لا تزال القرارات الأممية المطالبة بالكشف عن مصير المختفين قسراً في سورية حبراً على ورق، بينما تتواصل دموع أمهات المختفين وذويهم، الذين لا يفقدون الأمل في معرفة مصيرهم، رغم مرور السنوات.
يحكي رائد المصطفى لـ"العربي الجديد" عن شقيقه بليغ، الذي اختُطف في مدينة اللاذقية، مع ثلاثة من رفاقه، حيث كان يدرس في جامعة تشرين، موضحاً أن العائلة عرفت حينها أنه احتُجز في إحدى قرى الساحل بقصد الابتزاز قرابة 40 يوماً، لكونه ينحدر من منطقة محررة.
وقال المصطفى: "كان الخاطفون يبتزوننا مادياً ونفسياً، ويطالبوننا بالبحث عن ضباط وجنود اختفوا في المنطقة، وعلمنا لاحقاً من أحد المفرج عنهم، أن شقيقي ورفاقه استطاعوا الفرار من مكان احتجازهم، لكنهم سلموا أنفسهم لفرع الأمن السياسي خوفاً من اغتيالهم، ليُحوَّلوا إلى دمشق بعد أن دفعنا الكثير من المال كرشوة لإخراجهم، لكننا فقدنا أثرهم منذ ذلك الحين".
ويبين المصطفى أن "الخاطفين عناصر من فرع الأمن العسكري في مدينة اللاذقية، ونفذوا عملية الاختطاف خارج عملهم بهدف الابتزاز. بالنسبة إلى أبي وأمي، لا يزال الأمل دائماً موجوداً، لكن الحياة في البيت عبارة عن جحيم، والأحزان متجددة".
وطالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 10 أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، بإنشاء آلية مستقلة ذات ولاية دولية لتنسيق المطالبات المتعلقة بالمفقودين في سورية وتوحيدها، بمن فيهم الأشخاص الذين تعرضوا للاختفاء القسري.
يقول الأربعيني أحمد، من ريف حمص الشرقي، لـ"العربي الجديد، إن شقيقه قتيبة مختفٍ قسراً منذ 10 أعوام، وأوضح أن آخر ما عرفوه عنه أنه توفي في المعتقل، لكن لا يوجد دليل على ذلك. "حاولنا كثيراً معرفة ما إذا كان حياً أو ميتاً، لكن من دون جدوى، وكل ما حصلنا عليه كان أكاذيب، ولم نعد نملك ما يمكن دفعه لمعرفة معلومات جديدة".
ويتابع أحمد: "تتضرع أمي بالدعاء يومياً لمعرفة ما حلّ بشقيقي، وحزنها عليه متواصل، ونتجنب أي حديث عنه أمامها لأنها تبكي فوراً. 10 سنوات في سجون هذا النظام المجرم كفيلة بأن تفقدنا الأمل، لكننا نحاول إحياء الأمل في أنه حيّ".
بدوره، يؤكد مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، فضل عبد الغني، لـ"العربي الجديد"، أن ملف المختفين قسراً لم يُطوَ، لكن ليس فيه أي تقدم، وهناك تخاذل دولي بهذا الخصوص، "فالنظام لا يتعرض لضغوط جدية، ولا ضغوط حتى على حلفائه، سواء إيران أو روسيا، على عكس ما يحدث حالياً مع أوكرانيا، لكننا نواصل تنظيم فعاليات للمطالبة بالكشف عن مصيرهم".
ويضيف عبد الغني: "العوائل التي تَحدثنا إلى العشرات منها، تُحدثنا عن الابتزاز الذي تتعرض له، والناجم عن أملها، وهناك شبكة بناها النظام لابتزاز العوائل، وأغلبها يقع في الفخ حين الاتصال بها بخصوص أبنائها المعتقلين، خصوصاً أن من يحدثها عادة رجل أمن، فهو يعرف اسم المعتقل، ومتى اعتُقل، ومن اعتقله، والتجارب التي نجحت في الإفراج عن المختفين معدودة، ولهذا نحذر العوائل من التعرض لهذا الابتزاز".
ويتجاوز عدد المختفين قسراً لدى النظام السوري 131 ألفاً، وفق "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، من بينهم نحو 3621 طفلاً، و8037 امرأة.