وفوجئ التونسيون من هذا الغياب الذي اعتبروه بمثابة الإقصاء، خصوصا مع توجيه الدعوة للجزائر ومصر.
ولم يصدر عن الجانب الرسمي التونسي، الرئاسة والخارجية، موقف رسمي حتى الآن، إلا أن ما كشفه السفير التونسي في ألمانيا، أحمد شفرة، يعكس هذا القلق التونسي.
وفي حوار للإذاعة الألمانية "دوتشي فيله"، عبر شفرة عن تفاصيل الموقف التونسي من الأزمة الليبية، ودواعي استغراب تونس من الموقف الألماني بشأن عقد مؤتمر برلين، وعما إذا كان هنالك "فيتو" على مشاركة تونس؟
وقال السفير إن تونس تلقت "باستغراب كبير البيان الذي صدر بشأن مؤتمر برلين المخصص للأزمة الليبية وعدم مشاركة تونس فيه. وقد فاجأنا هذا الأمر بشكل كبير، لأن تونس هي أكبر بلد مهتم بالوضع في ليبيا وهي أكثر بلد متضرر مما يجري في هذا البلد الجار".
وتابع قائلا: "لقد تلقينا الأمر باستغراب وبدهشة كبيرة، وما أثار دهشتنا أكثر كونه يأتي من ألمانيا، الشريك الذي تربطه بتونس علاقات جيدة وممتازة وقائمة على الثقة، وهي علاقات عريقة، إذ كانت تونس سنة 1965 الدولة العربية الوحيدة التي لم تقطع علاقاتها بألمانيا (الغربية آنذاك).. ولذلك نستغرب اليوم أن تكون تونس البلد الوحيد الذي يتم إقصاؤه ومن طرف من؟ من طرف ألمانيا".
وأشار السفير التونسي إلى أن "اتصالات تمت بين الجانبين وعلى أعلى مستوى، وهنالك مساعٍ حثيثة جرت منذ انطلاق المسار التحضيري لمؤتمر برلين. فقد سعت تونس لحث ألمانيا وتحسيسها بأهمية دور دول الجوار، باعتبارها أكثر الدول المتضررة من الأزمة الليبية".
وأوضح أن الدبلوماسية التونسية قامت "بنشاط كبير على جميع المستويات. ولا أكشف سرا عندما أقول إن اللقاء الذي جمع فخامة الرئيس قيس سعيد بوزير خارجية ألمانيا السيد هايكو ماس، الذي كان أول مسؤول أجنبي كبير يستقبله الرئيس التونسي بعد تسلمه مهامه، وفي لقائهما كانت حصة الأسد من المحادثات حول الملف الليبي، وأعتقد أن الجانب الألماني كان مدركا لأهمية هذا الملف بالنسبة لتونس وللرأي العام التونسي بالخصوص".
وأضاف السفير "لحد الآن لم نفهم ولم نتفهم هذا الموقف، ولم نفهم أي توضيحات أو مبررات بشأن إقصاء تونس، وما قدم للجانب التونسي غير مقنع. لأن دور تونس وما تحظى به من ثقة لدى الليبيين، أمر معروف. كما أن أطرافا ودولا عديدة دعت إلى إشراك تونس في مسار برلين، باعتبارها دولة جوار. ومن المهم الإشارة هنا إلى أن جانبا كبيرا من التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجهها تونس مصدرها ليبيا. ولذلك، فإن تونس تدفع أكبر قدر من الثمن جراء الوضع المتردي والمتدهور في ليبيا".
وبرغم هذا الغياب يمكن لتونس أن تلعب دورا مستقبلا في ما سيترتب عن هذا المؤتمر من قرارات بخصوص الأزمة الليبية، وخصوصا أن أوراقا كثيرة لا تزال بيد تونس لفرض نفسها قاعدة للحوار بحكم وضعها السياسي والجغرافي والتاريخي، وسبق لتونس أن نجحت في احتضان كل جلسات الحوار السياسي والمدني الليبي الليبي، وحضرت باستحسان هذه الأطراف لأنها لم تتدخل ولم تؤثر على سير تلك المفاوضات التي كانت تشكل أرضية للحل السلمي في تونس لولا تضارب المصالح الدولية والإقليمية.