ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، اليوم الجمعة، أن مسؤولين أميركيين خلصوا إلى أن الهجوم بطائرات مسيرة على صناعة النفط السعودية في شهر مايو/أيار الماضي كان مصدره العراق، وليس اليمن، مما دفع مسؤولين عراقيين لمطالبة واشنطن بمزيد من المعلومات والأدلة التي تدعم هذا الزعم.
وقالت الصحيفة إن مسؤولين أميركيين مطلعين على معلومات المخابرات بشأن الهجمات التي تمت بطائرات مسيرة في مايو، قالوا إن مصدرها جنوب العراق، موضحة أن ذلك يشير على الأرجح إلى فصائل بالمنطقة مدعومة من إيران، في إشارة إلى بادية السماوة بمحافظة المثنى الحدودية مع السعودية والواقعة على بعد 200 كم جنوبي بغداد.
ووقع الهجوم على خطّ الأنابيب شرق - غرب الذي ينقل النفط السعودي من حقول النفط بالمنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي. وتصل قدرة خط الأنابيب إلى خمسة ملايين برميل يومياً.
وقال وزير الطاقة السعودي، خالد بن عبد العزيز الفالح، حينها، إن محطتي ضخ لخط الأنابيب شرق - غرب الذي ينقل النفط السعودي من حقول النفط بالمنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على الساحل الغربي تعرضتا لهجوم من طائرات مسيّرة مفخخة.
وأضاف الوزير، بحسب ما نقلته عنه وكالة الأنباء السعودية (واس)، أن حريقاً نشب نتيجة الهجوم، الذي وقع بين الساعة السادسة والسادسة والنصف من صباح الثلاثاء، في المحطة رقم 8، وأنه خلف أضراراً محدودة، بعد السيطرة عليه.
وكان موقع تابع لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) قد قال إن "سلاح الجو المسير التابع للجيش واللجان الشعبية نفذ الثلاثاء عملية عسكرية كبرى ضد أهداف سعودية".
وأكد مصدر عسكري للموقع التابع لقناة "المسيرة"، أن "7 طائرات مسيرة نفذت هجمات طاولت منشآت حيوية سعودية".
في المقابل، قال مسؤول عراقي بارز في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن المعلومات التي تتحدث عن انطلاق مُسيَّرات (طائرات مسيرة) من العراق وضربها مواقع سعودية وصلتنا منذ السبت الماضي على لسان مسؤولين أميركيين، وقد طالبناهم بدليل يثبت ذلك لنتحرك"، مؤكدا أن واشنطن "لم تقدم لا صور جوية ولا أدلة ملموسة لرادارات أو مشاهدات على ذلك والجيش العراقي نفى بدوره رصده أي نشاط على الحدود مع السعودية"، مبينا أن العراق ما زال ينتظر دليلا على ذلك.
ويرتبط العراق بحدود برية مع السعودية تبلغ أكثر من 800 كم تبدأ من محافظة الأنبار غربي العراق المقابلة لعرعر السعودية وتنتهي بمحافظة المثنى الحدودية مع البصرة والمقابلة لمنطقة رفحاء السعودية، وهي منطقة صحراوية قاحلة غير مأهولة في الجانب العراقي تعرف باسم بادية السماوة وتعتبر منطقة نشطة لعمليات تهريب النفط وتمركز الفصائل المسلحة خاصة في منطقة نقرة السلمان.
بدوره، كشف النائب العراقي السابق، مشعان الجبوري، عن أن هناك معلومات خطيرة تفيد بانطلاق بعض الطائرات المسيرة التي قصفت المنشآت النفطية في السعودية من العراق. وأوضح خلال مقابلة تلفزيونية بأن "الولايات المتحدة أخبرت سراً رئيس وزراء البلاد، عادل عبد المهدي، بأنها حددت نقطة انطلاق بعض الطائرات المسيرة من العراق، والتي قصفت منشآت نفطية في السعودية".
ورد عبد المهدي على تصريحات الجبوري في مؤتمر صحافي بعد أيام خلال جوابه عن سؤال من أحد الصحافيين قائلا إنّ "الأميركيين تحدثوا عن انطلاق الطائرة التي استهدفت الأراضي السعودية من الأراضي العراقية، لكن كل أجهزتنا الاستخبارية وكل قواتنا لم ترصد ولم يثبت لها هذا الشيء".
وأوضح عبد المهدي: "عندما نتكلم عن مثل تلك الطائرات فإنها إذا انطلقت من العراق تحتاج إلى 975 كيلومتراً، أما إذا انطلقت كما ادعت حركة أنصار الله فإنها تحتاج إلى 600 كيلومتر فقط".
الهجوم إيراني لا عراقي
في السياق ذاته، قال عضو جمعية المحاربين القدامى والخبير العسكري العراقي محمد العبيدي بأنه في حال تأكد انطلاق الطائرات المسيرة من العراق فهذا يعني أن تطورا كبيرا بقدرات الفصائل العراقية المسلحة وتقنية متقدمة حصلت عليها.
وأضاف العبيدي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أي طائرة مسيرة لا تستطيع التحليق أكثر من 50 كم إلا إذا كانت بجناح ثابت ومحرك نفاث يعمل على الوقود وليس الكهرباء المخزنة، وأن تكون حمولتها من المتفجرات متوازنة مع حجم الطائرة، بمعنى أن عرض الجناح لا يقل عن 60 سنتمتراً للقنابل من زنة 8 كغ المحملة على جسم الطائرة، كما أنه يتطلب غرفة تحكم عن بعد، وهذا يعني أن الفصائل لو هاجمت فهو هجوم إيراني، لأن الجيش العراقي لا يملك هذه التقنية حتى نقول إنها تسللت للمليشيات".
وبين أنه في حال تقدم الأميركيين أو السعوديين بدليل "فسيكون عادل عبد المهدي (رئيس الوزراء) في وضع محرج"، لافتا إلى أن المسؤولين العراقيين ما زالوا يعتقدون أن الولايات المتحدة تحاول حشرهم في ملفها مع إيران ومنها هذا الادعاء لكن يبقى السؤال هل سيكون هناك ما يثبت انطلاق الطائرات من العراق نحو السعودية.