مجلس النواب اللبناني يبحث إقرار العفو العام على وقع أصوات المحتجين

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
28 مايو 2020
53A6767B-36D1-4363-AF0E-D830133A995E
+ الخط -
ينعقد مجلس النواب اللبناني في قصر "الأونيسكو" في بيروت على وقعِ التحركات الشعبية وقطع الطرقات في عددٍ من المناطق اللبنانية احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والمالية، في وقت تعلو أصوات المحتجين على إقرار قانون العفو العام.
ويعقد البرلمان، منذ صباح اليوم الخميس، جلسة عامة برئاسة نبيه بري لدرس مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال وإقرارها، وأبرزها اقتراح قانون العفو العام الذي أسقط المجلس عنه صفة العجلة، في 21 إبريل/نيسان الماضي، وأحاله على لجنة الإدارة والعدل النيابية لدراسته، بعد تسجيل اعتراض نواب "حزب القوات اللبنانية"، الذي يترأسه سمير جعجع، و"التيار الوطني الحرّ" برئاسة النائب جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية، و"حزب الكتائب اللبنانية" برئاسة النائب سامي الجميل، وبعض النواب المستقلّين، على الاقتراحين المقدمين من جانب كتلتي "التنمية والتحرير" برئاسة بري، و"المستقبل" النيابية برئاسة النائبة بهية الحريري، بعدما تمّ دمج الاقتراحين معاً.
ويأتي الاعتراض على بنود كثيرة، أبرزها وجود بند يلحظ أن السنة السجنية تخفّض إلى 6 أشهر، كما يُخفّض الشهر إلى أسبوعين، أي أن الذين لم تشملهم الاستثناءات سيطبق عليهم بند المدة السجنية، ومن بينهم من ارتكب جرائم ضد الجيش ومن اغتصب وقتل، فالجميع سيستفيد بالقدر نفسه من هذا البند.
وغرّد باسيل على حسابه عبر "تويتر"، قائلاً إنّ "العفو عن أصغر جنحة تسبب ضرراً معنوياً فقط هو تشجيعٌ لمزيدٍ من فلتان الأخلاق والآداب، كيف إذا كان المطروح أيضاً تخفيض عقوبة الذين قتلوا عسكرنا؟"، مشدداً على أن الزمن هو لتشديد العقوبات، وخصوصاً بالفساد، وليس للتهرب من إقرار قوانين مكافحته مثلما يحدث اليوم. العفو هو إفلات من العقاب وهو جريمة جديدة بحق الوطن، على حدّ قوله.


وكان لافتاً، مشاركة رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري في الجلسة، عند بدء مناقشة قانون العفو العام، الذي يُعتبر من الملفات الأساسية التي يتمسك بها، والتي احتلت لائحة وعوده الانتخابية لناحية أن يشمل القانون العفو عن الموقوفين الإسلاميين، والذي من شأن إقراره أن يعيد للحريري جزءاً من شعبيته التي فقدها في الفترة الماضية، والتي تجلّت في خسارة حوالي ثلث مقاعده النيابية في البرلمان الحالي.
وصرّح الحريري بأنّ البعض يحاول تصوير موضوع العفو العام على أننا نريد إطلاق مجرمين من السجن، وهذا الأمر غير صحيح، وسنتابع القانون حتى النهاية، مستغرباً اعتراض عدد من الأفرقاء السياسيين عليه، في حين كانوا من داعميه سابقاً. ولدى سؤاله من يقصد بقوله هذا، قال الحريري "صاحب التغريدة"، أي أن جبران باسيل واحدٌ منهم.




من جهته، أشار أمين سرّ "تكتل لبنان القوي" (يرأسه باسيل) النائب إبراهيم كنعان إلى أنّ قضية العفو يجب ألا تأخذ اتجاهاً طائفياً، فيما المطلوب أن يبقى تحت سقف مقبول ولا يطاول المعتدين على الجيش.
كما شدد على أن التكتل منفتح على النقاش حول بند "الكابيتال كونترول"، من أجل ضبط العلاقة بين المصرف والمودع، ووضع حدّ للتحويلات الاستنسابية إلى الخارج، وقد يكون هناك توجه لإحالته إلى لجنة المال للبتّ به خلال 15 يوماً.


بدوره، اعتبر النائب في التكتل نفسه الياس بو صعب، أن قانون العفو العام يضمّ الكثير من المشاكل والفضائح، خصوصاً في البندين 8 و9، لافتاً إلى أن "تكتل لبنان القوي" يناقش القانون للخروج بموقف نهائي. وشدد بو صعب على أنّ البند الثامن من القانون يتعلق بعودة العملاء من إسرائيل إلى لبنان و"أنا لن أصوّت معه"، والتكتل ليس متحمساً لهذا القانون. أما البند الأخطر، برأيه، فهو التاسع، والذي يقول إن كلّ من لم يتم العفو عنهم سيتمّ تخفيض مدّة عقوبتهم.




من جهته، أعلن عضو كتلة "التنمية والتحرير" برئاسة بري، النائب علي حسن خليل، في تغريدة عبر "تويتر" أن موقف "حركة أمل" هو رفض العفو عن عملاء العدو الإسرائيلي، والذين ارتكبوا المجازر بحق لبنان واللبنانيين، وسنصوّت ضده.

