تتصاعد الاحتجاجات النقابية في وجه الحكومة الفلسطينية وسط تزايد وتيرة الفعاليات التي تنفذها النقابات المهنية الفلسطينية، فبعد يوم واحد من إعلان نقابة المحامين خطوة جديدة تضع مهنة المحاماة على المحك بفتح باب تقديم طلبات الانتقال إلى سجل المحامين غير المزاولين، وفي ظل استئناف اعتصام نقابة الإسعاف والطوارئ؛ تنفذ نقابة المهندسين تصعيداً جديداً باعتصام مركزي أمام مجلس الوزراء الفلسطيني في رام الله، وسط الضفة الغربية، اليوم الإثنين، بمشاركة المئات، وبالتزامن مع الاجتماع الأسبوعي للحكومة الفلسطينية.
وتطالب نقابة المهندسين بتنفيذ بنود الاتفاق الذي وقعت عليه الحكومة العام الماضي، وتطبيق الأثر المالي لزيادة طبيعة العمل التي كانت قبل الاتفاق 90% ومن المفترض أن تصل إلى 120% أسوة بوظائف أخرى من نفس الفئة الوظيفية وفق قانون الخدمة المدنية، حيث كان الصيادلة وأطباء الأسنان حصلوا على تلك النسبة في العام 2014، وتطالب النقابة أيضاً بصرف علاوة للمهندسين العسكريين الذين لا يحصلون على أية علاوات، وتسكين المهندسين في وزارة التربية والتعليم على الدرجة الرابعة بدلاً من الخامسة.
وقررت نقابة المهندسين السير في المزيد من الاحتجاجات التصاعدية بسبب ما اعتبره عدد من قيادات النقابة، في حديث مع "العربي الجديد"، تجاهلاً ومماطلة في الاستجابة لمطالب النقابة المتمثلة بالإيفاء بالتزامات سابقة لاتفاق بين النقابة والحكومة العام الماضي، وكان ينص على تطبيق أثره المالي هذا العام للمهندسين العاملين في القطاع الحكومي.
وقالت نقيبة المهندسين نادية حبش، لـ"العربي الجديد": "اضطررنا، في ظل عدم التجاوب مع مطالبنا، إلى النزول إلى الشارع لنجمع رأياً عاماً مناصراً لحقوقنا ومطالبنا، والضغط على الحكومة لإحقاقها"، مؤكدة أن ما ورد في الاتفاق مع الحكومة قبل عام، كان يجب أن يظهر الأثر المالي له في موازنة العام 2022، ولكنه لم يظهر حتى اللحظة.
وأشارت حبش إلى أن لجنة وزارية مشكلة من الحكومة لمناقشة مطالب النقابة طلبت في جلسة الحوار الوحيدة، الشهر الماضي، من النقابة وقف الخطوات الاحتجاجية والإضراب، ولكن النقابة رفضت ذلك، وتم الاتفاق، حسب حبش، على استكمال جلسات الحوار بعد إجازة عيد الأضحى، لكن ذلك لم يحصل.
وحول ذلك الحوار، قال نائب نقيب المهندسين ورئيس لجنة المهندس الموظف، منذر البرغوثي، لـ"العربي الجديد": "إن ما يفسر انعقاد جلسة حوار واحدة فقط هو عدم اهتمام الحكومة بمطالب المهندسين، ويعبر عن إهمال وتطنيش".
وتابع البرغوثي بالقول إنه "حضر جلسة الحوار الوحيدة، وكان المطلب الأساسي للحكومة فك الإضراب بحجة وجود أزمة مالية تمر بها الحكومة، وأنها غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المهندسين، وتجاه مطالب العديد من النقابات الأخرى".
وطالب البرغوثي الحكومة بالمغادرة إن كانت لا تستطيع إيجاد الحلول المستعصية، خصوصاً أن مطالب المهندسين هي التزامات سابقة، وقد طبقت على فئات أخرى لمن هم على نفس درجة المهندسين.
بدوره، قال المهندس نور حمارشة لـ"العربي الجديد"، وهو يعمل في وزارة الصحة منذ 21 عاماً: "إنه كموظف في وزارة الصحة الفلسطينية لا يحصل على علاوة خاصة بموظفي الصحة قدرها 15% لأنه مهندس".
وأشار حمارشة إلى أن نظراءه من الشرائح الأخرى في نفس الفئة الوظيفية وفق القانون حصلوا منذ ثماني سنوات على نسبة 120% من علاوة طبيعة المهنة على الراتب، مطالباً الحكومة بإنصافه.
وكانت نقابة المهندسين أعلنت نزاع العمل مع الحكومة في نهاية إبريل/ نيسان الماضي، وأمهلت الحكومة شهراً للاستجابة للمطالب، وبدأت الفعاليات في الأول من يونيو/ حزيران الماضي باعتصام أمام مقر النقابة في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله؛ وبعدها، بدأت النقابة إضراباً في المؤسسات الحكومية بالتدريج، بدأت بيوم واحد كل أسبوع ووصلت إلى خمسة أيام، بينما لم تجتمع لجنة وزارية شكلها مجلس الوزراء لبحث الأمر سوى مرة واحدة مع ممثلي النقابة بتاريخ 7 يوليو/ تموز الماضي قبيل عيد الأضحى؛ ولم تعد للاجتماع مرة أخرى، ما اعتبره نقابيون تجاهلاً لمطالبهم.
وواجهت السلطة الفلسطينية خلال الأشهر الماضية عدة إضرابات نقابية، من نقابات التمريض والمهن الصحية واتحاد المعلمين، طالبت بزيادات على طبيعة العمل في وظائف حكومية، فضلاً عن فعاليات نقابة المحامين التي تطالب بإلغاء تعديلات على القوانين الإجرائية والتنفيذ المتعلقة بالقضاء.
وتعصف بالسلطة الفلسطينية أزمة مالية متواصلة في ظل تراجع حاد للتمويل الخارجي لموازنة السلطة الفلسطينية، لا سيما الأوروبي، واقتطاع إسرائيلي من أموال المقاصة كان آخره أمس الأحد، بحجة صرف السلطة الفلسطينية رواتب للأسرى والجرحى وأسر الشهداء.