من المقرر أن تنطلق منتصف الشهر المقبل أولى جلسات الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة في العاصمة بغداد، وفقاً لما أعلن عنه مسؤولون من البلدين في وقت سابق. ولغاية أمس الخميس لم تُسمِ الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي فريقها التفاوضي مع الأميركيين، بعد أن سحبت أسماء سابقة وضعها رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي لهذا الغرض، كما أنها لم توضح رؤيتها حول ملفات الحوار الرئيسية التي سيتم بحثها في بغداد قبل الانتقال إلى واشنطن في جولة ثانية من المباحثات. في المقابل فإن الأميركيين قاموا مسبقاً بتسمية وفدهم التفاوضي الذي سيصل إلى بغداد بين 13 و14 يونيو/حزيران المقبل، وعلى رأسه مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل، وفقاً لتصريح سابق أدلى به وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال مؤتمر صحافي منتصف إبريل/نيسان الماضي، أشار فيه إلى أن الحوار المرتقب سيكون أول مراجعة من نوعها لكافة المواضيع المتعلقة بالعلاقات الأميركية العراقية، مشدداً على أهمية أن يتعاون البلدان كي لا تذهب الانتصارات على "داعش" والجهود المبذولة في استقرار العراق سدى، في ظل انتشار وباء كورونا وتراجع إيرادات النفط، مؤكداً أن واشنطن تسعى لأن تستمر علاقاتها الجيدة مع بغداد.
الحوار الأول من نوعه منذ عام 2008، الذي دار بين الطرفين لتوقيع اتفاقية التعاون الأمني والذي بموجبه انسحبت القوات الأميركية من العراق بشكل تدريجي عام 2011 بعد غزو البلاد، يأتي بعدما خسر العراق مئات آلاف القتلى والجرحى وشهد انهياراً في مختلف جوانب الحياة، فيما يعوّل الطرفان اليوم على ما يسميه مسؤول عراقي رفيع، تحدث عبر الهاتف مع "العربي الجديد"، "علاقة محددة وواضحة يعرف كل طرف ما يريد من الآخر". وأكد المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "الملفات المقرر فتحها أمنية وسياسية واقتصادية مختلفة، لكن بطبيعة الحال سيكون أحدها مفتاحاً لتوافق كامل أو نسفاً نهائياً للحوار، وهو ملف الوجود الأميركي في العراق والنفوذ الإيراني فيه".
وكشف أن حكومة الكاظمي تغاضت عن أسماء وفد شكّلته حكومة عبد المهدي بعد أيام من إعلان واشنطن عن الحوار الاستراتيجي بين الطرفين كونه وفدا أقرب لأن يكون سياسياً حزبياً، ولم يتم حتى الآن تسمية الوفد العراقي لكن هناك توجهاً لأن يكون من قيادات عسكرية وأمنية عراقية رفيعة وأيضاً من مسؤولين في وزارة الخارجية ومجلس القضاء ووزارة المالية ووزارة التجارة ووزارة النفط ووزارة العدل، وجهات حكومية أخرى، وبإشراف الكاظمي.
وتحدث عن "وجود ضغوط سياسية من قوى مرتبطة بإيران للتدخّل في الحوارات وفرض رؤيتها حول ملفاته بعد معرفتها بخطوات تشكيل وفد جديد من قبل الكاظمي، إذ أوصلت رسائل عدة بأن أي نتائج يفرزها الحوار المقرر لن يكون لها أثر ما لم تنل موافقة القوى السياسية الرئيسية وفصائل المقاومة"، في إشارة إلى المليشيات التابعة لإيران في العراق، وأبرزها "حزب الله و"العصائب" و"النجباء" و"الخراساني" و"الإمام علي" و"سيد الشهداء"، وجماعات مسلحة أخرى شكّلت في مطلع إبريل/نيسان الماضي تحالفاً اعتبرت فيه القوات الأميركية في العراق قوات احتلال وأنها "أهداف مشروعة لها". وأضاف المسؤول أن "الإيرانيين ينظرون إلى هذا الحوار على أنه يستهدف نفوذهم في العراق بشكل رئيسي وأي ملف غيره هو مجرد غطاء، وهو رأي لا يمكن اعتباره خاطئاً".
ومطلع العام الحالي، صوّت البرلمان العراقي في جلسة استثنائية، قاطعتها الكتل الكردية وغالبية القوى العربية السنّية وكتل ونواب المكوّن التركماني والمسيحي ونواب مستقلون آخرون، على قرار يُلزم الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من البلاد، إثر عملية اغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي.
