أكثر من 115 ألف شخص تمت تسميتهم "محمد" في الداخل الفلسطيني المحتل منذ النكبة الفلسطينية، عام 1948، واحتل اسم "محمد" المركز الأول بين الأسماء الأكثر شيوعاً، وفقاً لتقرير نشرته دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية.
وبحسب موقع "واي نت" العبري، فقد أُطلق اسم محمد على 115.356 شخصاً منذ عام 1948 حتى نهاية عام 2021 من قبل فلسطينيي الداخل، ففي عام 1948 تم إطلاق اسم محمد على 158 وليداً وفي 2021 تم إطلاقه على 2441 وليداً.
وتنشر دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية كل عام بياناً إعلامياً لأكثر الأسماء انتشاراً، وحل اسم محمد بالمركز الأول في عام 2021 لدى الذكور بين الفلسطينيين في الداخل المحتل، في وقت جاء اسم أحمد بالمركز الثاني، وثالثاً اسم محمود، ورابعاً اسم عبد، وخامساً اسم يوسف، وفي المرتبة السادسة اسم علي، وجاء سابعاً اسم إبراهيم، وثامناً اسم عمر، وفي المركز التاسع اسم أمير، أما المركز العاشر فكان لاسم آدم.
أما أكثر الأسماء انتشاراً بين الإناث لدى المجتمع الفلسطيني بالداخل، فحل بالمركز الأول اسم فاطمة، وأطلق على 15073 مولودة منذ عام 1948، وفي المركز الثاني جاء اسم مريم، وثالثاً اسم آية، وفي المرتبة الرابعة اسم نور، وخامساً اسم ياسمين، وسادساً اسم أمل، وسابعاً اسم إيمان، وثامناً اسم حلا، وتاسعاً اسم ليان.
وفي حديث مع علي حبيب الله (كاتب سياسي وباحث في التاريخ الاجتماعي)، قال لـ"العربي الجديد": "بصرف النظر عن التقرير وأغراضه، فإن اسم محمد هو الاسم الأكثر تسمية للأطفال العرب داخل الأراضي المحتلة ما بعد نكبة 48، إذ لا نكاد نجد أسرة مسلمة داخل المجتمع العربي إلا ومن بين أبنائها من ينادونه محمد".
يضيف: "وبعيداً عن الدلالة الهوياتية لظاهرة انتشار الاسم، فإن اسم محمد هو اسم نبيّنا العربي محمد (صلوات الله عليه)، الذي يعتبر بثقله الروحي والرمزي مرجعاً لكل إنسان عربي - مسلم على مستوى الأمة العربية - الإسلامية. وفضلاً عن ذلك، فإن الأهل يُطلقون هذا الاسم على مواليدهم في بلادنا على مدار التاريخ، وحتى غير المسلمين منّا (العرب المسيحيون) كانوا ينذرون بتسميته لمواليدهم إذا ما رزقهم الله بهم بعد تعسر أو تأخر إنجابهم".
وأردف حبيب الله عن الدلالة الهوياتية لانتشار الاسم أخيراً: "يمكننا القول إن إطلاق اسم محمد على المواليد في العقود الأخيرة بات أكثر انتشاراً مما كان عليه قبل النكبة مثلاً، وفي العقود الثلاثة الأخيرة أكثر من العقود الثلاثة التي سبقتها، ومردّ ذلك إلى أمرين برأينا: الأول ازدياد وتيرة التدين، أو لنقل حضور الدين في العقود الأخيرة على مستوى الحيّزين الخاص (الأسرة) والعام (المجتمع)، ما جعل اسم النبي وحضوره الروحي في نفوس المؤمنين اسماً لمواليدهم. إضافة إلى التكثيف الرمزي الذي يمثله النبي واسمه في المخيال الإسلامي، خصوصاً بعدما شهدت رمزية النبي واسمه حملة إعلامية - غربية عنصرية للنيل منها (الرسومات الكاريكاتيرية) في العقود الثلاثة الأخيرة. فكان أحد أبرز ردود فعل المسلمين في مجتمعاتنا على تلك الحملة هو إطلاق اسم النبي محمد على مواليدهم، وهنا البعد الهوياتي لانتشار الاسم هو بعد حضاري أكثر مما هو ديني".
أما السبب الثاني، فهو "التحول الذي طرأ على مجتمعنا العربي في ما يتعلق بـ(سوسيولوجيا الأسماء)، إذ مع تراخي روابط العائلة الممتدة (العشيرة أو الحمولة) لصالح الترابط أكثر في سياق الأسرة (العائلة النواة)، فإن أسماء المواليد في الأسرة باتت أقل انتماءً لأسماء الأجداد ووجهاء الجماعة التقليدية مقارنة بالسابق، إذ كان الأب يصرّ على تسمية أطفاله بأسماء أجداده أو وجهاء عائلته أو رموزها التاريخيين. وبالتالي، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الجيل الحالي ينجب أقل مما كان ينجبه الجيل السابق، إذ يُنجب هذا الجيل ولداً أو اثنين من الذكور على الأكثر، ما يجعل الأب والأم يطلقان على وحيدهم اسماً تتكثف فيه دلالة رمزية مثل اسم محمد".
وأضاف حبيب الله: "أما عن علاقة انتشار اسم محمد بالأسرلة والرد عليها، فإننا لا نرى أي علاقة لظاهرة الاسم بها، فالأسرلة تظل مسألة سياسية بحتة، بينما تسمية المواليد هي مسألة سوسيولوجية قبل أي شيء آخر. ففي ذروة تفاقم مسألة الأسرلة داخل مجتمعنا كان يُطلق أهالينا ومنهم الـ(متأسرلون) اسم النبي على مواليدهم. كما لم تعد الأسرلة أخيراً تعني تحولاً اجتماعياً وتخلياً عن البنى التقليدية بالضرورة، فالتيار الذي يقود الأسرلة داخل المجتمع العربي حالياً، هو تيار يقول عن نفسه إنه إسلامي وملتزم بقيم وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف".