وتعتقد السلطات الأمنية العراقية أنّ إبراهيم عواد البدري، الملقب بأبو بكر البغدادي، يوجد حالياً في سورية، مع العلم أنّ الشرطة العراقية كانت قد أكدت في إبريل/ نيسان الماضي، أنّ طائرات أميركية ألقت منشورات على مدن محافظة الأنبار، تتضمن صوراً لزعيم تنظيم "داعش"، وتعرض مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يبلغ عن مكان وجوده أو يتمكن من قتله. وللأنبار صحراء واسعة تحتمل القوى الأمنية العراقية وجودهُ فيها.
وأخيراً، أكدت خلية "الصقور" الاستخبارية التابعة لوزارة الداخلية العراقية، أنّ البغدادي موجود حالياً في سورية وهو مصابٌ بالشلل، موضحةً على لسان رئيسها المعروف بأبي علي البصري، في تصريح لصحيفة "صباح" المملوكة للحكومة العراقية، أنه "بعد مقتل قياداته في الحرب السرّية والأنفاق في المنطقة الغربية، والانتكاسة العسكرية لداعش في العراق وسورية، أصبح هناك خطر داهم على المجرم إبراهيم السامرائي والملقب بالبغدادي، الموجود حالياً في سورية من معاونيه العرب والأجانب".
وأضاف أنّ البغدادي "عمد لتلافي التهديدات إلى جعل العراق ولاية واحدة". وأوضح أنّ البغدادي "ما زال يتمتع بنفوذ قوي وطاعة بين أتباعه من جنسيات أجنبية وعربية وعراقية، وقد أجرى تغييرات لتعويض الخسائر في صفوف مقاتليه الذين قضوا على يد الصقور خلال العمليات المشتركة في سورية، وعمليات تحرير نينوى والرمادي وصلاح الدين وغيرها".
من جهته، أشار عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عباس سروط، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "الجهات الأمنية والعسكرية، لا تعطي اللجنة المعلومات الأمنية والاستخباراتية، ولهذا نحن لا نعرف كل ما يجري ويدور بقضية البحث عن البغدادي أو مساعديه، ولا حتى نعرف عددهم".
وأوضح سروط أنه "خلال اجتماعنا، ولأكثر من مرة، مع رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، أبلغناه بضرورة إطلاع لجنة الأمن والدفاع في البرلمان على تفاصيل العمل العسكري والأمني، لكونها الجهة الرقابية العليا في البلاد على الملف الأمني". ولفت إلى أنّ "غالبية التعليقات من المسؤولين العسكريين ترجّح بأنّ البغدادي في سورية، أو ربما خارجها، ولكنه ليس في العراق الذي بات مؤمناً بالكامل من خلال الانتشار المكثف للتشكيلات العسكرية في المناطق كافة، ولعل أهمها الحدود مع سورية. ولم يبقَ لدى البغدادي رفاق، فهم قضوا بين قتيل وجريح وهارب".
بدوره، أوضح الخبير في شؤون الجماعات المسلحة في العراق هشام الهاشمي، أنّ "البغدادي في حالة انهيار، ورفاقه ومساعديه تقلّ أعدادهم يوماً بعد يوم"، كاشفاً في اتصال مع "العربي الجديد"، عن أسماء من تبقى مع البغدادي، وهم "أبو عمار السعودي وهو مسؤول العمليات الخارجية، وأبو صالح الشمري (أحمد عبد الله سويد الشمري) وهو مسؤول ديوان الجند وعضو اللجنة المفوضة، وناشد فهد العيساوي (أبو صهيب العراقي) مسؤول الأمن والاستخبارات". وتابع الهاشمي: "هناك أيضاً رافي إسماعيل العسافي المعروف بأبي سطام وهو المشرف الإداري والمالي على ولايتي العراق والشام، ومعتز علي صالح العيثاوي (أبو ياسر العيثاوي) المسؤول عن عمليات ولاية العراق وعضو اللجنة المفوضة، وإبراهيم محمد عبود العيساوي (أبو زياد) المسؤول عن عمليات التمويل في ولاية العراق، ومصطفى منصور الراوي (أبو طلحة) مسؤول العمليات شرق سورية، وميثاق طالب علوان الجنابي (أبو عمر) وهو عضو اللجنة المفوضة والمشرف على الأمن لولايتي العراق والشام، وخضر أحمد راشد (أبو أحمد الفني) المشرف على قاطعي نينوى وصلاح الدين".
في المقابل، قال العقيد صادق عبد العباس من قيادة الجيش العراقي في الأنبار، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "التنظيم في حالة استنزاف مستمرة، ونعوّل على ما تبقى من هذا العام للظفر بزعيمه حياً أو ميتاً". وأضاف: "تحركات الجيش وباقي التشكيلات الاستخباراتية والأمنية العراقية مستمرة، وعقب كل معلومة ترد حتى لو كانت غير مؤكدة، يتمّ التحرك على ضوئها"، كاشفاً عن أنّ أكثر من 30 عملية نفّذت في العراق "كانت بناءً على معلومات حول وجود البغدادي داخل مخابئ أو مضافات بمناطق غرب العراق وشماله، لكن تبيّن أنّ الموجودين إما عناصر عاديون أو قيادات، وتم القضاء عليهم أو اعتقالهم".
وأكّد العباس أنّ "المعلومات عن وجود البغدادي في سورية، لا توقف التحرّك إزاء أي معلومة ترد عن احتمالات وجوده في منطقة ما داخل العراق"، مشيراً إلى أنّ "القضاء عليه أمر مهم جداً، ونعتقد أنّ التنظيم أُسس من الأصل على شخص واحد وهو البغدادي، لذا التخلّص منه يعني القشّة التي ستقضي على التنظيم بالكامل، غير أنّ الجميع يتمنى اعتقاله لا قتله". ولفت إلى أنّ "غالبية الأسماء التي عرفت خلال الفترة من 2014 ولغاية 2017 كقيادات في التنظيم، لم يتم تعويضها بآخرين بعدما تم قتلها، وهذا مهم ويؤكد أنّ داعش لا يمرّ بأزمة تجنيد أو استنزاف فقط، بل بأزمة عجز عن خلق أو تهيئة قادة في صفوفه".
وتسبّب سقوط مدينة الموصل بيد "داعش" عام 2014، بانهيار مدن شمال العراق وغربه، وتهديد العاصمة بغداد، ونتج عنه مقتل وإصابة وفقدان ما لا يقل عن 300 ألف مدني عراقي، وسقوط نحو 80 ألف بين قتيل وجريح من القوات العراقية، وفصائل "الحشد الشعبي" ومقاتلي العشائر.
وفي 10 يوليو/ تموز 2017، أعلن رئيس الوزراء العراقي آنذاك حيدر العبادي رسمياً، تحرير الموصل آخر المدن العراقية بيد "داعش"، وذلك بعد عملية عسكرية واسعة في المدينة بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وفي 23 مارس/ آذار الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب القضاء على "داعش" "بنسبة مائة بالمائة"، وذلك بعد إعلان قيادة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) هزيمة التنظيم في آخر معاقله في مخيّم الباغوز في ريف دير الزور الشرقي في سورية.