شقيق بوتفليقة وقائد جهاز المخابرات يلتزمان الصمت خلال محاكمتهما.. طلبا إعادتهما للسجن
رفض السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، المتهم بالتآمر على سلطة الدولة والجيش، الرد على أسئلة هيئة المحكمة العسكرية في الجلسة الأولى للمحاكمة التي انعقدت الإثنين في منطقة البليدة قرب العاصمة الجزائرية.
وقال عضو هيئة الدفاع المحامي فاروق قسنطيني، في تصريح للصحافيين، عقب رفع الجلسة، إن السعيد بوتفليقة رفض الحديث مع رئيس المحكمة والرد على أسئلته وطلب مغادرة القاعة والعودة إلى السجن، مشيراً إلى أن القاضي العسكري أبلغه أن محاكمته ستتم حضورياً حتى في حال رفضه المثول أمام هيئة المحكمة.
وقدم السعيد بوتفليقة والقائدان السابقان لجهاز المخابرات محمد مدين وبشير طرطاق، للمحاكمة، بعد أربعة أشهر من اعتقالهم في الخامس من مايو/أيار الماضي، رفقة زعيمة حزب العمال اليساري لويزة حنون التي تم توقيفها في التاسع من نفس الشهر، بتهمة التآمر على الدولة وسلطة الجيش، على خلفية اجتماع عقده المتهمون الأربعة في 28 مارس/آذار الماضي، كان يستهدف التخطيط لإنشاء هيئة رئاسية يقودها الرئيس السابق ليامين زروال، تمهيداً لإعلان بوتفليقة استقالته، واتخاذ قرارات غير جمهورية تمس بقيادة الجيش تتعلق بإقالة قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح وإعلان حالة الطوارىء.
وأكد قسنطيني أن القائد السابق لجهاز المخابرات بشير طرطاق رفض الخضوع للمحاكمة والرد على أسئلة القاضي العسكري، وطلب مغادرة القاعة، حيث مكنه القاضي من المغادرة، لكنه أبلغه أنه ستتم محاكمته حضورياً برغم عدم مثوله.
وأنكر قسنطيني على المحكمة العسكرية اختصاصها في محاكمة المتهمين الأربعة، على اعتبار انهم مدنيون ولا يمارسون وقت ارتكاب التهم الموجهة إليهم أية مهام عسكرية، وعليه يفترض أن تتم محاكمتهم أمام القضاء المدني، وتوقع أن يتم النطق بالحكم النهائي في حق السعيد بوتفليقة والمتهمين الثلاثة الآخرين يوم الخميس المقبل، إضافة إلى ثلاثة متهمين آخرين يوجدون في حالة فرار في الخارج، هم الجنرال السابق خالد نزار ونجله لطفي نزار ومتهم آخر اسمه فريد حمدين، وصدرت في حقهم مذكرة دولية للقبض عليهم.
وذكر قسنطيني أن هيئة الدفاع رفعت اعتراضاً ثانياً بشأن اختصاص المحكمة في محاكمة موكله، في إشارة منه إلى مسألة غياب قاض مخولة له محاكمة الفريق محمد مدين، إذ ينص القضاء العسكري على أن تضم هيئة المحكمة العسكرية دائماً قاضياً يحمل الرتبة نفسها أو أكبر من المتهم الماثل أمامها.
وأوضح قسنطيني أن هيئة المحكمة تجري في الوقت الحالي مداولات للنظر في عريضة هيئة الدفاع، موضحاً أنه في حال قبلت الهيئة العريضة سيتم تأجيل القضية برمتها.
وطالب المحامي ميلود ابراهيمي، الذي ينوب عن القائد الأسبق لجهاز المخابرات محمد مدين، من هيئة المحكمة استدعاء الرئيس الأسبق ليامين زروال كشاهد، على خلفية أن الأخير هو من نشر بياناً يكشف فيه تفاصيل الاجتماع السري محل المحاكمة، لكن القاضي العسكري رفض ذلك.
ومدين هو أكثر الشخصيات العسكرية والأمنية غموضاً في تاريخ الجزائر، كان يُعرف بأنه "صانع الرؤساء"، بسبب تدخله في صناعة المسارات السياسية التي شهدتها الجزائر منذ التسعينيات، ويعد أحد أبرز المسؤولين عن أزمة التسعينيات الدامية، وينسب له تشكيل فرق للموت والتورط في الاختطافات والإعدامات خارج القانون، وتتزامن محاكمته مع ذكرى مجازر الرايس وبن طلحة التي راح ضحيتها 400 شخص في ليلة 23 سبتمبر/أيلول 1997، وما زالت تثار شكوك حول الجهة التي دبرتها.
وبرغم سماح السلطات الجزائرية فقط لفرقة من التلفزيون العمومي بالدخول وتصوير المحاكمة، ومنعها لباقي الصحافيين، فإن التلفزيون الحكومي لم يبث في نشرة الأخبار الرئيسية مساء الإثنين أية صور أو لقطات من المحاكمة.
وكشفت مصادر جزائرية مطلعة لـ"العربي الجديد" أن ملف القضية المتضمنة اتهامات بالتآمر على سلطة الدولة والجيش يرتكز أساساً على بيان أصدره الرئيس السابق ليامين زروال، في الثاني من أبريل/نيسان الماضي، أقر فيه باجتماعه في 30 مارس/آذار في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية بمديري المخابرات السابقين، مدين وطرطاق، اللذين نقلا إليه مقترح السعيد بوتفليقة بإنشاء هيئة رئاسية تتولى تسيير المرحلة الانتقالية، لكن زروال الذي حكم البلاد بين 1994 إلى 1999 رفض المقترح، وكشف ذلك للرأي العام.
وفي تلك الفترة، اتهم قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح الموقوفين بتنظيم "اجتماعات مشبوهة تُعقد في الخفاء من أجل التآمر على مطالب الشعب ومن أجل عرقلة مساعي الجيش ومقترحاته، من قبل مجموعة أشخاص لا يزالون ينشطون ضد إرادة الشعب ويعملون على تأجيج الوضع، والاتصال بجهات مشبوهة والتحريض على عرقلة مساعي الخروج من الأزمة".