يتطلّع أطباء الأشعة في تونس إلى التوصل لحلول تساعد القطاع الحكومي على توفير حلول للمرضى، وتجاوز النقص الكبير في هذا الاختصاص عبر تقنية "التطبيب عن بُعد"، وذلك بعد صدور الأوامر الترتيبية المنظمة لهذا النشاط.
ويُمثّل نقص الأطباء في اختصاص طب الأشعة واحداً من أبرز مشاكل القطاع الصحي الحكومي، إذ يحول دون تطوير التقصي المبكر ضد عدة أمراض وأهمها السرطان.
وتشكو المستشفيات الحكومية عموماً من نقص في أطباء الأشعة ما يحول دون استمرارية عمل أقسام الكشف بالصدى أو الرنين المغناطيسي، فيما يضطر المشرفون على هذه الأقسام إلى الاستعانة بزملائهم في القطاع الخاص من أجل قراءة نتائج الكشوفات وإنجاز التقارير الخاصة بها.
وتعتبر رئيسة الجمعية التونسية لأطباء الأشعة أسماء الزيدي أن "التطبيب عن بُعد" يمكن أن يوفر بدائل مهمة للقطاع الصحي الحكومي، من أجل تجاوز النقص في الكوادر الطبية في هذا الاختصاص بعد صدور القوانين المنظمة لهذا الصنف من النشاط.
وأكدت الزيدي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن طب الأشعة في تونس يحظى بمكانة هامة في قطاع الصحة إجمالا ولا سيما في مجال الوقاية والكشف المبكر عن الأمراض الخبيثة، ومن ذلك أنواع السرطان، ويتواصل دور طب الأشعة في المسار العلاجي للمرضى أثناء متابعة تطور المرض من التشخيص إلى العلاج.
غير أنها اعتبرت أن الهجرة المكثفة للأطباء من هذا الاختصاص خلقت فراغا كبيرا في الأقسام المتخصصة داخل مستشفيات القطاع الحكومي، ما يسبب قصورا في أدائها في ما يتعلّق بالكشف المبكر عن سرطان الثدي وسرطان الدم والعظام والكبد، بينما تكشف الدراسات العلمية التي توصلت إليها الجمعية انتشار واسعاً لهذه الأمراض لدى شريحة الشباب بأعمار ما بين 30 و40 عاما.
وبحسب رئيسة "جمعية أطباء الأشعة"، يمثل "التطبيب عن بُعد" أفضل الحلول المتاحة لتجنب النقص الحاصل في أطباء الأشعة في المستشفيات ولا سيما في المناطق الداخلية، وذلك عبر توظيف التكنولوجيا وإرسال المعطيات بين الأقسام الطبية في مستشفيات مختلفة للتسريع في تشخيص الأمراض في وقت مبكر.
وأوضحت أنّ "التطبيب عن بُعد" سيسمح للمريض بإجراء الكشف بمختلف أصناف آلات الأشعة عن طريق كوادر شبه طبية بالمستشفيات الحكومية على أن يتم إرسال الصورة إلى طبيب أشعة لقراءتها وبلورة التقرير في أي مكان آخر ليحصل المريض على نتيجة آنية للشخيص.
وذكرت الزيدي أنّ صدور الأمر المنظم لمهنة "التطبيب عن بُعد" سيسمح بتطوير اختصاص طب الأشعة في تونس ويزيد من توسعة الأبحاث العلمية في هذا القطاع، فضلا عن الحد من الفراغات التي أحدثتها هجرة الأطباء والتي زادت من الضغوط على ما تبقى من الأطباء في القطاع العمومي.
ويُهاجر سنوياً نحو 40 طبيب أشعة من تونس، بينما توفر كل دفعة تخرّج 50 طبيبا في هذا الاختصاص، فيما تقدر كلفة تكوين الطبيب نحو مليون دينار، ما يشكل نزيفا ماليا وبشريا لتونس التي تشكو من هجرة كبيرة لكوادرها في الاختصاصات الطبية والهندسية بالأساس.
يذكر أنّه في إبريل/ نيسان الماضي، صدر بالجريدة الرسمية التونسية الأمر الرئاسي المنظم لممارسة الطب عن بعد ومجالات تطبيقه بعد مدة طويلة من الاشتغال عليه من قبل وزارة الصحة والهياكل الطبية التي سبق أن طالبت بالإسراع في إصداره لتحقيق الغايات المنتظرة من هذا الصنف من النشاط الطبي الذي يشهد تطوراً كبيراً في العالم.