يكثر حديث الباحثين والعلماء عن تأثير تغيّر المناخ الناتج من ارتفاع حرارة الأرض على الظواهر الطبيعية التي يتوقعون أن تتسبب في كوارث وفيضانات وأعاصير وشحّ في مياه المناطق الريفية تفضي إلى موجات نزوح. وبالتالي يجمعون على أن الظواهر المتطرفة ستخلق تبدلات ديموغرافية جذرية في مواقع تمركز السكان، ربما إلى نقاط أسوأ أو أقل قدرة على توفير الاحتياجات. أما ما تتحدث عنه دراسة أجرتها وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" فهو تأثير تغيّر المناخ على إنتاج الذرة والقمح بحلول عام 2030، والذي سيوجه ضربة كبيرة للأمن الغذائي في العالم.
ينقل موقع "نيويورك بوست" عن الدراسة أن "استمرار ارتفاع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري سيخفض غلة محاصيل الذرة بنسبة 24 في المائة، في مقابل زيادة محاصيل القمح بنسبة 17 في المائة في مناطق معينة، ما يعني أن "سلة الخبز" قد تنحصر في منطقة واحدة من العالم.
واستندت الدراسة إلى خلاصات وفّرها مشروع المقارنة بين النماذج المناخية الدولية الذي يحلل مقدار تجاوب الغلاف الجوي مع سيناريوهات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويربطها بمشروع تحسين النموذج الزراعي التابع لجامعة كولومبيا، والذي يبحث في كيفية نمو المحاصيل العالمية، وطرق استجابتها للظروف البيئية.
ووجد علماء "ناسا" أن توقعات محاصيل فول الصويا والأرز انخفضت في بعض المناطق، لكن التأثيرات على الذرة والقمح بدت أكثر وضوحاً. وتوقعوا الشعور بآثار تغيّر المناخ في الإمدادات العالمية للغذاء في وقت مبكر. وقالوا في تقرير: "قد تشهد أميركا الشمالية والوسطى وغرب أفريقيا وآسيا الوسطى والبرازيل والصين انخفاضاً في محاصيل الذرة في السنوات القادمة بسبب زيادة درجات الحرارة المرتفعة الضغط على النباتات. أما القمح الذي ينمو بشكل أفضل في المناخات المعتدلة فقد تتوسع مناطق زراعته، وبينها في شمال الولايات المتحدة وكندا وسهول الصين الشمالية وآسيا الوسطى وجنوب أستراليا وشرق أفريقيا، لكن ذلك لن يشمل كل مناطق العالم".
وعلّق مصمم المحاصيل وعالم المناخ في معهد غودارد لدراسات الفضاء التابع لـ"ناسا" ومعهد الأرض في جامعة كولومبيا، يوناس ياجرماير، على نتائج الدراسة بالقول: "لم نتوقع هذا التحول مقارنة بالغلة التي حددها مشروع نماذج المناخ والمحاصيل عام 2014. ونحن مندهشون من التوقعات السلبية لاستجابة الذرة، إذ إن خفض نسبة إنتاجه بنسبة 20 في المائة قد تكون آثاره وخيمة في أنحاء العالم".