة، إلا أنها تواجه مشكلة تواصل مع الجيل الأصغر في الحزب وبات عليها إثبات نفسها كزعيمة حقيقية.