وحذّر دوجاريك من تفاقم الأوضاع في إدلب، قائلاً "لقد استمرت الاعتداءات خلال الليلة الماضية في إدلب وحلب. ونزح 830 ألف شخص منذ بداية ديسمبر/ كانون الأول، بمن فيهم 143 ألف شخص خلال الأيام الثلاثة الأخيرة فقط". وأوضح دوجاريك أن أغلب هؤلاء النازحين، أكثر من ثمانين بالمائة، هم من النساء والأطفال، مشيراً إلى أن درجات الحرارة انخفضت إلى تحت الصفر في شمال غرب سورية، مما يعرض العائلات النازحة لظروف قاسية.
وتابع أن "الاحتياجات الإنسانية تتزايد وتتسبب حالة الطوارئ المستمرة في تعقيد الحالة الإنسانية الرهيبة أصلاً للناس في الشمال الغربي من سورية، ويعد البحث عن المأوى هو أكثر الاحتياجات إلحاحاً".
ووصف دوجاريك الوضع بالمتأزم للغاية، مؤكداً أن النزاع الدائر اضطر مئات الآلاف للنزوح إلى مناطق تواجه صعوبة في استيعاب تلك الأعداد كما لا يوجد فيها المستلزمات الكافية للتعامل مع الشتاء القاسي.
وتحدّث دوجاريك عن تعليق عمل أكثر من 70 عيادة ومرفقاً طبياً لأسباب عديدة، من بينها انعدام الأمن ونزوح المدنيين عن مناطق أخرى. وأكد أن الطواقم الإنسانية التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الشريكة تحاول دعم وتنظيم إجلاء المدنيين. وأكد في الوقت ذاته أن أعداداً كبيرة من المدنيين يفرون بشكل تلقائي بسبب احتدام الهجمات، مشدداً على أنه رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها المنظمات الإنسانية إلا أنها مستمرة في تقديم المساعدات في الأماكن المتاحة، بما فيها الغذائية.
ونقلاً عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أشار دوجاريك إلى "استئناف تقديم المساعدات الغذائية العاجلة للمدنيين في شمال غرب سورية بعد توقف دام لمدة 24 ساعة، بسبب تصاعد القتال في إدلب"، موضحاً أن القتال أدّى إلى وقف حركة الشاحنات المحملة بمواد غذائية والقادمة من تركيا. وتحدّث عن صعوبات جمة وتحديات تواجه المنظمة في تقديم المساعدات الغذائية، في ظل تزايد القصف الذي تشهده إدلب، حيث يعيش فيها قرابة ثلاثة ملايين شخص.
وفي سياق متصل، عبّرت دول الاتحاد الأوربي الأعضاء في مجلس الأمن، في دورته الحالية والسابقة، عن قلقها من تطور الأوضاع في إدلب. وجاء ذلك في إحاطة قدمها سفراء الدول الخمس، ألمانيا وفرنسا وبولندا وبلجيكا وإستونيا، للصحافيين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وقال السفراء "نشعر بقلق بالغ إزاء التصعيد العسكري المستمر في شمال غرب سورية والذي أدى إلى نزوح أكثر من 800 ألف شخص منذ الأول من ديسمبر/ كانون الأول. إن هذه واحدة من أسوأ موجات النزوح التي شهدها العالم منذ سنوات وتسبب فيها البشر. وكان من الممكن تجنبها وما زال يمكن ذلك".
وتحدّث السفراء عن "ملايين السوريين الذين ما زالوا محاصرين في تلك المناطق، حيث أغلبيتهم من النساء والأطفال يواجهون ظروفاً صعبة وشتاء قاسياً دون أن تكون أمامهم إمكانية لسد الاحتياجات الأساسية للمأوى والمياه الصالحة للشرب والغذاء والرعاية الصحية".
وأشاروا إلى تقارير الأمم المتحدة التي تصف الوضع الإنساني بالمأساوي وأنه أكبر كارثة إنسانية، في سورية، منذ بداية الصراع السوري.
وحذروا من أن الهجمات ما زالت تشمل أهدافاً مدنية في المناطق المكتظة بالسكان والمرافق الطبية وأماكن لجوء للنازحين، مطالبين بوقف الهجمات وبشكل فوري، التي قالوا إنها أدت إلى مقتل أكثر من 1700 مدني منذ إبريل/ نيسان الماضي.
ووصف السفراء الأوروبيون الضربات المتعمدة ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية، كالمرافق الطبية والمدارس، بالشنيعة، معتبرين أنها تشكّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، فضلاً عن أسس القانون الدولي الإنساني.