لم يبقَ شيء لم تتصارع عليه الجزائر والمغرب. بين البلدين حرب رمال وأزمة حدود مغلقة وتدفق للمخدرات وصراع في المحافل الدولية ونزاع سبعيني (قضية الصحراء)، حتى ليبيا البلد الجار والشقيق والعضو في الاتحاد المغاربي صار أيضاً ساحة صراع أخرى بين الجزائر والمغرب.
وبغض النظر عمن جاء متأخراً في القضية الليبية، فإن إعلان الرباط مزاحمة الجزائر في مسعى احتضان حوار ليبي-ليبي ودخولها على الخط لانتزاع دور المسهل السياسي لحوار الليبيين (إن حدث)، يشير إلى صراع غير مفهوم وغير مبرر على الصعيد الاستراتيجي.
ويبدو أن الرباط تريد أن ترد بطريقتها سياسياً على إقصائها من قِبل الجزائر من المشاركة في اجتماع دول جوار ليبيا الذي عقد في الجزائر الشهر الماضي، وتعتقد أن إنجاز اتفاق الصخيرات المغربية بين الفرقاء الليبيين في ديسمبر/كانون الأول 2015، يمنحها الحق السياسي في الاستمرار في احتضان لقاءات الحوار الليبي.
في المقابل، تعتبر الجزائر أنها الدولة المركزية الأكثر اهتماماً بالملف الليبي، والبلد الأكثر ثقلاً في لعب دور الوساطة واحتضان اللقاءات الليبية، وقد حققت إزاء ذلك خطوات هامة، وأنها معنية أكثر من المغرب بالأزمة الليبية وصناعة مخرجاتها، حتى بمعطى الجغرافيا والحدود (لا حدود للمغرب مع ليبيا)، خصوصاً بعد مشاركتها في مؤتمر برلين.
صحيح أن كل مسعى فيه خير للأشقاء في ليبيا محمود، لكن وبغض النظر عن أن الجزائر والمغرب لم يرتقيا بعد إلى مرحلة لعب دور مركزي في إقرار وصناعة الحل في ليبيا، فقد كان عامل العلاقات التاريخية بين البلدان الثلاثة، الجزائر والمغرب وليبيا، وحجم الأزمة في هذه الأخيرة وتداعياتها على المنطقة المغاربية خصوصاً، يستدعي من الرباط والجزائر اللتين يجمعهما أكثر من إطار إقليمي كالاتحاد المغاربي الحي الميت (يضم الجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا وتونس) تنسيقاً أكبر وتوحيداً للجهد وتحييداً لخلفيات الصراع وتعضيد الجهد لدعم الحل السياسي، بشكل يساهم في الانفراج وحماية ليبيا من القوى الدولية ذات التوجه التوسعي.
لو سخّرت الجزائر والمغرب جهود الصراع السياسي نحو جهد مشترك، لكان أسلم للبلدين من أي ابتزاز غربي، ولليبيين أيضاً المحرجين بين النزول ضيوفاً على الجزائر أو المغرب. وعملياً فإن الرباط تسبق الجزائر بخطوة على صعيد تقبّل القوى الطاغية في العالم لسياساتها الإقليمية.
ثمة شعب واحد يخسر في كل صراع مغربي جزائري مهما كانت دوافعه، هو الشعب الجزائري المغربي الليبي التونسي الموريتاني، وخريطة واحدة تخسر رمالها دائماً هي شمال أفريقيا.