إخلاء سبيل معطي الأمر بقتل متظاهر لبناني: الطعن أو التصعيد

08 ابريل 2020
قتل أبو فخر بذروة الاحتجاجات اللبنانية (باتريك باز/فرانس برس)
+ الخط -

أثار قرار قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوان، أول من أمس الإثنين، الموافقة على طلبِ إخلاء سبيل العقيد في الجيش اللبناني الموقوف بجرم التدخل في قتل علاء أبو فخر، المعروف بـ"شهيد ثورة 17 أكتوبر"، استياءً كبيرًا في أوساط عائلته، ولدى الفريق القانوني المكلّف متابعة قضيّته، وصل إلى حدّ التلويح باللجوء إلى القضاء الدولي.

العقيد المتّهم بإصدار الأوامر بإطلاق النار على أبو فخر عند مثلث خلدة جنوبي لبنان، ليل 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بينما كان يشارك وزوجته وابنه عمر في الاحتجاجات الشعبية، أطلق سراحه مقابل كفالة مالية وقدرها خمسمائة ألف ليرة لبنانية (حوالى 330 دولاراً وفق سعر الصرف الرسمي)، في حين أبقى القاضي صوان على مرافق العقيد الذي أطلق النار موقوفاً.

ويؤكد مصدرٌ مطلعٌ على الملف، لـ"العربي الجديد"، أنّ المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، يتّجه إلى التحرّك للطعن في قرار إخلاء السبيل، الأمر الذي يتمنّاه شقيق علاء، إيهاب أبو فخر، والذي شدد على ثقته الكبيرة بالقاضي عويدات، الذي يعلّق عليه الكثير من الآمال لإيقاف "الجريمة الثانية" التي ترتكب بحق أبو فخر، لأنّ "أي ضغوطات سياسية تُمارس في هذا الملف إنما هي بمثابة هدر لحقوق الشعب اللبناني".

ويضيف إيهاب، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "القرار القضائي الصادر هو جائرٌ وظالمٌ ولن نسكت عنه، لكننا لا نزال نعوّل على تحرّك القاضي عويدات قبل اتخاذ أي خطوة تصعيدية، ولا سيما في ظلّ وجود فيروس كورونا وحرصنا على حماية الناس وكلّ محبي علاء من أي خطر صحيّ، مع العلم أنّ السلطة اللبنانية تستغلّ الوباء العالمي لتمرير صفقات ومشاريع مشبوهة، لعلّ أبرزها إطلاق سراح العميل عامر الفاخوري بقرار صادر عن المحكمة العسكرية، وذلك بتعاون سياسي، إذ دائماً ما تتآمر الدولة على الشعب مثلما حصل اليوم في قضية شقيقي".

وإذ يشدد أبو فخر على أنّ "الكفالة المالية مقابل الإخلاء لا قيمة لها، وأنّ ذلك بمثابة تشريع للقتل ومن شأنه أن يعرّض أي صاحب كلمة حرّة لجريمة قد تودي بحياته"، يؤكد أيضًا أنّ "الشارع اللبناني لم يستسلم، إنما جمّد فيروس كورونا تحرّكاته، وبمجرّد انتهاء الأزمة الصحية سيشهد لبنان الانتفاضة الكبرى، لأنّ شعلة 17 أكتوبر لن تنطفئ قبل استعادة الشعب اللبناني حقوقه وبناء دولة الحق والعدالة".

وجاء حادث قتل علاء أبو فخر عقب مقابلة الرئيس ميشال عون التلفزيونية مساء 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، التي أشعلت الشارع اللبناني، ودفعت المحتجين لملء الساحات من مختلف المناطق اللبنانية، وقطع الطرقات بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية يومها، والتي اعتبروها مستفزة، لا سيما لجهة دعوة المعتصمين إلى الهجرة، وكذلك تجاهل مطالبهم التي كانوا يتظاهرون من أجلها لأكثر من شهرٍ، وانتقاده عدم وجود قياديين في الانتفاضة للتحدث إليهم، وتأخره في الدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة.

وأصدر أعضاء فريق العمل القانوني المكلف متابعة قضية أبو فخر بياناً، قالوا فيه: "حرصنا منذ بدء المسار القضائي على وضع ثقتنا التامة بالقضاء والمؤسسة العسكرية إيماناً منا بمفهوم دولة القانون، وقد أكدنا جميعاً على فصل القتلة عن صفتهم العسكرية إجلالاً منا لمؤسسة الجيش، كما وحرصت المرجعيات المعنية منذ اليوم الأول لارتكاب هذه الجريمة النكراء على تهدئة أولياء الدم منعاً لانزلاق الأمور إلى ما لا تُحمد عقباه".

وذكّر المحامون بأنه في البيانات السابقة "أكد الفريق القانوني وجوب إبعاد قضية الشهيد علاء عن التجاذبات السياسية، احتراماً للحقوق ولمبدأ سيادة القانون، إلا أنّ قاضي التحقيق العسكري الأول أصدر، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قراراً بترك العقيد المدعى عليه بجرم التدخل في جناية القتل العمد بسند إقامة، وقام النائب العام التمييزي في حينه، مشكوراً، بإعطاء توجيهاته بالطعن في القرار معيدا الأمور إلى نصابها".

وتابع البيان: "على رغم كل ما تقدم، وبعد صدور مذكرة توقيف وجاهية عن محكمة التمييز العسكرية في حق العقيد، عاد قاضي التحقيق العسكري الأول، وأصدر في السادس من إبريل/نيسان الحالي قراراً بإخلاء سبيله، غير آبه بعواقب قراره. ويبدو أن القضاء العسكري استغل قرار التعبئة العامة، ومكوث المواطنين في منازلهم، لتهريب بعض القرارات المشبوهة، إذ إنه بدأ بإطلاق العميل الفاخوري، ومن ثم قرر اليوم إخلاء سبيل الضابط الذي أعطى الأمر بإطلاق النار على أبو فخر، بعد انقضاء حوالي أربعة أشهر على تنفيذ جريمته، في حين أن مطلقي النار في الهواء، أو محرري الشيكات من دون رصيد، يمكثون في السجن لفترات أطول بكثير. وإذا كان العميل الفاخوري فر من دماء معتقلي الخيام بطائرة أجنبية، فإن الضابط المذكور لن يتمكن من الفرار من دماء الشهيد علاء، حتى ولو اقتضى الأمر اللجوء إلى القضاء الدولي إنصافاً لذويه".

واستغرب الفريق القانوني "عدم تحرك مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالشكل المطلوب للطعن في قرار إخلاء السبيل"، آملاً "ألا يكون مرد ذلك إلى انتمائه السياسي المعروف (ويقصد بذلك فريق رئيس الجمهورية ميشال عون)، أو تنفيذ أجندات معينة"، معتبرًا أنّ "القضاء العسكري أمام فرصة أخيرة لإثبات حياديته واستقلاله".

دلالات