وكشفت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أيضاً، عن تسجيل أكثر من 15 إصابة جديدة بكورونا مع العودة للعمل بعد العيد في بعض الكليات والمعاهد العسكرية، حيث تمّ عزل المصابين في مستشفى حميات ألماظة، كما سجّلت خمس إصابات بين ضباط وزارة الداخلية في فروع مختلفة من العمل، ليس بينها السجون حتى الآن، وخضع أصحابها للعزل في أحد المستشفيات الخاصة بمدينة نصر.
ومن ضحايا كورونا في الأماكن الحكومية الحساسة أيضاً، عقيدٌ بشرطة المطارات توفي بعد إصابته بالعدوى التي انتقلت إليه من أحد المصريين العائدين من الخارج في رحلة إجلاء للرعايا. وتم اكتشاف إصابة الضحية بعد أيام قليلة من استقبال الوافد، وتزامن ظهور الأعراض لديه مع ظهورها لدى الوافد، والذي لم يتمّ وقفه في المطار نظراً لضعف إمكانيات الكشف لدى العودة المباشرة، بحسب المصادر ذاتها. يأتي هذا في أعقاب إصابة 4 برلمانيين جدد بفيروس كورونا، مع التأكد من عدم حضورهم خلال فترة حضانة الفيروس لمقر البرلمان، ووفاة موظف مدني في سجن طره مصاباً بالعدوى، وقالت وزارة الداخلية في بيان إنه لم يخالط أحداً من العاملين أو النزلاء.
ورجحت المصادر أن تشهد الفترة المقبلة تسجيل المزيد من الإصابات في جميع قطاعات الدولة التي باشرت العمل بصورة أوسع. وأوضحت أن لجنة إدارة الأزمة التي يرأسها رئيس الوزراء، ويحتل فيها ممثل للاستخبارات العامة ومستشار رئيس الجمهورية للصحة (محمد عوض تاج الدين) مركزين مهمين، تلقت تحذيرات من وزارة الصحة بضرورة دراسة الوضع الوبائي قبل اتخاذ قرارات بالعودة الكاملة والتعايش مع الفيروس قبل منتصف الشهر الحالي، نظراً لعدم تحمل المنظومة الصحية المزيد من حالات الإصابة العشوائية بين المواطنين في جميع المحافظات.
وذكرت المصادر أن لجنة الأزمة، وبعدما كانت ترى ضرورة إصدار خطة التعايش قبل نهاية الشهر الماضي، اعتبرت أن هناك العديد من البنود في الخطة التي أعدتها وزارة الصحة، تتطلب تنسيقاً مبدئياً مع جهات مختلفة، خصوصاً وزارات الدفاع والداخلية والعدل والمالية والصناعة والاستثمار والسياحة وقطاع الأعمال والغرف التجارية. ويرتبط التنسيق خصوصاً بضوابط العمل في المصانع والشركات الخاصة، وكذلك شركات قطاع الأعمال العام والمصارف والفنادق. وكانت بعض الجهات قد اعترضت على ما ستتكلفه من أموال طائلة تفوق ميزانياتها في تطبيق بعض البنود، مثل الإلزام بارتداء الكمّامات، وشراء المواد المطهرة، وزيادة المركبات الخاصة بنقل العمال، فضلاً عن تخصيص أماكن داخل المنشآت كعيادات وأماكن للعزل.
وأوضحت المصادر أن اللجنة تلقت مطالبات مختلفة بتخفيف الإجراءات الإلزامية، وبجعلها غير مرتبطة بعقوبات على المنشآت الحكومية أو الخاصة أو رجال الأعمال، بحجة حاجة الدولة للاستثمارات والعمل، وعدم تعطيله أو طرد المستثمرين الأجانب. كما خرجت مطالبات بدعمٍ مالي من الحكومة والوزارات المعنية للمنشآت، في صورة إعفاءات ضريبية أو تخفيضات لبعض الرسوم، لتوفير التمويل الكافي لاستحداث بنود التعايش. واعتبرت المصادر الحكومية أن الاستجابة لتلك المطالبات ستخلي خطة التعايش من مضمونها تماماً لحساب رجال الأعمال والإدارات، في وقت توصي فيه وزارة الصحة والجهات العلمية الأخرى بالعمل على تشديد الإجراءات.
ويعكس هذا التضارب رخاوة تعامل الدولة بشكل عام مع الأزمة، وهشاشة مواقفها التي مضت بتوجيهات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في سلسلةٍ من تخفيف التدابير الاحترازية والتضحية بأرواح المواطنين بدعوى حماية الاقتصاد القومي.
