آثار الحروب الحديثة على البيئة والتنوع البيولوجي

30 ديسمبر 2023
دلفين صغير نفق خلال الحرب الروسية على أوكرانيا (ديميتار ديلكوف/فرانس برس)
+ الخط -

بينما تحصد الحروب أعداداً مروعة من القتلى والجرحى وتدمر الطبيعة، يتعرّض مستقبل البشرية للخطر. إنها شرّ مطلق لا يحبها أي عاقل، ومع ذلك فهي تحدث بين حين وآخر. 
في مارس/ آذار من العام الحالي، نشر البنك الدولي وحكومة أوكرانيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة تقريراً لـ"التقييم السريع للأضرار والاحتياجات في أوكرانيا" قدّر الأضرار التي لحقت بأوكرانيا في السنة الأولى للصراع. وأشار التقرير إلى أن الأضرار الإجمالية بلغت 134.7 مليار دولار، وحدد احتياجات أوكرانيا للفترة بين عامي 2023 و2033 بـ 410.6 مليارات دولار، وهذه تكلفة رهيبة لا يتحملها هذا البلد.
الأمر لا يتعلق بالحرب الروسية -الأوكرانية وحدها، بل أيضاً بالحرب السودانية، والعدوان الإسرائيلي على غزة، علماً أن القطاعات الاقتصادية الأكثر تضرراً هي الإسكان والنقل والطاقة والصناعات الاستخراجية والصناعة والزراعة والري وإدارة موارد المياه. 
وتشمل الأضرار البيئية للحروب حوادث تلوّث الهواء والمياه الجوفية والسطحية والتربة المحتمل جداً والذي يستمر طويلاً. وهي تضاف إلى عواقب وخيمة محتملة على صحة الإنسان والبيئة والتنوع البيولوجي. 
الحرب هي قوة حاضرة دائماً وقادرة على تغيير المحيط الحيوي، وتؤثر الأنشطة العسكرية على بنية النظام البيئي، فالنزاعات المسلحة تنطوي على مجموعة من الأعمال العسكرية النشطة، بينها الهجمات الجوية أو عمليات الزوارق البحرية أو القوات البرية.
في كثير من الأحيان، يُطلق على النظم البيئية الطبيعية اسم "التضاريس" في مصطلحات ساحة المعركة العسكرية، حيث يتم تبني وجهة نظر بشرية المنشأ بدلاً من وجهة نظر بيئية للمناظر الطبيعية خلال فترات الحروب، تتسبب غالباً في إهمال صحة النظام البيئي وسلامته. 
وتُستخدم الطائرات على أنواعها بشكل شائع في العمليات العسكرية، ويمكن أن تنتج ضوضاء من الرشقات النارية أو انفجارات ناتجة عن تعدي سرعة الصوت. ولأن الجهاز السمعي أكثر حساسية لدى العديد من الحيوانات مقارنة بالجهاز لدى البشر، تصبح الأنشطة الجوية مصدراً مهماً للتلوّث الضوضائي الذي يشكل مصدر قلق لسلامة الحياة البرية. وإنتاج الضوضاء من الطائرات العسكرية له تأثيرات متغيّرة على الحياة البرية، ويمكن أن يتسبب في ضرر دائم، وهو عامل يتأثر بالمدة الصوتية والشدة وبيولوجيا الأنواع المحددة. 
ويمكن أن تشمل التأثيرات الأولية تغيّرات مؤقتة أو دائمة في قدرات السمع، وإخفاء الإشارة السمعية، وأيضاً معوقات في التكاثر، وفي سلوك البحث عن الطعام، واستخدام الموائل الطبيعية للحياة البرية. 

موقف
التحديثات الحية

وتقسّم الأسلحة الهجومية الجوية التقليدية إلى الشظايا شديدة الانفجار، والأسلحة الحارقة، والذخائر الانفجارية المحسنة، وكلها لديها القدرة على تدمير الحياة البرية والموائل الطبيعية بطرق مختلفة، مثل الحرائق والتلوث وبدرجات متفاوتة من الشدة. 
أما الانفجارات البحرية وعمليات السونار خلال فترات الحرب فتستطيع التدخل في الحياة اليومية للعديد من الأنواع المائية. 
ويتطابق التردد الصوتي الذي تستخدمه الدلافين والحيتان مع التردد الذي تستخدمه أجهزة السونار البحرية، والذي يمكن أن يسبب نزيفاً في الأذن وجنوحاً على الشاطئ. إضافة إلى ذلك، تخلق شحنات العمق والطوربيدات انفجارات كبيرة تحت الماء، يمكن أن تسبب ضغطاً زائداً وإصابة بالتشظي للأسماك والزواحف والطيور والثدييات البحرية قرب الانفجار. أما حطام السفن الناتج عن المعارك البحرية فينتج عدداً كبيراً من الشعاب المرجانية الاصطناعية يمكن أن تستعمرها الحياة المائية وتستخدمها وتزدهر. ويقوم الجنود بالصيد الجائر من دون رعاية القوانين بحجة الحروب، كما يستغل الناس الوضع ويصطادون بلا رقابة أو مسؤولية. أيضاً يتخذ النازحون الحرب حجة لتدمير النظم الأرضية والمائية. وما ينجو من الحيوانات الكبيرة من الصيد يموت من جراء الألغام الأرضية التي تترك في أرض المعارك. 

(اختصاصي في علم الطيور البريّة)