آلاف المعلمين الفلسطينيين يتمسكون بمطالبهم النقابية.. والحكومة تتجاهلهم

20 فبراير 2023
اعتصام المعلمين الفلسطينيين في رام الله (العربي الجديد)
+ الخط -

ثلاث ساعات وحناجر المعلمين تصدح بمطالبهم، خلال اعتصام نظموه قرب مقر مجلس الوزراء الفلسطيني بمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، اليوم الإثنين، قادمين من مختلف محافظات الضفة الغربية، تزامناً مع الاجتماع الأسبوعي للحكومة، التي اختارت تجاهل المعلمين وعدم الحديث معهم أو توجيه أي رسالة مباشرة لهم.

المعلمون أصروا على تنظيم اعتصامهم وإعلاء مطالبهم، وقطع المئات منهم الطريق مشياً على الأقدام لتجنب الحواجز الأمنية التي نصبتها الحكومة لهم منذ الصباح الباكر في كل مكان وعلى مداخل المدن والبلدات بالضفة الغربية، ورغم صعوبة الوصول والتهديدات بوقف العمل والاعتقال، تمكنوا من تنظيم الاعتصام وإيصال مطالبهم.

الصورة
اعتصام المعلمين الفلسطينيين في رام الله (العربي الجديد)

ولم يتطرق رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية لإضراب المعلمين بشكل صريح خلال جلسة الحكومة الأسبوعية، بل تجاهل الاتفاقيات السابقة التي كان قد وقعها مع المعلمين، رغم تنظيم الآلاف منهم الاعتصام على بعد أمتار من مكان اجتماع الحكومة لقرابة ثلاث ساعات، قبل أن ينطلق المعلمون بمسيرة إلى وسط مدينتي رام الله والبيرة ويستكملوا فعالياتهم الاحتجاجية على عدم تطبيق اتفاق سابق بين الحكومة والمعلمين على صرف علاوة بقيمة 15% على طبيعة العمل، وبسبب عدم تنفيذ ما اصطلح عليه "دمقرطة" الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين.

لكنه قال في كلمته إنه يقدر موقف النقابات والاتحادات، "التي كانت في طليعة المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان عليه"، وجدد التأكيد على التزام الحكومة بما تم التوقيع عليه مع جميع النقابات والاتحادات في حال توفر الإمكانات المالية وانتظام الرواتب.

ويأتي هذا الاعتصام، الذي دعا إليه جسم يسمى "حراك المعلمين الموحد 2022"، بعد ستة عشر يوماً من بدء الإضراب الحالي، وبعد مرتين من الاعتصامات أمام مكاتب مديريات التربية والتعليم في محافظات الضفة خلال الأسبوعين الماضيين.

الصورة
اعتصام المعلمين الفلسطينيين في رام الله (العربي الجديد)

وقد بدا على الاعتصام غياب قيادة واضحة المعالم له ولـ"حراك المعلمين"، حيث عكف منذ العام الماضي على رفض إبراز قيادة أو متحدثين إعلاميين خوفاً من تكرار مشهد الملاحقة الذي شهده العام 2016 في حراك مشابه.

وإضافة إلى المعلمين، شارك قادة في أحزاب فلسطينية، والمبادرة الوطنية الفلسطينية، وحزب الشعب، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إضافة إلى شخصيات من المجتمع المدني، والذين تحدث عدد منهم بكلمات تدعم حق المعلمين، كما حضر عدد من قادة حراك المعلمين للعام 2016.

ويقول المعلمون إن ما لقوه اليوم يضاف إلى إجراءات سابقة استهدفت المعلمين المضربين، حيث تم اقتطاع أجور أيام عمل وصلت لسبعة للمعلمين المضربين.

