ونقلت صحيفة "هآرتس"، في تقرير أعده معلقها العسكري عاموس هارئيل، ونشرته في عددها الصادر اليوم الأربعاء، عن هذه الدوائر قولها إن دولا خليجية وأوروبية لا تبدي حماسة للمشاركة في القوة الدولية، على الرغم من عمليات التخريب التي استهدفت العديد من ناقلات النفط.
وأشارت الدوائر إلى أن حرص ترامب على عدم اتخاذ مواقف حازمة ضد إيران، وعدم تفضيله الخيار العسكري، وميله للتفاوض، أفضى إلى ظهور تصدعات في صفوف حلفاء واشنطن العرب، وبروز الاختلاف في مواقفهم من مسألة مواجهة إيران والعقوبات عليها، مشيرة إلى أن موقف ترامب "مسّ بدافعية" بعض الأطراف العربية للمشاركة في هذه القوة.
وأشارت إلى أن أوضح العقبات التي تعترض تشكيل القوة الدولية لتأمين الملاحة في الخليج تتمثل في التحول الجذري الذي طرأ على موقف دولة الإمارات، التي لم تبد فقط حرصا على مغازلة طهران من خلال رفض اتهامها بالمسؤولية عن تفجير ناقلات النفط، بل إن القيادة الإماراتية عمدت إلى التوقيع على تفاهمات للتعاون الأمني معها، بشكل يتنافى مع المتطلبات الواجب توفرها لتشكيل القوة.
واعتبرت الدوائر ذاتها أن الزيارة التي قام بها قائد خفر السواحل الإماراتي لإيران، وتوقيعه على اتفاق مع نظيره الإيراني، يتضمن تفاهمات بشأن تنظيم حركة الصيد والملاحة في الخليج، أوضح مؤشر على حرص الإمارات على إقناع إيران بأنها لا تتبنى مواقف عدائية ضدها.
وأشارت إلى أن التباينات الواضحة في صفوف حلفاء الولايات المتحدة، لاسيما الخلاف في الموقف من إيران بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، يمثل معضلة أخرى تعيق تشكيل القوة الدولية.
وأوضحت أن الخلاف بين الإمارات والسعودية لم يعد ينحصر في مسألة العمل العسكري ضد إيران، الذي تتحمس له الرياض، وتتحفظ عليه أبو ظبي، بل إن الإماراتيين لا يؤيدون تشديد العقوبات على طهران.
ولفتت الدوائر إلى أن محمد بن زايد، الذي لعب، إلى جانب محمد بن سلمان، دورا في محاولة الضغط على ترامب للقيام بعمل عسكري ضد إيران، ولم يتردد في التعاون استخباريا مع إسرائيل من أجل تسهيل هذه المهمة، يحاول حاليا تغيير اتجاه بوصلة سياساته تجاه إيران بشكل جذري بعد أن تبين له أن ترامب لن يوفر البضاعة التي تطلبها الدول الخليجية، ولن يهاجم إيران.
وأبرزت أن التحول في الموقف الإماراتي يعود إلى "الخوف من ردة فعل إيران على أي تعاون مع الولايات المتحدة".
وأشارت إلى أن الإمارات تحاول النأي بنفسها عن الخط السعودي أيضا في اليمن، مستحضرة قرارها تقليص عدد قواتها هناك، ناهيك عن رفضها تقديم مساعدة سنوية للحكومة التي تمثل الشرعية في اليمن.
ولا تقبل الدوائر الاستخبارية الرواية الإماراتية بأن الانسحاب من اليمن مجرد إعادة انتشار قوات، مشيرة إلى أنه يبدو توجها لفك الارتباط مع اليمن، لافتة إلى أن السعودية ستبقى وحدها في اليمن معتمدة فقط على بعض "مجموعات المرتزقة"، الذين يقاتلون إلى جانبها، سيما من السودان.
وحسب الدوائر، فإن السعودية أقدمت على خطوات قد تمثل بداية تحول على موقفها من إيران، مشيرة إلى أن نظام الحكم السعودي أرسل مؤخرا وزير شؤون الحج إلى طهران للتباحث مع الإيرانيين حول سبل تنظيم موسم الحج، مشيرة إلى أن مثل هذه الزيارة لم تتم من وقت بعيد.
ولفتت إلى أن ترامب أرسل رسائل واضحة تؤكد عدم تحمسه للخيار العسكري، إلى جانب تكليف السيناتور الجمهوري راند بول بالاتصال بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وعرضه عليه الاجتماع بهدف التباحث حول اتفاق نووي جديد، وهو ما رفضه الإيرانيون.
وعلى الصعيد الأوروبي، لفتت إلى أن بريطانيا، التي احتجزت إيران إحدى ناقلاتها النفطية، لم توافق إلا على إرسال قطعتين بحريتين للخليج، إحداهما ستعود في غضون شهر لأعمال الصيانة، في حين تملصت كل من فرنسا وألمانيا من إرسال قطع بحرية إلى هناك.
وأشارت الدوائر الاستخباراتية ذاتها إلى المفارقة التي تتمثل في أن الولايات المتحدة، التي دعت إلى تشكيل القوة الدولية لتأمين الملاحة البحرية في الخليج، أعلنت على لسان ترامب أنها لن تعمل على تأمين هذه الملاحة، لأن الاقتصاد الأميركي لم يعد مرتبطا بالنفط العربي.
وأكد هارئيل أن مسؤولين كبارا في إسرائيل خاب أملهم من حرص ترامب على إيضاح عدم رغبته في المواجهة العسكرية وتفضيله الخيار التفاوضي مع إيران، حيث يتساءلون عن الطرف الذي سيقدم تنازلات من أجل التوصل لاتفاق جديد.
وفي سياق متصل، قال إسحاك لفانون، الباحث البارز في "مركز هرتسليا متعدد الاتجاهات" في تحليل نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، اليوم الأربعاء، إن إيران تعمل على تجاوز العقوبات الأميركية من خلال توظيف علاقاتها مع دول آسيا الوسطى، سيما طاجيكستان، تركمستان، أوزبكستان وأرمينيا.
واستدرك لفنانون، الذي عمل في السابق سفيرا لإسرائيل في القاهرة، أن أذربيجان، التي تنتمي الأغلبية الساحقة من سكانها للمذهب الشيعي، ترفض التعاون مع إيران، بسبب علاقاتها الوثيقة بكل من إسرائيل والولايات المتحدة.