كورونا ينعش دعوات إحياء المغرب العربي الكبير

29 ابريل 2020
يضغط الرأي العام لإحياء الاتحاد (فاضل سنة/فرانس برس)
+ الخط -
عاد مشروع اتحاد المغرب العربي الكبير، إلى دائرة الضوء مجدداً، من باب ضرورة إعادة إحياء طرحه جدياً، لاسيما في ظلّ تفشي وباء كورونا، وما فرضته الأزمة الصحية من قيودٍ بحرية وجوية وبرّية بين أغلب دول العالم، وتحديداً بين دول المغرب العربي وبلدان الاتحاد الأوروبي. ودعا نشطاء من الجزائر والمغرب وتونس، إلى إحياء مشروع المغرب الكبير(يطلق على تجمع دول تونس والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا)، مؤكدين أنه طوق النجاة لهذه البلدان، لتتمكن من التعويل على مواردها، ومجابهة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للأزمة، وذلك على الرغم من العوائق التي تقف أمامه.

ويرى أستاذ القانون الدولي في جامعة تونس، عبد المجيد العبدلي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن مشروع المغرب العربي، لطالما اعتبر ولا يزال، الحلّ الأفضل لهذه الدول، فقط إذا سارت التجربة في الطريق الصحيح. فخلال الأزمات، على حدّ قوله، تبرز دائماً الحاجة إلى الوحدة وتضافر الجهود، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن "العوائق (أمام إحياء المشروع) لا تزال موجودة، ومنها مشكلة الصحراء والأزمة الليبية، كما أن العلاقة بين أهم دولتين في المشروع، المغرب والجزائر، لا تزال شبه مقطوعة".


وفيما يشير العبدلي إلى أن الحدود بين البلدان الأربعة مغلقةٌ اليوم في ظلّ أزمة كورونا، يرى أن أيّ دعوة لإحياء اتحاد المغرب العربي "يجب أن تقترن بالواقع، وتمرّ إلى مرحلة التطبيق"، معتبراً أنه "لا بدّ من توفر الإرادة السياسية لإحياء مشروع المغرب العربي الكبير، فالنوايا طبية، لكن الإرادة غائبة".

ومفصلاً العوائق، يلحظ الخبير القانوني التونسي، أن الوضع في ليبيا حالياً لا يسمح بإحياء المشروع، كما أن دولة موريتانيا ضعيفة ومنزوية جغرافياً. وإذ يشير إلى أن "الفكرة والمشروع جيدان"، إلا أنه "يجب المرور إلى الفعل، لكن باستثناء بعض اللقاءات والاجتماعات التي تُبرز في كل مرة هذا الطرح، وتعيده إلى السطح، إلا أنه سرعان ما يخمد، فيجري دفن المشروع"، معتبراً أن "المحرك الأساسي في هذه التجربة هما الجزائر والمغرب، فإذا صدقت النوايا بينهما، يمكن لعجلة المشروع أن تدور مجدداً، وللتجربة أن تبرز". وبرأيه، فإن "أزمة كورونا كشفت أن كلّ دولة تحاول العمل بمفردها بحثاً عن مصلحتها، مثلما يحصل في الاتحاد الأوروبي، لكن لا بد من التفكير مستقبلاً في آليات لعلاقات إقليمية ودولية جديدة".

من جهته، يعتبر وزير الخارجية والدبلوماسي التونسي السابق، أحمد ونيس، أن "إحياء المغرب العربي الكبير في مثل هذا الظرف مسألة مهمة جداً، نظراً لأن الجزائر تعيش مرحلة جديدة، وهي تقريباً بصدد طيّ صفحة الماضي، خصوصاً في ما يتعلق بنتائج السياسات الخاطئة التي اتبعتها، والتي عطّلت المشروع وخلقت عداوات مع المحيط، وتحديداً مع المغرب"، مبيناً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "بوادر الربيع العربي في الجزائر حملت وعياً جديداً، وفكراً أعمق في الانتساب إلى الديمقراطية والانفتاح على الآخر".

أما بالنسبة للحرب في ليبيا، فبرأي ونيس أنها "لن تنتهي إلا في نطاق المغرب الكبير، لأن المصير مشترك، فمثلما عاشت هذه البلدان أوضاعاً صعبة وأزمات وتحررت من الاستعمار والاستبداد، فإنه يمكنها إنجاح مشروع المغرب العربي الكبير"، معتبراً أن الليبيين إذا ما وجدوا الأرضية المغاربية مهيأة، فإنهم سيقدمون تنازلات من أجل إنهاء أزمتهم، التي يبدو أن حلّها لن يكون إلا ضمن قمة مغاربية تبحث المصير المشترك لبلدان المغرب العربي".

ويشدد الدبلوماسي التونسي على "ضرورة تعديل الميزان الجيواستراتيجي في المحيط المغاربي بوجود دولة قوية في الشرق وأخرى في الغرب، فالطاقات الفكرية يمكن أن تتحد، ويمكن لبلدان المغرب العربي العمل ضمن وطنٍ كبير بدل التجزئة".

وكان رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية، وزير الخارجية التونسي الأسبق، رفيق عبد السلام، قد أكد في حديثٍ سابق لـ"العربي الجديد"، أنّ تجربة المغرب الكبير "قد تشهد تطوراً في ظلّ الضغط من المؤسسات المغاربية والرأي العام لإحياء الاتحاد، وتجاوز الانقسامات الحاصلة". وشدّد في الوقت ذاته على "وجود مشاكل مزمنة في تجربة المغرب العربي الكبير لم تُحل بين دوله، لكن القضايا الخلافية يمكن وضعها جانباً، ليتمّ الاتجاه نحو تعميق المصالح الاقتصادية والتكامل بين شعوب المنطقة بخلفية عملية أكثر، وتعزيز المصالح والمنافع المشتركة بين البلدان المغاربية"، معتبراً أن أزمة كورونا "ستدفع في هذا الاتجاه".