وفي شهر فبراير/شباط الماضي، أقسم ناشطون معارضون في الجزائر، على ألا يحل عيد الفطر هذا العام وبوتفليقة في الحكم. شكّل هذا القسم تحدياً لواقعٍ سياسي لم يكن يميل إلى هذه الفرضية مطلقاً، لكنه تحقق فعلاً.
وفي الثاني من إبريل/نيسان الماضي، قدّم بوتفليقة استقالته، استجابةً لضغوطٍ من الجيش، وعلى خلفية تظاهرات شعبية بدأت في 22 فبراير/شباط، مطالبة بعدم ترشحه لولاية رئاسية خامسة، وبرحيله عن المشهد السياسي، إثر انتخابات كانت ستجرى في 18 إبريل/نيسان الماضي.
وعشية عيد الفطر، وجّه وزير الشؤون الدينية كلمة مقتضبة للجزائريين هنأهم فيها بحلول العيد كما اعتاد أن يفعل كل وزيرٍ جزائري للشؤون الدينية، لكن اهتمام الجزائريين لم يكن مركزاً على الوزير الجديد، ولا على مضمون كلمته، بل على الصورة التي خلفه، وهي لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح، بدلاً من بوتفليقة.
وصباح اليوم الثلاثاء، في أول أيام عيد الفطر المبارك بالمسجد الكبير، لم يكن بوتفليقة حاضراً في الصف الأول كما اعتاد عليه الجزائريون منذ العام 1999، واختفت أيضاً جملة من الترتيبات الأمنية المعقدة والمبالغ فيها في محيط المسجد الكبير بالعاصمة الجزائرية عشية وصباح العيد التي كانت ترافق تأمين موكب الرئيس السابق، إذ جاءت الترتيبات التي اتخذت لتأمين موكب رئيس الدولة بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي أقل بكثير من تلك التي كانت تخصص لبوتفليقة والجهاز التنفيذي في الدولة.
ويبدو ذلك جزءاً من تداعيات وإفرازات الحراك الشعبي في الشارع الذي أسقط هالة من القداسة السياسية على الرئيس ورئيس الحكومة في مثل هذه المواقف، لكن هناك سببا آخر يدعو إلى ذلك، وهو السماح لأكبر قدر ممكن من المواطنين لتأدية الصلاة مع الطاقم الرئاسي والحكومي، تفادياً لمقاطعة من قبل المصلين واستجابة لدعوات وجهها ناشطون في الحراك الشعبي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تدعو الي مقاطعة تأدية صلاة مع الرئيس والحكومة تكريساً لمقاطعة سياسية ومدنية ضد بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي والوزراء والمطالبة برحيلهم من الحكم.
هكذا، عيّد الجزائريون هذا العام من دون رئيسٍ للجمهورية، وبرئيس دولة مرفوض شعبياً وسياسياً، وهم يطمحون الى أن يستكمل الحراك الشعبي والسياسي مساره باتجاه يتيح لهم اختيار للمرة الأولى، وبإرادة شعبية كاملة ومن دون وصاية من الجيش، رئيس جمهورية يحظى بشرعية شعبية.