بعد أكثر من سبعة أشهر على توقيع اتفاق استوكهولم بشأن مدينة الحديدة اليمنية، تعود مفاوضات التنفيذ مجدداً، إلى ظهر السفينة التي استأجرتها الأمم المتحدة في البحر الأحمر، لتؤكد من جديد عمق الأزمة وعودتها إلى المربع الأول، باعتبار المدينة وموانئها غير آمنة لاستضافة الاجتماعات. عمدت الأمم المتحدة إلى استئجار السفينة بمبالغ باهظة، في فبراير/شباط الماضي، كحيلة لجأ إليها رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد، بعد أن تعثر اجتماع الطرفين داخل المدينة.
على مدى ما يقرب من أربعة أشهر، من الاجتماعات التي رعاها لوليسغارد، سواء في السفينة أو بلقاء كل طرف على حدة، بدا واضحاً أن التقدم خطوة واحدة في تنفيذ الاتفاق من شبه المستحيل تقريباً. هذه النتيجة لجملة من العوامل المنطقية، التي جعلت من معركة الحديدة الاستراتيجية مفصلية في مسار الحرب الدائرة في اليمن، فيما سعى المجتمع الدولي إلى التأثير بفرض وقف العمليات العسكرية، ولكن مع بقاء عوامل تجددها في أي لحظة. في 15 مايو/أيار الماضي، كانت حصيلة عمل فريق لوليسغارد، ومعه المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، على المحك، في اجتماع مجلس الأمن الدولي، وهو ما دفعهما إلى الإعلان عن تقدم بـ"إعادة انتشار" أحادي الجانب من قبل الحوثيين. ولم يكن هذا الإعلان سوى مقدمة لأزمة مع الحكومة زادت من التعقيدات في طريق البعثة الأممية.
اليوم، تعود اجتماعات الحديدة بعد ترميم علاقة غريفيث مع الحكومة اليمنية. لكن العودة، في حقيقة الأمر، إلى السفينة التي دشن منها لوليسغارد أول اجتماعاته في الحديدة، تظهر أن النقاشات قد عادت إلى المربع الأول، في حين تبقى الحقيقة المؤلمة أن السلام اليمني، المرهون بتحقيق تقدم شبه مستحيل في الحديدة، لا يزال بعيد المنال، وبذلك تستمر معاناة اليمنيين من الحصيلة الكارثية للحرب والانقسام السياسي والعسكري ومختلف مظاهر الأزمة الإنسانية، التي تتفاقم كل يوم إضافي، ولا أحد كما يبدو يعطيها الأولوية، بقدر ما أن المصالح المتضاربة للأطراف محلياً ودولياً هي التي توجه مختلف الحسابات.