ومعلوم أن من أسباب الخلاف بشأن قانون العفو هو تمسك "التيار الوطني الحرّ" و"القوات اللبنانية" و"الكتائب" وبعض النواب المستقلين بعودة "المبعدين إلى إسرائيل"، والذي يُعدّ أحد بنود وثيقة التفاهم الموقعة بين التيار وبين "حزب الله" في فبراير/شباط 2006.
ويقول مصدر في "حزب الله"، لـ"العربي الجديد"، إنّ هذا الملف فيه ناحية عاطفية لناحية الأولاد والعائلات وقد تكون قابلة للنقاش، بيد أن مشكلة الحزب مع العمالة هي مبدئية، حيث أن من اقترف جرم العمالة، وشارك مع جيش العدو في المجازر التي ارتكبها جنوباً، لا يمكن أن نعفو عنه، ومن يعتبر نفسه بريئاً فليحاكم، ومن يُتهم سينال العقاب عن جريمة خيانة الوطن.
أما عضو "تكتل لبنان القوي" النائب جورج عطالله، فغرّد عبر حسابه في "تويتر" كاتباً: "كرمال شهداء الجيش والمدنيين، كرمال ضحايا المخدرات، كرمال ضحايا القتل وغيرها، كرمال ما نقتل ضحايانا مرتين، وعلى قاعدة ثباتنا وعدم تراجعنا عن مواقفنا، لم ولن نقبل بقانون عفو وفق أي صيغة لا بل نرفضه من دون أي تردّد".


ويلفت النائب فريد هيكل الخازن، من جهته، إلى أنّ "العفو العام دخل خانة المزايدات، وأنا أفضّل أن يفنّد بنداً بنداً لإزالة كل الأفخاخ الموجودة فيه".
ويؤكد مصدرٌ في "الحزب التقدمي الاشتراكي" الذي يرأسه النائب السابق وليد جنبلاط، أنّ العفو العام ضرورة وطنية واجتماعية وصحية، ولا سيما لتخفيف مسألة الاكتظاظ التي تشكل خطراً على حياة السجناء في ظلّ فيروس كورونا، ولكن الحزب يفضل الاتفاق حول صيغة توافقية ترضي الجميع للسير بهذا القانون.
وانتشر خلال اليومين الماضيين، وقبيل جلسة مجلس النواب، وسم "حقن رصاصة"، بالتزامن مع إعادة طرح ملف "عودة اللبنانيين المبعدين الى إسرائيل" على السّاحة الداخلية، وتمسّك عددٍ من الأحزاب والنواب المستقلين بأن يكون هذا البند مشمولاً في قانون العفو العام الذي يشكل مادة خلافية في مجلس النواب، وذلك في إشارة منهم الى أن أي عميل يأتي إلى لبنان سيكون مصيره "رصاصة".
وأثار رئيس "حزب الكتائب اللبنانية" النائب سامي الجميل الموضوع خلال الجلسة، لافتاً إلى أن هناك حملة تخوين وتشهير تطاول المجلس النيابي وأحزابنا، وقد تم وضع صور لنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسيء إلينا. فردّ بري مؤكداً أنّ كرامة مجلس النواب مصانة، وهي من كرامتي وكرامة البرلمان ككلّ، أما مواقع التواصل الاجتماعي، فبدءاً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب (الذي يهدد بإخضاعها للوائح تنظيمية مشددة) إلى آخر الدنيا لا يمكن لأحد أن يمون عليها إلا رب العالمين.
وأرفق عدد من مناصري "حزب الله" وسم "حقن رصاصة" بصورة للعميل أنطوان يوسف الحايك (شرطي سابق في جيش لبنان الجنوبي) الذي قتل في مارس/آذار الماضي في بلدة المية ومية – صيدا (جنوب لبنان) داخل محلّ يملكه، في قضية رُبطت وقتها بإطلاق سراح العميل اللبناني الأميركي عامر الفاخوري وسفره إلى الولايات المتحدة وقد بقيت ملابسات الجريمة غامضة، علماً أنّ الفاخوري صدر قرار وقف التعقبات بحقه عن رئيس المحكمة العسكرية المقرب من الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله)، وقد تعاونت الحكومة اللبنانية (يُعدّ حزب الله عرابها الأساسي) بإقرار من الرئيس الأميركي، لحلّ قضيته، وبالتالي سفره بطوافة أقلته من مبنى السفارة الأميركية في بيروت، ليغادر بعدها إلى الولايات المتحدة الأميركية.
دلالات

ذات صلة

الصورة
دبابة إسرائيلية على حدود لبنان من جهة الناقورة، 13 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

اشتدت حدة المواجهات البرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان مع دخول المعارك شهرها الأول من دون أن تتمكن إسرائيل من إحكام السيطرة.
الصورة
قصف إسرائيلي في محيط قلعة بعلبك الأثرية، 21 أكتوبر 2024 (نضال صلح/فرانس برس)

سياسة

انضمّت مدينة بعلبك إلى الأهداف الإسرائيلية الجديدة في العدوان الموسَّع على لبنان تنفيذاً لسياسة الأرض المحروقة ومخطّط التدمير والتهجير الممنهج.
الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير
المساهمون