وكشفت مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، أنه تمّ تشكيل غرفة عمليات من وزارتي الخارجية والري، وجهاز المخابرات العامة، بشأن صياغة الموقف المصري الجديد، وذلك بعد الاجتماع بعدد من خبراء القانون الدولي، والخبراء المصريين.
وأضافت المصادر أنّ الموقف المصري الذي تعكف الجهات المختصة على صياغته، يتمثل في الانسحاب من اتفاق المبادئ الموقع في العاصمة السودانية الخرطوم عام 2015، كخطوة أولى، لافتةً إلى أنّ الخطوة التالية ضمن التصور المصري تتضمن التوجه مباشرة إلى مجلس الأمن الدولي، لحسم النزاع بقرار، على أن يسبق ذلك تحديد مهلة زمنية للجانب الإثيوبي للتوقيع على اتفاقية واشنطن، على أن يتم التوافق عليها مع الجانب الأميركي باعتباره المراقب والوسيط الذي أشرف على صياغة الاتفاق الأخير.
وقالت المصادر إنّ الاتفاق الأخير جرى بموافقة الأطراف كافة، وهو يحقق الحدّ الأدنى من الضمانات والالتزامات لجميع الأطراف، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أنّ هناك نصوصاً ضمن الاتفاقية لم تكن القاهرة تقبلها بنسبة 100 في المائة، ولكن لتقريب وجهات النظر وإثبات حسن النوايا قبلتها، ووقّعت على الاتفاق. وشددت المصادر على أنّ مصر لن تذهب لجولات تفاوض جديدة مع الجانب الإثيوبي.
وفي السياق، قال مصدر رسمي لـ"العربي الجديد": "الآن نحن في مرحلة تنفيذ اتفاقات، ولن نذهب لتفاوض جديد. الموقف الإثيوبي بات واضحاً أمام الجميع، وسنذهب إلى مجلس الأمن حال أصرّت أديس ابابا على موقفها، ونحن متأكدون من موقفنا، حال عرض القضية على الدول الأعضاء في المجلس".
يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه وزير الخارجية المصري سامح شكري، في تصريحات إعلامية مساء الأحد، إنّ بيان إثيوبيا الأخير حول مفاوضات سدّ النهضة "شمل مغالطات عديدة"، مشيراً إلى أنّ أديس أبابا شاركت في جولات عديدة واعتمدت كثيراً من المواد المطروحة.
وأضاف شكري أنّ الجولة الأخيرة للمفاوضات كانت لضبط أمور كثيرة، لافتاً إلى أن القواعد الفنية كانت محلّ تفاوض عبر الأربعة أشهر الماضية، ولقيت موافقة الجانب الإثيوبي. وأشار إلى أنه كان يجب تأكيد أهمية الالتزام والاتفاق على ما تضمنه إعلان المبادئ من تعهُّد وقواعد القانون الدولي، التي لا تتيح لأحد اتخاذ إجراءات أحادية في ما يتعلق بالأنهار عابرة الحدود، ذاكراً أنّ إخطار إثيوبيا بعدم المشاركة في جولة المفاوضات الأخيرة بواشنطن كان متأخراً.
ولفت وزير الخارجية المصري إلى أنه كانت هناك رغبة لعرقلة الوصول إلى اتفاق نهائي والتوقيع عليه، موضحاً أنّ التوصل لصياغات محددة بشأن مفاوضات سدّ النهضة لم يتم إلا عند الوساطة الأميركية.
وأعربت وزارتا الخارجية والموارد المائية والري المصريتان في بيان مشترك مساء الأحد، عن بالغ الاستياء والرفض للبيان الصادر عن وزارتي الخارجية والمياه الإثيوبيتين بشأن جولة المفاوضات حول سدّ النهضة التي عقدت في واشنطن يومي 27 و28 فبراير/شباط الماضي، والتي تغيّبت عنها إثيوبيا عمداً لإعاقة مسار المفاوضات.
وقال البيان إنه "من المستغرب أن يتحدث البيان الإثيوبي عن الحاجة لمزيد من الوقت لتناول هذا الأمر الحيوي بعد ما يزيد عن خمس سنوات من الانخراط الكامل في مفاوضات مكثفة تناولت أبعاد وتفاصيل هذه القضية كافة".
وأكدت الوزارتان رفضهما التام "لما ورد في البيان الإثيوبي من إشارة إلى اعتزام أديس أبابا المُضي في ملء خزان سدّ النهضة بالتوازي مع الأعمال الإنشائية للسدّ، وليس ارتباطاً بالتوصل إلى اتفاق يراعي مصالح دول المصب ويضع القواعد الحاكمة لعمليتي ملء السدّ وتشغيله بما لا يُحدث أضراراً جسيمة لها. وهو ما ينطوي على مخالفة صريحة للقانون والأعراف الدولية، وكذلك لاتفاق إعلان المبادئ المبرم في 23 مارس 2015، والذي نصّ في المادة الخامسة على ضرورة الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السدّ قبل البدء في الملء، وهو الاتفاق الذي وقعته إثيوبيا ويفرض عليها الالتزام بإجراءات محددة لتأكيد عدم الإضرار بدول المصب"، وفق بيان الوزارتين المصريتين.