اقــرأ أيضاً
الدبلوماسي الإيراني السابق أمير الموسوي قال إن "ما يهم إيران هو استقرار العراق واسترجاع سيادته"، في إشارة إلى مسألة خروج القوات الأجنبية منه، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن بلاده "تعمل على هذا الأمر". ولفت إلى أن "تسمية رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي، خير دليل على نهج إيران، فعندما رأت وجود إجماع يساعد على التهدئة السياسية في العراق وقفت بقوة إلى جانب هذا الإجماع ودعمته وأيّدته، على الرغم من كل ما سمعناه حول هذا الموضوع".
وأوضح أن طهران "غير منزعجة من هذا الحوار، بل على العكس هي داعمة له، وهي مع حصول نوع من المراجعة خصوصاً أن هناك أخطاء استراتيجية حصلت، فالوجود الأميركي أسيء فهمه ضمن الاتفاقية الأمنية التي وُقّعت سابقاً بين بغداد وواشنطن، فهناك تصرفات أميركية أضرّت بسيادة العراق وأمنه والشعب العراقي، ويجب وضع حد لهذه التصرفات من خلال هذا الحوار والتفاوض".
لكنه عاد للقول "إذا كانت نتائج الحوار غير مرضية لطهران، وتم الاتفاق على إبقاء القوات الأميركية وزيادة النفوذ الأميركي في العراق، سيكون هناك اعتراض سياسي إيراني، لكن كلمة الفصل ستكون لفصائل المقاومة العراقية، والقوى السياسية العراقية والشعب، وهذا الأمر ربما يهدد بإقالة أو إزالة مصطفى الكاظمي من رئاسة الحكومة العراقية".
من جهته، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، مختار الموسوي، لـ"العربي الجديد"، إن البرلمان "سيراقب الحوار الاستراتيجي المرتقب بين واشنطن وبغداد والمعاهدات والاتفاقيات التي ستُوقّع خلال الحوار، وسيدرسها، ولن يسمح بتمرير أو تنفيذ أي اتفاق يعارض قرار البرلمان القاضي بإخراج كافة القوات الأجنبية من الأراضي العراقية".
وشدد الموسوي الذي ينتمي إلى تحالف "الفتح"، أبرز القوى السياسية المدعومة من طهران، على أن "الحوار والتفاوض يحب أن يكونا في مصلحة العراق والعراقيين، وليس من أجل المصالح والأهداف الأميركية، فهناك مخاوف من أن هدف هذا الحوار هو تعزيز التواجد الأميركي، وإيجاد ذريعة وعنوان جديد لبقاء القوات الأميركية".
في المقابل، قال محافظ الموصل الأسبق القيادي في جبهة "الإنقاذ والتنمية"، أثيل النجيفي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الحوار الاستراتيجي المقبل بين العراق والولايات المتحدة هو أخطر ما يواجه المحور الإيراني"، مضيفاً أن "المحور الإيراني قبِل بمصطفى الكاظمي رئيساً للحكومة، بعد أن كان يرفضه سابقاً، وقدّم ذلك على أنه تنازل تكتيكي لعبور مرحلة حرجة يمر بها العراق وهو بحاجة لدعم الولايات المتحدة وحلفائها اقتصادياً وأمنياً، ويأمل المحور الإيراني الانقلاب على التقارب مع أميركا وحلفائها بعد عبور المرحلة مباشرة".
وأضاف النجيفي أن "الولايات المتحدة تريد من الحوار الاستراتيجي أن يضع أسساً لعلاقة طويلة الأمد وواضحة المعالم مع العراق، على أسس لا يمكن لأي حكومة عراقية التملص منها بسهولة". وتابع: "يسعى المحور الإيراني للمساهمة في المفاوضات بغية عرقلتها أو إيصالها إلى طريق مسدود أو تهييج الشارع العراقي ضد تفاصيل ما يدور في المفاوضات، وبذلك يكسب الوقت من الدعم الأميركي العاجل ويماطل في التوصل إلى اتفاق نهائي واستراتيجي مع الولايات المتحدة".
الحوار الأول من نوعه منذ عام 2008، الذي دار بين الطرفين لتوقيع اتفاقية التعاون الأمني والذي بموجبه انسحبت القوات الأميركية من العراق بشكل تدريجي عام 2011 بعد غزو البلاد، يأتي بعدما خسر العراق مئات آلاف القتلى والجرحى وشهد انهياراً في مختلف جوانب الحياة، فيما يعوّل الطرفان اليوم على ما يسميه مسؤول عراقي رفيع، تحدث عبر الهاتف مع "العربي الجديد"، "علاقة محددة وواضحة يعرف كل طرف ما يريد من الآخر". وأكد المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "الملفات المقرر فتحها أمنية وسياسية واقتصادية مختلفة، لكن بطبيعة الحال سيكون أحدها مفتاحاً لتوافق كامل أو نسفاً نهائياً للحوار، وهو ملف الوجود الأميركي في العراق والنفوذ الإيراني فيه".
