بعد ثلاثة أيام على أطول عملية عسكرية إسرائيلية في مدينة جنين ومخيمها منذ الانتفاضة الثانية التي اندلعت عام 2000، انسحبت قوات الاحتلال بشكل كامل من المدينة ومخيّمها.
وتواصل العدوان الإسرائيلي على جنين لأكثر من 60 ساعة، وأدى إلى سقوط 12 شهيدا وعشرة جرحى إضافة إلى اعتقال المئات، وتدمير البنية التحتية. وأثناء عمليته العسكرية، حاول الاحتلال الإسرائيلي الخروج بصورة نصر مستندا إلى صور لأسرى شبه عراة في مستشفى جنين الحكومي ولمشاهد إقامة صلوات تلمودية في أحد مساجد المخيم.
ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي معاوية موسى "أن هناك حرصا إسرائيليا على الخروج بصورة نصر أمام الشارع الإسرائيلي، لذلك قامت وحدة التأثير على الوعي في جيش الاحتلال الإسرائيلي بنشر فيديو لجندي إسرائيلي يقيم صلوات تلمودية في مسجد في مخيم جنين".
وتابع موسى في تصريحات لـ"العربي الجديد": "يعلم الاحتلال أن صور انتهاك المساجد ناهيك عن إقامة صلاة تلمودية فيها أمر مستفز للفلسطينيين، لذلك يقومون به، وتحديدا في هذه العملية العسكرية المستمرة في مدينة ومخيم جنين".
ويتساءل موسى الذي يقيم في مدينة جنين: "ما الذي يمكن أن يمنع جيشا مدججا بكل الأسلحة من اقتحام مسجد؟ وما هو النصر الذي حققه الاحتلال في ذلك؟!".
ونشر عدد من الصحافيين الإسرائيليين، مقاطع لجندي إسرائيلي في أحد مساجد مخيم جنين يقوم بأداء صلاة عيد الأنوار "الحانوكاه"، بينما نشر صحافيون إسرائيليون آخرون على حساباتهم على السوشال ميديا صورة جندي يعتلي منبر المسجد، إضافة لنشر فيديو بث فيه جيش الاحتلال الصلاة اليهودية عبر سماعات المساجد في مدينة ومخيم جنين يوم أمس الأربعاء.
وتابع موسى: "وحدة التأثير على الوعي في جيش الاحتلال تعمل تحديدا في مجال الحرب النفسية، وتبحث عن أي صورة تشبع رغبات الشارع الإسرائيلي بالانتقام والانتصار، وهي من قامت بتوزيع فيديو الجندي في المسجد وغيره من صور تدنيس الجنود للمساجد في جنين، واليوم يعاني جيش الاحتلال من إحباط كبير ويريد أن يصنع صورة نصر ليقدمها للشارع الإسرائيلي بعد ما يجري في قطاع غزة، وبذات الوقت يريد أن يستفز الفلسطينيين".
وفي استكمال جيش الاحتلال للبحث عن صورة نصر في جنين، قامت قوات الاحتلال باعتقال واحتجاز مجموعة من العاملين في مستشفى جنين الحكومي، وأجبرتهم على خلع ملابسهم والجلوس في ساحة المستشفى شبه عراة لنحو نصف ساعة قبل أن تقوم باعتقالهم.
وقال الصحافي محمد حمدان الذي التقط فيديوهات وصورا للحدث لـ"العربي الجديد" إن "هذه أول مرة أقوم بتصوير هذا المشهد في مدينة جنين، ربما حدث أمر مشابه في الانتفاضة الثانية، لكن ليس في السنوات الماضية حسب علمي".
وقال وسام بكر مدير مستشفى جنين الحكومي لـ"العربي الجديد" إن هؤلاء مجموعة من موظفي المستشفى الذين أنهوا عملهم يوم أمس، لكن بسبب حصار المستشفى من قوات الاحتلال لم يستطيعوا المغادرة، فتم نقلهم عبر سيارة الإسعاف، لكن قوات الاحتلال أوقفتها في ساحة المستشفى".
وتابع بكر: "تم تفتيش الموظفين، وهم عمال في المستشفى وطبيب ومهندس توريدات طبية بقي عالقا في المستشفى لمدة ثلاثة أيام منذ بدء العملية العسكرية".
وأوضح مدير المستشفى أنه "بعد تفتيشهم تم إجبارهم على خلع ملابسهم والبقاء في ساحة المستشفى ثم تم اعتقالهم".
وتابع بكر: "المستشفيات أصبحت هدفا سهلا للاحتلال، ولا يمكنني إحصاء المرات التي تعرض فيها المستشفى للحصار والاعتداءات، وكذلك عدد المرات التي تعرضت فيها طواقم الإسعاف لعرقلة عملها وإطلاق النار عليها".
ووفق بكر "فإنه منذ بدء اجتياح قوات الاحتلال لمدينة ومخيم جنين قبل ثلاثة أيام، والمستشفى وغيره من المستشفيات في المدينة يتعرض لحصار واعتداءات، وهذا أطول حصار يتعرض له المستشفى".
أكبر عدوان على جنين منذ عملية "البيت والحديقة"
وينفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية في مدينة ومخيم جنين منذ ثلاثة أيام، وهي الكبرى منذ عملية "البيت والحديقة" في يوليو/ تموز الماضي، حيث تسبب العدوان الحالي باستشهاد 12 فلسطينيا 7 منهم استشهدوا بقصف مسيرات وطيران حربي لجيش الاحتلال، وأصيب عشرة بجروح، وأصيب قائد كتيبة الاحتياط بساقه برصاصة من المقاومين.
ورغم أن إعلام الاحتلال أكد أكثر من مرة في الأيام الماضية أنه نجح بالقضاء على المقاومين في مخيم جنين وقام بقصفهم، حيث تتركز المقاومة هناك أكثر، إلا أن جميع الشهداء الذين سقطوا في العملية هم من المدينة، في تضليل معلوماتي مقصود يهدف إلى إرضاء الشارع الإسرائيلي.
ويشارك في العملية حسب الإعلام الإسرائيلي 1400 جندي غالبيتهم من قوات الاحتياط، وعشرات الآليات العسكرية الإسرائيلية التي قامت بتدمير البنى التحتية في مدينة ومخيم جنين على مدار الأيام الثلاثة الماضية.