أزمة الخيام والشوادر تضرب المهجرين في غزة

01 أكتوبر 2024
الخيام المهترئة لا تقي أهالي غزة من الأمطار (محمود بسام/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- نقص الخيام والمستلزمات الأساسية: يعاني نحو مليوني فلسطيني في غزة من نقص حاد في الخيام والشوادر والنايلون، مما يزيد معاناتهم في ظل الإغلاق الإسرائيلي للمعابر منذ خمسة أشهر، خاصة مع انخفاض درجات الحرارة وهطول الأمطار.

- تحديات النزوح المتكرر: يعيش سكان غزة أوضاعاً إنسانية متردية بسبب العدوان المستمر منذ أكتوبر 2023، مما أدى إلى نزوح نحو مليوني فلسطيني إلى مناطق محدودة، حيث يفتقرون إلى المتطلبات الإنسانية الأساسية.

- ارتفاع الأسعار ونقص المواد الأساسية: يوضح وديع صقر أن النقص الشديد في الشوادر والنايلون أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعارها، مما يزيد من صعوبة حياة النازحين الذين فقدوا بيوتهم ومصادر رزقهم.

تعصف أزمات متعددة بنحو مليوني فلسطيني يعيشون ويلات التهجير المتكرر في قطاع غزة، ومن بين أبرزها النقص الشديد في الخيام الجاهزة، وفي الشوادر والنايلون المخصص لتغطية الخيام لحمايتها من تسرب مياه الأمطار، وكلها مشكلات تسبب فيها الإغلاق الإسرائيلي للمعابر منذ خمسة أشهر.
ويعيش سكان القطاع أوضاعاً إنسانية متردية، بسبب تواصل العدوان منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتكرر نزوح نحو مليوني فلسطيني، بعد صدور أوامر بالإخلاء الفوري نحو مناطق محدودة في جنوب ووسط قطاع غزة، يزعم الاحتلال أنها "مناطق آمنة"، ما اضطر عشرات الآلاف إلى إنشاء خيام خشبية مغطاة بالأقمشة والبلاستيك داخل تلك الأماكن التي تفتقر إلى أدنى المتطلبات الإنسانية، كما لا تتوفر لهم فيها المواد الغذائية أو المستلزمات الصحية.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتكشّفت أزمة الشح الشديد في الخيام ولوازم تغطيتها مع انخفاض درجات الحرارة، وبدء هطول الأمطار في عدة مناطق تضم تجمعات للنازحين، وتعرض الأهالي إلى تحديات تسرب مياه الأمطار إلى الخيام، وتضرر الكثير منها كون معظمها أقيمت على أراض زراعية.
لم يتمكن الفلسطيني حسام شنينو من الحصول على أي من الخيام التي تقدمها مؤسسات إنسانية، على الرغم من محاولاته المتكررة منذ نزوحه في بداية الحرب، بسبب التهديدات الإسرائيلية لسكان مدينة غزة، ثم اضطراره إلى تكرار النزوح بين مراكز الإيواء التي لا توفر لأسرته أي من سبل الراحة أو الخصوصية.
يوضح شنينو لـ"العربي الجديد"، أن يأسه من الحصول على خيمة دفعه إلى البحث في الأسواق عن خيمة جاهزة، لكنه لم يجد سوى خيام محدودة تباع بأسعار مرتفعة تبدأ من 2500 شيكل، في حين يعاني من أوضاع معيشية صعبة منذ تدمير سيارة الأجرة الخاصة به في قصف لمحيط منزله في منطقة المخابرات غربي مدينة غزة. (الدولار الأميركي يساوي 3.75 شواكل تقريباً).