وتحدث عن "وجود ضغوط سياسية من قوى مرتبطة بإيران للتدخّل في الحوارات وفرض رؤيتها حول ملفاته بعد معرفتها بخطوات تشكيل وفد جديد من قبل الكاظمي، إذ أوصلت رسائل عدة بأن أي نتائج يفرزها الحوار المقرر لن يكون لها أثر ما لم تنل موافقة القوى السياسية الرئيسية وفصائل المقاومة"، في إشارة إلى المليشيات التابعة لإيران في العراق، وأبرزها "حزب الله و"العصائب" و"النجباء" و"الخراساني" و"الإمام علي" و"سيد الشهداء"، وجماعات مسلحة أخرى شكّلت في مطلع إبريل/نيسان الماضي تحالفاً اعتبرت فيه القوات الأميركية في العراق قوات احتلال وأنها "أهداف مشروعة لها". وأضاف المسؤول أن "الإيرانيين ينظرون إلى هذا الحوار على أنه يستهدف نفوذهم في العراق بشكل رئيسي وأي ملف غيره هو مجرد غطاء، وهو رأي لا يمكن اعتباره خاطئاً".
ومطلع العام الحالي، صوّت البرلمان العراقي في جلسة استثنائية، قاطعتها الكتل الكردية وغالبية القوى العربية السنّية وكتل ونواب المكوّن التركماني والمسيحي ونواب مستقلون آخرون، على قرار يُلزم الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من البلاد، إثر عملية اغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي.
الدبلوماسي الإيراني السابق أمير الموسوي قال إن "ما يهم إيران هو استقرار العراق واسترجاع سيادته"، في إشارة إلى مسألة خروج القوات الأجنبية منه، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن بلاده "تعمل على هذا الأمر". ولفت إلى أن "تسمية رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي، خير دليل على نهج إيران، فعندما رأت وجود إجماع يساعد على التهدئة السياسية في العراق وقفت بقوة إلى جانب هذا الإجماع ودعمته وأيّدته، على الرغم من كل ما سمعناه حول هذا الموضوع".
وأوضح أن طهران "غير منزعجة من هذا الحوار، بل على العكس هي داعمة له، وهي مع حصول نوع من المراجعة خصوصاً أن هناك أخطاء استراتيجية حصلت، فالوجود الأميركي أسيء فهمه ضمن الاتفاقية الأمنية التي وُقّعت سابقاً بين بغداد وواشنطن، فهناك تصرفات أميركية أضرّت بسيادة العراق وأمنه والشعب العراقي، ويجب وضع حد لهذه التصرفات من خلال هذا الحوار والتفاوض".
لكنه عاد للقول "إذا كانت نتائج الحوار غير مرضية لطهران، وتم الاتفاق على إبقاء القوات الأميركية وزيادة النفوذ الأميركي في العراق، سيكون هناك اعتراض سياسي إيراني، لكن كلمة الفصل ستكون لفصائل المقاومة العراقية، والقوى السياسية العراقية والشعب، وهذا الأمر ربما يهدد بإقالة أو إزالة مصطفى الكاظمي من رئاسة الحكومة العراقية".
وشدد الموسوي الذي ينتمي إلى تحالف "الفتح"، أبرز القوى السياسية المدعومة من طهران، على أن "الحوار والتفاوض يحب أن يكونا في مصلحة العراق والعراقيين، وليس من أجل المصالح والأهداف الأميركية، فهناك مخاوف من أن هدف هذا الحوار هو تعزيز التواجد الأميركي، وإيجاد ذريعة وعنوان جديد لبقاء القوات الأميركية".
في المقابل، قال محافظ الموصل الأسبق القيادي في جبهة "الإنقاذ والتنمية"، أثيل النجيفي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الحوار الاستراتيجي المقبل بين العراق والولايات المتحدة هو أخطر ما يواجه المحور الإيراني"، مضيفاً أن "المحور الإيراني قبِل بمصطفى الكاظمي رئيساً للحكومة، بعد أن كان يرفضه سابقاً، وقدّم ذلك على أنه تنازل تكتيكي لعبور مرحلة حرجة يمر بها العراق وهو بحاجة لدعم الولايات المتحدة وحلفائها اقتصادياً وأمنياً، ويأمل المحور الإيراني الانقلاب على التقارب مع أميركا وحلفائها بعد عبور المرحلة مباشرة".
وأضاف النجيفي أن "الولايات المتحدة تريد من الحوار الاستراتيجي أن يضع أسساً لعلاقة طويلة الأمد وواضحة المعالم مع العراق، على أسس لا يمكن لأي حكومة عراقية التملص منها بسهولة". وتابع: "يسعى المحور الإيراني للمساهمة في المفاوضات بغية عرقلتها أو إيصالها إلى طريق مسدود أو تهييج الشارع العراقي ضد تفاصيل ما يدور في المفاوضات، وبذلك يكسب الوقت من الدعم الأميركي العاجل ويماطل في التوصل إلى اتفاق نهائي واستراتيجي مع الولايات المتحدة".