يزور المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، ديفيد بيسلي، العاصمة السورية دمشق، رفقة وفد من المنظمة الدولية، في وقت تعيش مجمل المناطق في سورية أزمة معيشية حادة، وصلت إلى حدّ الجوع، وفقاً لتقرير لبرنامج الغذاء العالمي صدر قبل يومين.
والتقى وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، أمس الأربعاء، بيسلي، زاعماً أنّ النظام "لا يضع أية عراقيل في وجه وصول المساعدات الدولية" إلى سورية، منتقداً ما سمّاها محاولات بعض الدول لـ"تسييس" هذه المساعدات.
وذكرت وكالة "سانا" الرسمية أنّ المقداد ناقش مع بيسلي "علاقة التعاون بين الحكومة السورية وبرنامج الغذاء العالمي والخطط الاستراتيجية المقبلة وسبل تعزيزها". وأشاد بـ"التعاون القائم" بين الجانبين وبالجهود التي يبذلها البرنامج لإيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها، مؤكداً على "ضرورة ضمان وصول هذه المساعدات دون عراقيل، والالتزام بمبادئ العمل الإنساني، والابتعاد عن التسييس الذي تمارسه بعض الدول الغربية في هذا الإطار".
وتحدّث المقداد عن آثار "الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية من الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، والتي تؤثر سلبياً في فعالية عمل البرنامج وغيره من المنظمات الإنسانية داخل سورية، إضافة إلى التداعيات الخطيرة لهذه الإجراءات على كلّ مناحي الحياة اليومية، وخاصة الغذائية والخدمات الأساسية للمواطن السوري"، وفق تعبيره.
من جانبه، عبّر بيسلي عن تطلّعه لـ"تفعيل التعاون بين البرنامج والحكومة السورية وتعزيز فعالية البرنامج"، مشيراً إلى أهمية الحصول على "تمويل مستقرّ ومستدام للسعي إلى تحسين معيشة المواطن السوري وعدم الاكتفاء بتقديم المساعدات الغذائية على المدى القصير". وتناول النقاش أيضاً "خطط العمل المستقبلية، والانتقال من المساعدات الإنسانية الطارئة إلى التعافي، والخطط متوسطة وطويلة الأمد"، وفق "سانا".
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أصدر تقريراً الثلاثاء الماضي، قال فيه إنّ عدد الأشخاص الذين باتوا على حافة المجاعة ارتفع عالمياً إلى 45 مليوناً، 12.4 مليونا منهم سوريون.
وجاء في التقرير: "لا يعرف حوالي 12.4 مليون شخص في سورية من أين سيحصلون على وجبتهم التالية، وهذا المستوى من انعدام الأمن الغذائي لم يكن موجوداً في أي وقت سابق، خلال النزاع المستمرّ منذ عقد من الزمن".
وأرجع برنامج الأغذية العالمي سبب ذلك إلى تراجع قيمة الليرة السورية، وفقد الوظائف، وتأثيرات الأزمة المالية في لبنان، وانتشار جائحة كورونا، إضافة إلى النزاعات وحركات النزوح.
وكانت تقارير دولية أشارت قبل نحو عشرة أيام إلى أنّ النظام السوري يستولي عملياً على نحو نصف المساعدات الدولية التي تصل إلى سورية، من خلال تلاعبه بأسعار صرف الدولار أمام العملة السورية.
من جهته، قال فريق "منسقو استجابة سورية"، في بيان له أمس الأربعاء، إنّ مئات الآلاف من المدنيين في مناطق شمال غرب سورية يسعون لتقليل عدد الوجبات اليومية وكميات الطعام، من أجل تأمين المستلزمات الأساسية.
وأضاف أنه وثّق أكثر من 498 مخيماً في المنطقة يقطنها حوالي 468,913 نسمة، يعتمدون على شراء مادة الخبز بشكل مباشر، وسط غياب واضح للمنظمات في تأمين هذه المادة الأساسية، في ظلّ ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية، وفي مقدمتها الخبز الذي واجه ارتفاع أسعار بما يعادل 300 بالمائة مؤخراً.
واعتبر الفريق أنّ التطورات السابقة هي "خطوة جديدة نحو الهاوية وزيادة الفجوات في تمويل الاستجابة الإنسانية في سورية".
وتشهد عموم المناطق السورية أزمات معيشية حادة، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية، خاصة المواد الغذائية والوقود، وصعوبة توفّرها في معظم الأحيان.
وكان برنامج الأغذية العالمي أعلن، في سبتمبر/ أيلول الماضي، عن تخفيض كمية المواد الغذائية في محتوى سلّة المساعدات الإنسانية، في منطقة شمال غرب سورية، بدءاً من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأوضح بيان للبرنامج أنّ قرار التخفيض جاء بهدف زيادة أعداد المستفيدين المستهدفين في منطقة شمال غرب سورية، لتغطية المزيد من الاحتياجات الإنسانية، في ظلّ محدودية الموارد.