وحول عدم مشاركة الجيش بإمكانياته الكبيرة حتى الآن في المنظومة الصحية للتصدي لكورونا، واختفاء الوعود بإنشاء مستشفيات ميدانية وتوزيع كمّامات على المواطنين في الشوارع، وغيرها مما كلّف به السيسي وتمّ عرضه علناً، مطلع إبريل/ نيسان الماضي، قالت المصادر إن قلقاً شديداً يسود داخل القوات المسلحة من تسرب الوباء إلى معسكرات الجيش. وكان من المقرر أن يتم وضع خطة للفصل بين المعسكرات والضباط والجنود الذين سيساهمون في دعم المنظومة الصحية الحكومية، إلا أن تحذيرات طبية من عدم كفاءة نظام الترصد داخل الجيش، وانخفاض قدرة الأجهزة المعملية على الاكتشاف المبكر للإصابات، أدى إلى عرقلة المشروع وإرجائه بالكامل.
وذكرت المصادر أن لجنة إدارة الأزمة كانت قد أعادت فتح موضوع اشتراك الجيش في إدارة حظر التجول المطبق والمدار بواسطة وزارة الداخلية حالياً، لكن الجيش والاستخبارات أصرا على عدم المخاطرة للحفاظ على سلامة المعسكرات. وأشارت المصادر إلى أن كفاءة الترصد داخل الجيش تتعرض هذا الأسبوع لاختبارٍ حاسم، بسبب استقبال المعسكرات لآلاف المجندين العائدين من أماكن معيشتهم. وتمّ التوجيه بإجراء كشف سريع لجميع المجندين عند دخولهم، وخلال يومين بعدها، مع الحفاظ على قواعد التباعد الجسدي قدر الإمكان. وتمّ بالفعل تحويل عشرات الحالات المشتبه فيها، يوم السبت الماضي، إلى مستشفيات عسكرية للفحص الدقيق.
وفي سياق متصل، أصدرت وزيرة الصحة هالة زايد قرارين بإلغاء الإجازات الممنوحة لجميع الأطباء، بما في ذلك الإجازات الدراسية، وعودتهم جميعاً للعمل، واستئنافه في المستشفيات، وخضوع من يلزم تدريبه لدورات سريعة للتعامل مع حالات الاشتباه والإصابة. وجاء قرار زايد قبل ساعات من اجتماعها، أول من أمس الأحد، بنقيب الأطباء حسين خيري، لدراسة الخطوات التنفيذية لتوجيهات رئيس الوزراء لامتصاص غضب الأطباء والطواقم الطبية وتوفير الإمكانيات لهم.
وشهدت الساعات الماضية ازدحاماً غير مسبوق على أبواب المستشفيات التي أعلنت عنها وزارة الصحة في جميع مناطق الجمهورية تقريباً لاستقبال حالات الاشتباه، وذلك بسبب تأخر عشرات المستشفيات في الالتحاق بالخدمة نتيجة عدم وصول المستلزمات، وعدم توافر أدوات أخذ المسحة لتحليل "بي سي آر"، أو عدم إخطار إدارات المستشفيات بدخولها ضمن القائمة.
وسبق أن تجاهلت الحكومة مناشدة العديد من الجهات تشديد الحظر، ومددت تطبيق إجراءاتها المخففة منذ بداية شهر رمضان الماضي (من 23 إبريل/ نيسان وحتى 23 مايو/ أيار) لقيود التدابير الاحترازية وحظر التجول إلى نهاية شهر الصوم، ليستمر التجول من التاسعة مساء وحتى السادسة صباحاً، بعدما كان يبدأ في الثامنة مساء. كما أعادت الحكومة تشغيل المحال التجارية والحرفية والمراكز التجارية (المولات) يومي الجمعة والسبت، وتشغيل الخدمات الحكومية تدريجياً، بعودة عمل بعض المصالح جزئياً، كالشهر العقاري والمحاكم والمرور.
وتخطى عدد الإصابات بفيروس كورونا في مصر 25 ألفاً بعد أيام عدة من الزيادة المستمرة بتسجيل أكثر من 1500 إصابة أول من أمس، مع انخفاض معدلات الوفاة إلى 4 في المائة، وزيادة نسبة التعافي أيضاً إلى نحو 25 في المائة، بينما تصل نسبة الشفاء العالمية إلى 43 في المائة.