وبحسب النتائج غير الرسمية ذاتها، التي صدرت مساء اليوم الأربعاء، فإن معسكر اليسار ويسار الوسط حققا تقدماً تاريخياً بحصولهما على أكثر من 95 مقعداً من أصل 179، لا سيما كتلة أحزاب اليسار الدنماركي، التي شكلت تحدياً كبيراً خلال 29 يوماً من الحملة الانتخابية، لمعسكري اليمين والشعبويين.
وحصل يمين الوسط، وفق نتائج الخروج الأولية، على أقل من 80 مقعداً؛ ما يعني أنه لن يستطيع تشكيل حكومة وسط بتراجع أحزاب الكتلة، وخصوصاً حزب التحالف الليبرالي. والمفاجأة التي حصلت مساء اليوم تتمثل بدخول الحزب الديمقراطي المسيحي للمرة الأولى منذ 14 عاماً.
وكان الدنماركيون توجهوا بكثافة، على مدى 12 ساعة، من الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساء بالتوقيت المحلي، إلى 1383 مركزاً انتخابياً للإدلاء بأصواتهم في انتخابات حاسمة لتقرير مصير حكومتهم القادمة على مدى السنوات الأربع التالية. فوفقاً للنتائج الأولية المشار إليها، بلغت نسبة المشاركة نحو 86 في المائة، وهو ما عولت عليه الأحزاب اليسارية في حثها المواطنين على التصويت بكثافة.
ولوحظ أن مسلمي الدنمارك بدوا وكأنهم يتجهون لصحوة انتخابية غير مسبوقة، ففي صلاة العيد بمدينة آرهوس، ووسط حضور المئات، فوجئت الصحف ووسائل الإعلام المحلية بدعوات صريحة للمواطنين المسلمين إلى "الخروج بكثافة للإدلاء بأصواتهم بدل ترك الأمر للأحزاب المتشددة". وكانت الأيام الماضية شهدت المزيد من المبادرات الشبابية العربية لممارسة "حق وواجب الانتخاب وعدم التحول إلى الهامش والفرجة على ما يجري من سجالات حول مصيرهم"، بحسب مبادرة عربية-فلسطينية بمسمى "هيا بنا إلى التصويت بدل التصويت عنا".
وراهن حزب اللائحة الموحدة، المعروف بمواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية، بشكل كبير على جذب أصواتهم، ومثله راهن السياسي ووزير التعليم السابق وزعيم حزب "راديكال فينسترا"، مورتن أوسترغورد، على أصوات المواطنين من أصول مهاجرة، مؤكداً لـ"العربي الجديد" سعادته بتلك المبادرات. واعتبر اوسترغورد أن الخروج إلى التصويت "هو رد عملي على التعصب القومي وعلى الجماعات العنصرية التي تستهدف شطب حقوق فئة كبيرة من المواطنين".
وبانتظار النتائج النهائية بعد منتصف الليل، وفجر غد الخميس، يبدو أن الدنمارك تكسر بتصويتها يساراً كل مراهنات شعبويي القارة الذين اعتبروها مثلاً يحتذى في ظل تشدد سياسات حكومة يمين الوسط بضغط من الحزب الشعبوي "حزب الشعب الدنماركي"، الذي ركز في استهدافاته خلال الأشهر الماضية على اللاجئين السوريين، واستخدم زيارته ضمن وفد رسمي إلى دمشق ولقاءات بمسؤولين هناك مثالاً للتبشير بأن "الأوضاع في سورية آمنة" ويمكن إعادة اللاجئين إليها.
ويأمل كثيرون أن تتغير حكومة يمين الوسط، أو على الأقل إنهاء نفوذ اليمين المتشدد، باتجاه حكومة يسار وسط، وتطبيق وعود انتخابية عديدة على صعيد الأوضاع الداخلية، لا سيما ما خص مخاطر سحب إقامات اللاجئين بصفة مؤقتة، وهو الذي باشرت به حكومة يمين الوسط قبل أسابيع من الذهاب إلى هذه الانتخابات.