أثار العثور على جثث جديدة تحت أنقاض منازل مدينة الموصل، شمالي العراق، أول من أمس السبت، مجددا، ملف الضحايا الذين قضوا بالقصف الجوي والمدفعي والمعارك التي جرت داخل المدينة إبان عمليات طرد تنظيم "داعش" منها عام 2016.
وعلى الرغم من مرور أربع سنوات على استعادة المدينة، فإن تقارير العثور على جثث المدنيين تحت أنقاض المنازل والمباني ما زالت متواصلة، وخاصة في المدينة القديمة على الساحل الأيمن لنهر دجلة، التي شهدت دمارا واسعا طاول أكثر من 80 بالمائة من منازلها.
وعثرت فرق الدفاع المدني، السبت، خلال عملية رفع أنقاض مبنى بمنطقة الميدان في الموصل القديمة، على 4 جثث جديدة تعود لامرأة وطفل وشابين، كانت عبارة عن عظام وملابس فقط، قضوا تحت سقف منزلهم.
وقالت مصادر بالشرطة إنه تم تحديدهم من خلال الملابس وطول عظم الساق والجمجمة، وعظام الحوض، وتم تسليم الجثث إلى دائرة الطب العدلي لأخذ عينات "دي أن أي" (DNA).
عثرت فرق الدفاع المدني، السبت، خلال عملية رفع أنقاض مبنى بمنطقة الميدان في الموصل القديمة، على 4 جثث جديدة تعود لامرأة وطفل وشابين، كانت عبارة عن عظام وملابس فقط
ووفقا لضابط في شرطة الموصل، فإن عدد الضحايا الذين تم العثور عليهم "يرفع الرقم إلى 9 خلال أسبوعين، إذ تم العثور على خمسة آخرين في مناطق متفرقة من الموصل أيضا، وجميعهم مدنيون قضوا تحت سقوف منازلهم".
وكشف الضابط لـ"العربي الجديد" عن "توجه لعدم الإعلان دوما عن الجثث التي يعثر عليها بأوامر من قيادة الشرطة في محافظة نينوى"، مرجحا وجود مئات الجثث الأخرى في حال تم رفع ما لا يقل عن ألفي بناية، أغلبها سكنية، ما زالت لم ترفع رغم مرور كل هذه السنوات".
إهمال كبير
عضو البرلمان العراقي السابق عن محافظة نينوى، علي المتيوتي، حمّل الحكومة مسؤولية استمرار وجود ضحايا تحت الأنقاض في الموصل رغم مرور كل هذه السنين، مرجحا أن هناك آلافاً ما زالوا إلى غاية الآن تحت الأنقاض.
وقال المتيوتي، لـ"العربي الجديد"، إن "ملف الجثث والضحايا الذين دفنوا تحت أنقاض مدينة الموصل القديمة، خلال عمليات تحرير المدينة من "داعش"، أهمل بشكل كبير من قبل الحكومتين، في بغداد والمحلية في نينوى، ومن قبل المنظمات الدولية".
وأضاف: "الجهود التي بذلت في هذا الإطار لم تكن بمستوى المسؤولية، ونعتقد بوجود آلاف الجثث تحت الأنقاض".
ودعا المتيوتي إلى "حملات منظمة في الموصل لانتشال الجثث من تحت الأنقاض، فهناك آلاف من الجثث المتفسخة يجب انتشالها، ويجب ألا يستمر هذا الإهمال للملف"، وفقا لقوله.
في السياق ذاته، قال الناشط المدني بمدينة الموصل أحمد الحمداني، لـ"العربي الجديد"، إن "رفع أنقاض أي مبنى يتوجب موافقة حكومية ووجود فرق دفاع مدني تحسبا لوجود متفجرات أو مخلفات حربية، لذا باتت حملات التطوع الأهلية تواجه صعوبات بالغة في هذا الإطار".
وتابع الحمداني أن "الجهود الحكومية بطيئة، ونعتقد أن هناك لامبالاة بعظام الضحايا، وأن الكثير منها سحقت تحت الجرافات وآلات الحفر دون اكترث".
النائبة عن المحافظة انتصار الجبوري حملت الحكومة ولجان حقوق الإنسان مسؤولية استمرار ملف جثث ضحايا الموصل، وقالت، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك منظمات حاولت التدخل سابقا، لكن الحكومة منعتها، واليوم لا تستطيع أي منظمة محلية ودولية التدخل، الأمر الذي يحتم على الحكومة أن تقوم بواجبها وتعمل على فتح المقابر ورفع الأنقاض وتسليم الجثث إلى ذويهم ومنحهم حقوقهم كشهداء".
رفع أنقاض أي مبنى يتوجب موافقة حكومية ووجود فرق دفاع مدني تحسبا لوجود متفجرات أو مخلفات حربية، لذا باتت حملات التطوع الأهلية تواجه صعوبات بالغة
وشددت الجبوري على أن "المسؤولية هي مسؤولية الحكومة ومنظمات ولجان حقوق الإنسان، فهي مطالبة بتوفير جهد لأجل فتح هذا الملف وعدم استمرار إهماله".
وفي وقت سابق، كشف مرصد حقوقي عراقي عن وجود المئات من رفات المدنيين من ضحايا معركة الموصل ما زالت تحت الأنقاض.
ونشر مرصد "أفاد"، المعني بالقضايا الحقوقية والإنسانية في العراق، تقريرا ميدانيا، قال فيه إن فريق الرصد الخاص بالمرصد جمع الشهادات وأدلة تؤكد أن ما بين 700 إلى ألف جثة لمدنيين ما زالت تحت الأنقاض إلى غاية الآن، وهي الجثث المعلومة، لكن قد يرتفع العدد إلى الضعفين في حال رفع أنقاض المنازل والمباني الأخرى.
وبيّن المرصد أن المدينة القديمة في الموصل تحتوي على أكبر عدد من جثث الضحايا، وكثير منهم عوائل كاملة قتلت في منازلها بفعل القصف الجوي والصاروخي الذي شهدته الموصل خلال معارك طرد تنظيم "داعش".