وأكد المصدر أنّ السرّاج طلب زيارة عاجلة للجزائر، لوضع القيادة السياسية الجزائرية في صورة التطورات الدرامية بليبيا، والهجوم العسكري الذي تقوم به قوات خليفة حفتر على العاصمة الليبية طرابلس، منذ 4 إبريل/ نيسان الماضي، خاصة بعد القصف الجوي والدامي الذي استهدف الكلية الحربية في طرابلس، وراح ضحيته أكثر من 40 طالباً ليبياً.
وأفادت مصادر حكومية ليبية، "العربي الجديد"، باعتزام السرّاج زيارة الجزائر، الاثنين، برفقة وفد حكومي للقاء مسؤولي الحكومة الجزائرية، وبحث مستجدات الوضع في ليبيا.
وسيرافق السرّاج وزير الخارجية في حكومة "الوفاق" المعترف بها دولياً محمد الطاهر سيالة ومسؤولون في غرفة العمليات العسكرية، حيث سيلتقي سيالة بنظيره الجزائري صبري بوقادوم، فيما سيلتقي الوفد العسكري المرافق للسرّاج كبار المسؤولين العسكريين في الجزائر.
ويرتقب أن يطلب السرّاج من السلطات الجزائرية تفعيل الاتفاقيات الأمنية المشتركة، بناءً على تفاهمات جرت في 9 يوليو/ تموز الماضي، بين وزير الداخلية في الحكومة الجزائرية حينها صلاح الدين دحمون، ووزير الداخلية في حكومة "الوفاق" فتحي باشاغا الذي كان يزور الجزائر حينها، حيث أعلنت الجزائر في هذا التاريخ، إرسال وفد أمني جزائري لمناقشة ترتيبات إعادة تفعيل اللجنة الأمنية المشتركة الجزائرية-الليبية في أقرب وقت، ومناقشة المسائل المتعلقة بالشق الأمني والاتفاقيات ذات الصلة بمحاربة الإرهاب والمخدرات والجريمة وتهريب السلاح والهجرة غير الشرعية، ويشمل أيضاً تدريب وتكوين كوادر وإطارات الشراكة الليبية في مدارس الشرطة والأمن في الجزائر، وفق الطلبات التي سيقدمها الجانب الليبي بهذا الخصوص.
وكان السرّاج قد وجه رسالة إلى الجزائر، ضمن خمس دول يدعوها إلى تفعيل الاتفاقيات الأمنية المشتركة. وتأتي زيارة السرّاج، الاثنين، للجزائر في ظل تطور إيجابي للوضع الداخلي للجزائر من جهة بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد، وخروجها من الوضع المؤقت الذي عاشته لعشرة أشهر، وتطور موقفها إزاء الأزمة في ليبيا.
وكان تبون قد خصّ ليبيا بجزء من خطابه السياسي الأول، خلال حفل تنصيبه في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأكد أنّ "الجزائر يجب أن تكون شريكة في أي مسار لحل الأزمة الليبية"، مشدداً على أن "الجزائر لن تقبل أبداً إبعادها عن أي حل في ليبيا"، مضيفاً: "نحن معنيون باستقرار ليبيا، أحب من أحب وكره من كره".
وهذه الزيارة هي الثانية للسرّاج في غضون ستة أشهر، حيث كان قد زار الجزائر، في مايو/أيار الماضي، وحثّ المسؤولين في الجزائر على السعي إلى عقد اجتماع لدول الجوار الليبي، وممارسة مزيد من الضغط على القاهرة والدول المؤيدة لحفتر، لوقف حملته العسكرية على العاصمة الليبية طرابلس، لكن الظروف الخاصة التي مرّت بها الجزائر لم تسمح لها بذلك.
وتعترف الجزائر فقط بحكومة السرّاج بوصفها الحكومة المعترف بها دولياً، وقبل يومين نشرت وكالة الأنباء الرسمية في الجزائر تقريراً عن الوضع في ليبيا تضمن إشارات سياسية هامة بشأن الموقف الجزائري تجاه ليبيا.
ووصف التقريرهجوم حفتر بـ"العدوان العسكري"، وحمّله المسؤولية، ووصف مليشيا حفتر بـ"المجموعات المسلحة"، وذكر أن "تعثّر مسار التسوية في ليبيا في 2019، بفعل العدوان العسكري الذي تشنه هذه المجموعات المسلحة بقيادة الضابط المتقاعد خليفة حفتر منذ شهر إبريل/ نيسان على العاصمة طرابلس، ما وجّه ضربة موجعة إلى كل المساعي الوطنية والدولية لإخراج البلاد من الأزمة التي تعصف بها منذ 2011".
وكان مندوب الجزائر لدى الجامعة العربية قد دافع، السبت، خلال اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين، عن حكومة الوفاق الوطني، باعتبارها الحكومة المعترف بها دولياً، واعترض على مقترح طرد ممثلها في الجامعة، بزعم قلق عربي من الاتفاق الأمني الموقع بين ليبيا وتركيا.
والخميس الماضي، أعلن وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، خلال إشرافه على إرسال شحنة مساعدات إلى ليبيا، أن الجزائر تعتزم إطلاق مبادرات سياسية وبدء مشاورات مع دول الجوار، بشأن حل الأزمة الليبية والحد من التداعيات الخطرة التي تتهدد ليبيا، مشدداً على أن "لغة المدفعية ليست هي الحل، بل يكمن الحل في التشاور بين الليبيين كافة، بمساعدة جميع الجيران، وبالأخص الجزائر".