التظاهرات التي تواصل، للأسبوع الثاني على التوالي، التركيز على رفض تكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة، والمطالبة بتقديم قتلة المتظاهرين إلى القضاء، وتحديد موعد معلن وثابت لإجراء انتخابات مبكرة، شهدت تطوراً جديداً، بعد اجتماع عقده ممثل زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أبو دعاء العيساوي بصفته "المعاون الجهادي" له، في ساحة التحرير ببغداد، مع مسؤولي خيام الاعتصام وممثلين عن التظاهرات العراقية في العاصمة.
ووفقاً لناشطين تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فإن الاجتماع نتجت عنه تفاهمات بشأن انسحاب أنصار الصدر من مبنى المطعم التركي، ووقف تعرضهم للمتظاهرين.
وأثار الاجتماع بحدّ ذاته خلافات حادة في صفوف المتظاهرين، بين مؤيد للجلوس مع الصدريين والتفاوض معهم، وبين من اعتبر الأمر تجاوزاً على دماء ضحايا النجف وكربلاء الذين سقطوا باليومين الماضيين على يد أنصار الصدر.
وأفادت وسائل إعلام محلية عراقية، بأن ممثل الصدر وعد أيضاً بسحب أعضاء فريق القبعات الزرق من ساحات التظاهرات، وهو ما قد يعني استجابته لضغوط مورست باليومين الماضيين عليه، وكذلك بعد رفض المرجع علي السيستاني، تدخل الصدر وأتباعه في التظاهرات، معتبراً أنها مهمة قوات الأمن، وليس أي جهة أخرى أياً كانت.
وقال الناشط سيف عباس من ساحة التحرير في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن قدوم الصدريين إلى الساحة، ومحاولة عقد تفاهمات مع المتظاهرين، يعني أنهم صاروا بموقف محرج جداً، وصورتهم الشعبية تلطخت أكثر. وأضاف "بنفس الوقت، منذ احتلالهم المطعم التركي، واعتداءاتهم المتكررة ببغداد والجنوب، تناقصت أعداد المتظاهرات من السيدات والفتيات خوفاً من اعتداءاتهم، كما أن هاجس الذهاب إلى التظاهرات صار مثل هاجس التوجه نحو معركة مع إرهابيي "داعش" بالسنوات الخوالي، لذا لا نريد منهم شيئاً سوى تركنا، كونهم يبحثون عن مناصب سياسية، ونحن نبحث عن وطن محترم"، وفقاً لقوله.
وبعد العاشرة من صباح اليوم السبت، بات التوافد على الساحات والميادين في تصاعد، إذ شهدت مدن الحلة، والديوانية، والناصرية، والكوت، والسماوة، والبصرة، والنجف التي استعاد المتظاهرون فيها جزءاً من ساحتهم المدمرة بفعل هجوم الأربعاء الماضي من قبل الصدريين، توافداً للمتظاهرين، بالإضافة إلى كربلاء، والغراف، والهاشمية، وشط العرب، والكحلاء، وسوق الشيوخ، ومدن أخرى جنوب ووسط العراق.
ويتوافد المئات من المتظاهرين نحو ساحة التحرير في بغداد، وساحات التظاهر الأخرى، وسط إجراءات أمنية مشددة، اتخذت منذ مساء أمس الجمعة.
وأكد الناشط عيسى البهادلي، أن "تظاهرات النجف بدأت تستعيد زخمها من جديد، وأن الدعم الشعبي في المحافظة تزايد للتظاهرات"، وقال لـ"العربي الجديد"، إن "المتظاهرين وذوي شهداء ساحة النجف يطالبون بتشكيل لجان قضائية حيادية للتحقيق بحادثة النجف، ومحاسبة المسؤولين عنها". وحمّل "السلطة القضائية مسؤولية ذلك"، منتقداً "صمتها وهي ترى تلك الانتهاكات اليومية".
إلى ذلك، تصاعدت الدعوات لمحاكمة قتلة المتظاهرين في محافظة البصرة (أقصى جنوب البلاد)، ودعا متظاهرون عبر هتافات ولافتات رفعوها، إلى محاكمة قتلة المتظاهرين والاقتصاص منهم، مؤكدين أن العالم كله يشهد أن تظاهرات العراق سلمية، وأن الاعتداء عليها يتطلب محاسبة قانونية، وأن السكوت عنها يمثل اشتراكاً بها.
في الأثناء، دعت وزارة الدفاع العراقية، قواتها إلى أخذ دورها بحماية المتظاهرين، وقالت الوزارة في بيان، إنه "منذ انطلاق التظاهرات، تحلّت قطعاتنا بأقصى درجات ضبط النفس تجاه من يخرج عن سلمية التظاهرات، وتحملت العبء الأكبر من الضغوطات في سبيل حقن دماء الشعب، وبقيت محافظة على تماسكها ووحدة قرارها وانضباطها في مواجهة تلك التحديات".
ودعت كافة منتسبي الوزارة من الضباط والمراتب إلى "أخذ دورهم الحقيقي والحازم تجاه من يريد العبث بأمن واستقرار البلاد"، مؤكدة أنها "تعمل لحماية أبناء الشعب بشكل عام، والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، من أجل المصلحة الوطنية، وفقاً لتوجيهات المرجعية".