وكانت الاشتباكات قد اندلعت بعد محاولة المتظاهرين الوصول إلى ساحة المجلس النيابي، ضمن إطار تحرّكات "أسبوع الغضب"، الأمر الذي أشعل الشارع، ما دفع القوى الأمنية إلى تفريقهم باستخدام خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطّاطي والضرب بالحجارة.
وفي اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أكّد الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة "نقل 169 إصابة إلى مستشفيات العاصمة، 80 إصابة منها نقلتها فرق الصليب الأحمر، فيما نُقل العدد الباقي بواسطة الدفاع المدني أو سيارات خاصة أو غيرها".
وقال: "أسعفت فرق الصليب الأحمر 140 مصاباً في المكان، وتنوّعت الحالات بين ضيق في التنفس وكسور وإعياء وجروح"، لافتاً إلى أنّ "المصابين توزّعوا على مستشفيات: الجامعة الأميركية في بيروت، القديس جاورجيوس الجامعي (الروم)، المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية (رزق)، أوتيل ديو دو فرانس، المقاصد الخيرية الإسلامية، حداد لراهبات الوردية، رفيق الحريري الجامعي، ومستشفى فؤاد خوري. وقد عملت فرق الصليب الأحمر على الاستجابة للحالات الطارئة من خلال 18 سيارة إسعاف، 80 مسعفاً و6 مسعفين من غرفة العمليات المركزية، واستُنفرت باقي المراكز القريبة لتلبية النداءات والتدخل عند الضرورة. إضافة إلى ذلك، كان مركز نقل الدم في منطقة سبيرز على جهوزية لتوفير وحدات الدم عند الطلب"، كما أورد في بيانه.
وغصّت المستشفيات المجاورة بالجرحى والمصابين، إذ استقبلت مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت نحو 38 جريحاً لقوى الأمن الداخلي، و36 جريحاً مدنياً، بينهم مَن تعرّض لإصابة بالغة في أعضائه التناسلية. كذلك سُجّلت حالات ارتجاج في الدماغ، وفق ما ذكرت المعلومات.
من جهتها، أكّدت مصادر طبية في مستشفى "أوتيل ديو دو فرانس" لـ"العربي الجديد"، أنّها "استقبلت 55 إصابة، بينها 3 حالات تطلّبت إجراء عملياتٍ جراحية، بحيث سُجّلت إصابة أحد المتظاهرين في العين اليمنى، وآخر في العين اليسرى، والأخير في يده اليمنى". وكانت إدارة المستشفى قد نفت ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي عن وفاة أحد المتظاهرين، أو عن بتر كتف أحدهم.
أمّا مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي (الروم)، فقد استقبل بدوره نحو 41 عسكرياً و5 مدنيّين، وفتح مستشفى المقاصد الخيرية الإسلامية أبوابه أمام ثلاث إصاباتٍ طفيفة، وفق ما أكّدت مصادر طبية لـ"العربي الجديد"، على الرغم من أنّه أقفل أخيراً قسم الطوارئ بسبب الأزمة الراهنة. واستقبل مستشفى حداد لراهبات الوردية 15 عسكرياً و6 مدنيّين، وُصفت إصاباتهم بالطفيفة، فيما فضّلت باقي المستشفيات عدم الكشف عن العدد، أو لم يكن هناك من ردّ، علماً أنّ المستشفيات أصلاً تعاني أزمة مستلزمات ومعدّات طبية.
وفي اتصالٍ مع "العربي الجديد"، كشف أكرم جابر، والد المُصاب عبد الرحمن جابر، أنّ "ابنه البالغ من العمر 17 عاماً أُصيب وهو يحاول إنقاذ صديقه، فكانت النتيجة أن فقد عينه اليُمنى، والأرجح أنّ السبب رصاص مطّاطي مباشر على العين". وأضاف: "أنا زلمي (رجل) منتوف (فقير ومُعدم)، عندي 6 أولاد، ما قدرت سجّل عبد الرحمن بالمعهد، عم يدرس اختصاص الفندقية. وما بعرف كيف بدّي إدفع كلفة المستشفى، أنا عسكري متقاعد، لكن أخبروني أنّه لن تكون هناك تغطية صحية من قبل الطبابة العسكرية".
من جهةٍ ثانية، أسف المحامي علي عباس لـ"استخدام الرصاص المطاطي الممنوع أصلاً في أكثر من دولة، والذي في حال الاضطرار الشديد إلى استخدامه، يجب أن يقتصر توجيهه باتجاه القدمين وعن بُعد ووفق ضوابط محدّدة. غير أنّنا شهدنا أمس توجيهه مباشرةً إلى الرأس والعينين والوجه، ما يشكّل انتهاكاً للقوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان". وأكّد لـ"العربي الجديد" أنّ "قوى مكافحة الشغب أقدمت أيضاً على ضرب المتظاهرين بالعصا على رؤوسهم من الخلف، ما يثبت أنّهم غير مدرّبين وفق المعايير الدولية، بل يتصرّفون بكيديّة وبردّ فعل عنيف".
وانتشرت معلومات عن اعتداء مباشر من قبل بعض عناصر قوى الأمن الداخلي على المتظاهرين الجرحى وعلى أحد أهالي الجرحى في مستشفى الجامعة الأميركية، غير أنّ قوى الأمن الداخلي أفادت في تصريحٍ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن "تعرّض الجرحى من عناصرها للاعتداء في مستشفى الورديّة ومستشفى الجامعة الأميركية من قبل بعض المشاغبين"، ونشرت مقطع فيديو في هذا الخصوص. وفي السياق، انتشر أيضاً مقطع فيديو يظهر المنتفضين وهم يسارعون إلى تقديم الإسعافات الأولية لأحد عناصر القوى الأمنية.