على وقع العمليات العسكرية واسعة النطاق في الشمال الغربي من سورية، تشهد العاصمة دمشق حراكا سياسيا لافتا لتحريك العملية السياسية مرة أخرى، حيث من المقرر أن يلتقي المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون غداً الأربعاء عددا من المسؤولين في حكومة النظام، بعد يوم واحد من مباحثات جرت الإثنين بين رئيس النظام بشار الأسد ومسؤولين روس رفيعي المستوى.
وذكرت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام أن المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، يصل إلى العاصمة السورية اليوم الثلاثاء، مشيرة إلى أن لقاءات بيدرسون مع مسؤولين في حكومة النظام ستجري يوم غد الأربعاء.
وأشارت إلى أن بيدرسون سيرسل نائبه خولة مطر لتقديم إحاطة في مجلس الأمن الدولي عن الشأن السوري، الأربعاء.
وتأتي زيارة المبعوث الأممي إلى دمشق للاطلاع على موقف النظام السوري من الجولة القادمة من مفاوضات اللجنة الدستورية، والتي توقفت بسبب تعنت النظام ومحاولته كسب الوقت لتعديل موازين السيطرة الميدانية من أجل فرض رؤيته في الدستور القادم للبلاد.
وكانت فشلت جولتان من اجتماعات اللجنة الدستورية في مدينة جنيف السويسرية عقدتا في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الفائت، لعدم وجود اتفاق على البرنامج أو جدول المباحثات. وانتهت الجولة الثانية دون اجتماع اللجنة المصغرة المؤلفة من 45 عضوا من النظام والمعارضة والمجتمع المدني، والمنوط بها وضع مسودة دستور تحت إشراف الأمم المتحدة.
ويحاول المبعوث الأممي حث النظام السوري على العودة مجددا إلى جنيف لمتابعة التفاوض حول الدستور مع المعارضة السورية التي تدرك جيدا أن النظام يماطل كعادته من أجل تمييع العملية السياسية، حيث يضع الحسم العسكري على رأس أولوياته.
وكان ملف اللجنة الدستورية حاضرا على طاولة مباحثات مفاجئة بين الجانب الروسي والنظام السوري في العاصمة دمشق الاثنين، حيث اجتمع بشار الأسد مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين.
وقالت وسائل إعلام النظام إن الاجتماع تطرق إلى العملية السياسية، مشيرة إلى أنه "تم التأكيد على دعم الجانبين لعمل لجنة مناقشة الدستور، بعيداً عن أي تدخل خارجي أو تسييس، تمارسه بعض الأطراف يمكن أن يتسبب بتعطيل عملها أو وضع المعوقات أمام استمرار اجتماعاتها".
ويحاول النظام النأي بنفسه عن اللجنة الدستورية مدعيا أن الوفد الذي يرسله إلى جنيف "مدعوم منه ولكن لا يمثله"، في وقت لا يزال ينكر وجود معارضة له، حيث تصف وسائل إعلامه وفد المعارضة في جنيف بـ "الطرف الآخر"، ما يؤكد عدم رغبة النظام في المضي في العملية السياسية وفق قرارات الشرعية وخاصة بيان جنيف1 والقرار الدولي 2254، واللذين يدعوان إلى انتقال سياسي في سياق عملية متكاملة ووضع دستور جديد يقع في الصلب منها.
وفي حديث مع "العربي الجديد" أوضح يحيى العريضي عضو هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية "أن الجانب الروسي هو المسؤول عن عرقلة أعمال اللجنة الدستورية"، مضيفا: "موسكو هي المتحكمة بالنظام بشكل كامل".
وأشار إلى "أن روسيا حاولت منذ البداية الهيمنة على اللجنة الدستورية بدءا من اختيار الأعضاء إلى وضع آليات عمل في مسعى لتفصيل دستور سوري على مقاس مصالحها".
وأضاف أن الروس "دفعوا النظام للذهاب إلى جنيف لمناقشة الدستور ولكن لم يحصلوا على ثمن سياسي من المجتمع الدولي مقابل ذلك، من قبيل الانفتاح على النظام والبدء بإعادة الإعمار، وهو ما دفعهم إلى العرقلة".
وكشف العريضي عن أن الدعوة إلى انعقاد أعمال اللجنة في العاصمة دمشق "جاءت من قبل الروس"، مشيرا إلى أنهم (الروس) قالوا إن الاجتماعات ستتم تحت الحماية الروسية. ورجح المصدر نفسه عودة المعارضة والنظام إلى جنيف مرة ثالثة لمتابعة التفاوض حول الدستور، واستدرك قائلا: "ولكن لن تكون هناك نتيجة طالما استمر الروس بهذه المنهجية التي تقوم على تفصيل الدستور وفق مقاس مصالحهم".