وتضم لجنة الاستعلام هذه، التي يرأسها رئيس البرلمان وعضو الحزب الحاكم، ريشار فيران، 31 نائباً برلمانياً من مختلف الأحزاب الفرنسية، ومهمتها مراقبة عمل الحكومة بشكل أسبوعي خلال الأزمة. وبعكس الجلسة التي عقدت في مجلس الشيوخ وحضرها عدد قليل من النواب، يجري الاستماع للحكومة من قبل اللجنة البرلمانية عبر الفيديو.
وبعد خروج فرنسا من الأزمة، من المقرر تعزيز صلاحيات هذه اللجنة لتوكل إليها مهمة التحقيق في سياسة الحكومة الخاصة بإدارة البلاد خلال الوباء. وتنتظر الأغلبية الحاكمة معركة يبدو منذ الآن أنها ستكون حامية، تعدّها أحزاب المعارضة لمحاسبة السلطة على خياراتها وقراراتها في مواجهة الأزمة.
وتأتي جلسة الاستماع الأولى هذه بعد يوم من دعوة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في كلمة له ألقاها من معمل لصنع الكمامات الواقية، إلى تأجيل المحاسبات والاتهامات السياسية إلى ما بعد انتهاء الأزمة، وإلى التعاضد حالياً في وجه "العدو الخفي"، كورونا. ورفع الرئيس الفرنسي من لهجته، متهماً الذين "يسعون منذ الآن إلى فتح محاكمات" بأنهم "غير مسؤولين".
واستمع أعضاء اللجنة لأجوبة الحكومة عن أسئلة طرحوها حول العزل الذي تعيشه البلاد وسيناريوهات الخروج منه، وحول وضع القطاع الصحي والمستشفيات والنقص في المعدات اللازمة للأطقم الطبية وفي الأدوية، إضافة إلى أسئلة حول الوضع الاقتصادي والتعليمي، وأخرى عن سياسة الحكومة على المستوى الأوروبي والدولي.
ومع افتتاحه الجلسة، وعد رئيس اللجنة والبرلمان، ريشار فيران، وهو أحد أبرز وجوه الأغلبية الحاكمة، بـ"عدم عرقلة" اللجنة "عمل الحكومة"، قائلاً إن "وقت الاستجواب سوف يأتي" بعد عبور البلد للأزمة. وابتدأ فيران الجلسة بسؤال حول "المسار" الذي قد تأخذه الأوضاع في البلاد، ولا سيما العزل، خلال الأسابيع المقبلة.
في ردّه على السؤال، قال رئيس الوزراء، إدوار فيليب، إنه "من المحتمل ألا نكون في طريقنا للخروج من العزل بشكل عام ومطلق، دفعةً واحدة وللجميع"، مشيراً إلى دراسة إمكانية وقف العزل في أقاليم ومناطق دون أخرى. وقال إن الحكومة تأمل بتقديم خطة خلال الأيام المقبلة لتنظيم خروج البلاد من العزل الذي تعيشه منذ 17 مارس/آذار.
وأوضح فيليب، في رد على سؤال آخر، أن الأزمة الصحية الحالية "قد تتبعها أزمة اقتصادية وربما، غداً، أزمة مالية"، مشيراً إلى اتخاذ حكومته تدابير اقتصادية للحد من سيناريو كهذا، من بينها ضمان الدولة للشركات الكبرى إمكانية اقتراض ما يصل إلى 300 مليار يورو من البنوك، وخطة بمبلغ قدره 45 مليار يورو لدعم الشركات.
ورداً على سؤال حول إمكانية لجوء حكومته إلى تتبع المرضى أو معارفهم رقمياً، كما فعلت دول مثل كوريا الجنوبية، قال فيليب إن "أدوات كهذه لا وجود لها في فرنسا لأنها غير قانونية"، وإن الحكومة لا تعمل على فرض تدبير كهذا على المواطنين. لكن رئيس الوزراء لم يستبعد "استخدام هذه الأساليب" على أساس "الالتزام التطوعي"، مشيراً إلى أن هذا السؤال ما يزال مفتوحاً للنقاش.
على الصعيد الدولي، قال فيليب إنه "لا يمكننا غض النظر" عن تأثير وباء كورونا على "الدول الهشة"، داعياً إلى "التفكير بالطريقة التي يمكننا من خلالها مساعدة شركائنا، ولا سيما الأفريقيين".
من جهته، قال وزير الصحة، أوليفييه فيران، إن فرنسا تقدمت بطلبات شراء 1.5 مليار كمامة واقية، وهو رقم جديد بعد أن سبق للحكومة الإعلان عن طلبها شراء مليار كمامة من الصين وفتحها "جسراً جوياً" بين البلدين لنقلها.
وفي سؤال عن ضعف عدد الفحوصات التي تقوم بها فرنسا مقارنة بألمانيا، التي تنفذ نحو 500 ألف فحص أسبوعياً، دعا فيران إلى "الحذر الشديد" في تفسير أرقام كهذه وفي بناء المقارنات، واعداً برفع عدد الفحوصات التي تُجرى كل يوم في فرنسا إلى 20 ألفاً خلال أسبوع.
ويأتي كلام فيليب وفيران في وقت دخلت فيه فرنسا مرحلة أكثر صعوبة من الوباء، مع وفاة 444 شخصاً اليوم الأربعاء، ليرتفع عدد الوفيات إلى 4032. وسجل يوم أمس الثلاثاء أكبر حصيلة في عدد الوفيات منذ بداية الوباء، مع وفاة 499 مريضاً.
ويزيد عدد الأشخاص الذين يتلقون العناية في المستشفيات على 24 ألفاً، منهم 6 آلاف في غرف الإنعاش، ما يهدد بوصول البلد إلى سقف طاقته الاستيعابية في غرف الإنعاش خلال الأيام القليلة المقبلة، إذا ما استمر التزايد في أعداد المصابين على هذه الوتيرة المرتفعة.
وبعد بدء السلطات منذ أكثر من أسبوع نقل المرضى من مستشفيات منطقة الشرق الكبير الإدارية، التي تعد الأكثر تضرراً، إلى مستشفيات داخل فرنسا وأخرى خارجها، في ألمانيا وسويسرا ولوكسمبورغ وحتى النمسا، بدأت اليوم عمليات نقل مرضى من مستشفيات في باريس ومحيطها، بعد وصول كثير منها إلى سقف طاقتها الاستيعابية.
وجرى نقل عشرات المرضى المحتاجين لإنعاش، اليوم الأربعاء، من مستشفيات في العاصمة ومحيطها إلى أخرى غرب البلاد، وذلك في قطارات جرى تزويد عرباتها بأسرّة إنعاش. ومن المنتظر نقل عشرات آخرين من المرضى من باريس يوم غد الخميس، ليرتفع عدد المرضى الذين جرى نقلهم من العاصمة ومحيطها إلى 100 خلال يومين.