ويرفض المعلم مصطفى قلالوة، القادم من جنين، شمال الضفة الغربية، ما رآه في الطريق من حواجز أمنية، قائلاً لـ"العربي الجديد": "جئنا لنعتصم للمطالبة بحقوقنا، ووجدنا في الطريق (حواجز المحبة) التي توقف المعلمين وتفحص عليها بطاقات هوياتهم. من يقيم الحواجز هو الاحتلال، لكن أن نطارَد من أبناء شعبنا فهذا ليس مقبولاً، حين نرى معلمات قد أوقفهن حاجز أمني، ويفحص هوياتهن، ويقوم رجل أمن بالصراخ عليهن، ما هذا الكلام؟".

الصورة
اعتصام المعلمين الفلسطينيين في رام الله (العربي الجديد)

ووصل المعلم مراد أبو مفرح من بيت لحم، جنوب الضفة، بعد ساعتين من بدء الاعتصام، حيث يقول لـ"العربي الجديد": "إن حواجز عدة أخرت وصولنا، وحين سأل المعلمون أفراد الشرطة عن السبب أجابوا بأن مطلوبين للعدالة يستغلون حركة المعلمين للتحرك بهذا الظرف".

بينما تقول المعلمة رائدة الحموز من بيت لحم، لـ"العربي الجديد"، إن سائقي المركبات العمومية "تخوفوا من نقل المعلمين مجتمعين، فتوزع المعلمون على المركبات مع مواطنين آخرين، واضطر السائق للمرور عبر طريق وعر ليوصلنا"، مشككة برواية الشرطة بأن شاحنة انزلقت في الطريق وأغلقته، واصفة ما جرى بأنه "فعل فاعل".

وتصف الحموز الحسومات من مرتبها بغير القانونية، مؤكدة أنها جاءت دون لجان تحقيق، ودون إنذارات مسبقة، وجاءت عبر رسائل على الهواتف النقالة.

في الاعتصام، رفع المشاركون شعارات عدة تؤكد على شرعية حقوق المعلمين، ولافتات لخصت مطالب المعلمين بصرف كامل المرتبات ومستحقات المعلمين (حيث تصرف بنسبة بين 80% - 85% بسبب الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية)، وتنفيذ الاتفاق القاضي برفع علاوة طبيعة العمل بـ15% ابتداء من بداية العام الجاري، وصرف علاوة المعيشة، فضلاً عن إنشاء جسم نقابي يمثل المعلمين بشكل ديمقراطي.

ويؤكد المعلم أديب بني فضل من محافظة نابلس، شمال الضفة الغربية، لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتجاجات وصلت إلى هذا الاعتصام الكبير أمام مجلس الوزراء لأن المعلمين شعروا بأن رسائلهم لم تصل حتى الآن لمن يجب أن تصل إليهم"، مشيرًا إلى أن مطالب المعلمين ليست جديدة، فيما يؤكد أن الإجراءات العقابية بحق المعلمين تعمق الأزمة.

ويركز المعلم رياض شكوكاني، في حديثه مع "العربي الجديد"، على قضية تمثيل المعلمين، قائلاً: "الجميع يتحدث عن الحق المالي وهو أساسي، ولكن الحق المعنوي يسبقه، الأصل أن يكون هناك جسم يمثل المعلمين، صحيح أنني أطالب بحقي المادي لكن قبل ذلك أريد أن يمثلني أحد ويتحدث باسمي، علمًا أن قانون الانتخابات في اتحاد المعلمين لا يتيح لـ90% من المعلمين الانتخاب، نريد نقابة مستقلة ننتخبها".

بدوره، يعتبر عمر عساف، عضو لجنة مبادرة الوساطة في أزمة المعلمين العام الماضي، والتي أدت إلى وقف الإضراب في حينه، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الطريق السليم الوحيد لحل الأزمة هو التزام الحكومة واتحاد المعلمين بما وقعوا عليه، "صرف 15% بدل علاوة طبيعة عمل بداية من مطلع العام الجاري، والتزام اتحاد المعلمين بإتاحة المجال للمعلمين لتشكيل الجسم المنتخب الخاص بهم، والمستقل عن السلطة الفلسطينية وعن أي سلطة".