قال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، إن أموال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (أونروا) قد نفدت، مما يحول دون تمكنها من دفع رواتب 28 ألف موظف يعلمون لديها، وأغلبيتهم الساحقة من اللاجئين أنفسهم، لشهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، أو دفعها بشكل جزئي فقط، إن لم تحصل الوكالة على السبعين مليون دولار الضرورية لذلك حتى نهاية الشهر الحالي لتتمكن من دفع الرواتب.
وجاءت تصريحات دوغاريك خلال المؤتمر الصحافي اليومي الذي يعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. ورداً على أسئلة لـ"العربي الجديد" حول الخطوات التي سيتخذها الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريس لمساعدة "أونروا" على توفير تلك الأموال، أجاب دوغاريك: "إن الأمين العام سيعمل كل ما بوسعه لسد تلك الفجوة، بما في ذلك الاتصال بشكل شخصي بقادة دول لحثهم على تقديم الدعم. ولكن بنهاية المطاف الأمر واضح وهو أننا نحتاج إلى النقد [لدعم أونروا] ولا تطبع [الأمم المتحدة] الأوراق النقدية. ويعمل مفوض "أونروا" وفريقه مع المانحين والدول الأعضاء وسيحاول الأمين العام دعمه بأية طريقة ممكنة".
وحول تبعات الأزمة المالية الحالية قال دوغاريك: "إن لم نتمكن من الحصول على المبلغ المطلوب سنضطر لدفع جزء من الرواتب فقط. وهذا سيكون له تبعات على الفلسطينيين عموماً، لأن أغلبية موظفي الأونروا هم من السكان المحليين، [أي اللاجئين]، وسيكون لهذا تبعات على تمويل تلك المجتمعات نفسها". وأضاف: في الوقت ذاته "لا تتحدث الأمم المتحدة حالياً عن وقف الخدمات أو تقليصها؛ لأن جزءاً منها تم تقليصه ووقفه في السنوات الأخيرة، ولكن أي تقليص في الخدمات التعليمية الصحية أو الاجتماعية، إن حصل، ستكون له آثار مدمرة على المجتمع الفلسطيني".
ويعود جزء من الأزمة المالية التي تشهدها "أونروا" منذ سنوات إلى قرار الإدارة الأميركية بقطع التمويل بالكامل عن المنظمة التابعة للأمم المتحدة. وتحاول الولايات المتحدة، وخاصة تحت إدارة ترامب بضغط من الحكومة الإسرائيلية إلغاء الوكالة أو تهميشها، ومعها إلغاء حقوق اللاجئين الفلسطينيين المصادق عليها بقرارات الأمم المتحدة، بما فيها حق العودة. ولأن الإدارة الأميركية فشلت في إقناع أغلبية الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بذلك، حيث التجديد لمهام "أونروا" وولايتها يحدث مرة كل ثلاث سنوات، عن طريق قرار تصوّت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ فإنها بدأت تستخدم التمويل تحت إدارة ترامب بشكل غير مسبوق سلاحاً في حربها على اللاجئين الفلسطينيين.
تحاول الولايات المتحدة، وخاصة تحت إدارة ترامب بضغط من الحكومة الإسرائيلية إلغاء الوكالة أو تهميشها، ومعها إلغاء حقوق اللاجئين الفلسطينيين
وكان المفوض العام لأونروا فيليب لازاريني قد أعلن في وقت سابق عن "اضطرار الوكالة لتأجيل دفع رواتب 28 ألف فلسطيني من موظفيها، بسبب عدم توفر الأموال الكافية من الدول المانحة". ووصف لازريني، في بيان صادر عن مكتبه وصلت إلى مكتب "العربي الجديد" في نيويورك نسخة عنه، نداءه بالعاجل، مشدداً على أنه من أجل "ضمان أن تظل الوكالة قادرة على مواصلة خدماتها الحيوية وعملياتها المنقذة للأرواح؛ يجب أن تقوم الدول المانحة بالوفاء بالتزامها السياسي، وبتقديم المساهمات المالية لأونروا، وتضمن تدفقاً موثوقاً من التمويل لشراء الإمدادات الطبية، ومواصلة مكافحة جائحة كورونا في مخيمات اللاجئين، وتقديم الخدمات الاجتماعية وبرامج الاستجابة للطوارئ".
وأكد لازاريني أن "أونروا" تحتاج أموالاً كافية لكي تضمن لموظفيها، وغالبيتهم العظمى من اللاجئين أنفسهم، أن يتمكنوا من الاستمرار في إعالة أسرهم. فبدون دخلهم، سيختفي مصدر رزقهم، ومن المرجح جداً أن ينحدروا إلى هوة الفقر الشديد". ويشمل ذلك "رواتب العاملين في مجال الرعاية الصحية والتعليم والبيئة والعاملين الاجتماعيين، وجميع هؤلاء الذين عملوا ويعلمون في الخطوط الأمامية في ظل ظروف جائحة كورونا".
وتقدّم "أونروا" الخدمات لأكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين لديها، ويعيشون في فلسطين وخارجها وخاصة في دول الجوار كالأردن وسورية ولبنان. وتشير تقاريرها إلى أن جائحة كورونا زادت من تفاقم أوضاعهم وانعدام الأمن الغذائي بينهم.
وعلى مدار السنوات الخمس الماضية قلصت "أونروا" ميزانيتها بحوالي 500 مليون دولار. وقامت بخفض عدد الموظفين ووقف الإصلاحات اللازمة ووقف الاستثمار في البنية التحتية وزيادة عدد الطلاب في الغرف المدرسية، ليصبحوا خمسين طالباً لكل معلم، ناهيك عن خفض نسبة المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في الوقت الذي زادت فيه احتياجات لاجئي فلسطين.