ويلفت شنينو إلى التقصير الواضح من المؤسسات المحلية والدولية ذات الاختصاص الإغاثي والإنساني، وعدم تركيزها على المتطلبات الأساسية للنازحين، وفي مقدمتها الخيام التي من شأنها أن تقيهم من أشعة الشمس ومن مياه الأمطار، ويقول: "ندرك التحديات التي تواجه تلك المؤسسات من جراء تعنت الاحتلال وإغلاق المعابر، لكن ذلك لا يعفيها من ضرورة استبدال بعض المساعدات المتكررة بمتطلبات أساسية لإيواء النازحين".
ويتشابه واقع النازحين الفلسطينيين الذين تقطعت بهم سبل إيجاد مكان آمن، ما اضطرهم للعيش داخل خيام خشبية. يقول حسام السعدي إنه اضطر للنزوح نحو سبع مرات بسبب التهديدات الإسرائيلية، وفي كل مرة كان يقوم بشراء بديل عن الأخشاب التي تعرضت للكسر، أو الشوادر التي تعرضت للتمزق بسبب الفك والتركيب.
يضيف السعدي لـ"العربي الجديد": "لا أجد في الوقت الحالي شوادر أو نايلون لتغطية الخيمة التي تعرّضت للاهتراء، من جراء طول أمد الحرب، والأصناف الرديئة المتوفرة في السوق أسعارها مرتفعة للغاية، ولا تتناسب بالمطلق مع أوضاعنا الاقتصادية الصعبة. الشح الشديد في المستلزمات الخاصة بحماية الخيام يتزامن مع الحاجة الماسة إليها، وقبل عدة أيام تعرضت الخيمة لأمطار بسيطة، لكن المياه تسربت إلى العفش من بين فتحات النايلون، جراء التمزيق الذي أصاب الخيمة، والاعتماد عليها بشكل أساسي لإيواء أسرتي المكونة من ستة أفراد".

حياة الخيام مزرية بكل تفاصيلها (سعيد جرس/ فرانس برس)
حياة الخيام مزرية بكل تفاصيلها (سعيد جرس/ فرانس برس)

ويبيّن الفلسطيني وديع صقر أن حياة النزوح قاسية بمختلف تفاصيلها، فيما تزيد قساوتها بفعل النقص الشديد في مختلف المتطلبات الأساسية، والذي وصل إلى حد الشح في الخيام ولوازم العناية بها، ويقول: "الحياة داخل الخيام ليست وردية، فنحن مجبرون عليها، وتزيد قساوتها بسبب النقص الحاد في الشوادر والنايلون، الذي تسبب بحالة من الغلاء الجنوني في أسعارها".
ويوضح صقر لـ"العربي الجديد"، الإرهاق الشديد الذي يتكبده النازحون للحصول على المتطلبات الأساسية لحياتهم اليومية داخل خيام النزوح، فيما امتدت الأزمة لتصيب الخيام ذاتها، والتي باتت غير مهيأة لمواجهة الرياح والأمطار بسبب الاهتراء. ويضيف: "أصبحت أخشى على أطفالي بسبب التمزق الذي أصاب الخيمة الملاصقة لشاطئ البحر في مدينة دير البلح، مع عدم القدرة على توفير شادر أو نايلون بسبب النقص الشديد وغلاء الأسعار. العدوان والإغلاق وغلاء الأسعار يتسببون في تعقيد حياتنا يوماً بعد الآخر".
بدوره، يوضح الفلسطيني سمير أبو شرف، وهو صاحب محل لبيع مواد البناء والشوادر والنايلون، أن الاغلاق الإسرائيلي للمعابر منذ بداية العدوان، وتشديد الحصار بعد السيطرة على معبر رفح في مطلع شهر مايو/ أيار الماضي، وراء فقدان معظم البضائع، ما أدى إلى عرض كميات محدودة بأسعار مرتفعة للغاية.

يبين أبو شرف لـ"العربي الجديد" أن "سعر الشادر الواحد بعرض 4 أمتار وطول 6 أمتار يتراوح بين 500 و650 شيكل، بعد أن كان يباع بـ 60 شيكل، فيما ارتفع سعر المتر الواحد من النايلون من 4 أو 5 شواكل إلى ما يزيد عن 30 شيكل، وهي أسعار تزيد من صعوبة أوضاع النازحين الذين فقدوا بيوتهم ومصادر رزقهم".
يؤكد أبو شرف ضرورة فتح المعابر، وإدخال البضائع والمتطلبات الأساسية لتفادي الأزمات والتداعيات الكارثية للعدوان الإسرائيلي المتواصل، موضحاً أن "إدخال الخيام والشوادر والنايلون بكميات كافية من شأنه السيطرة على الأسعار، وخلق حالة من التوازن مع القدرة الشرائية للفلسطينيين، إلى جانب تخفيف الإرباك الذي يتسبب فيه انخفاض درجات الحرارة، واقتراب موسم الأمطار".

المساهمون