استمع إلى الملخص
- استهلاك الفرد اليومي من المياه في غزة يتراوح بين 3 و15 لتراً فقط، مقارنة بـ85 لتراً في عام 2022، مما يعرض حياة السكان للخطر.
- 70% من المرافق المائية تعرضت للتدمير، ونقص الوقود يعوق تشغيلها، مما يجعل المياه المتاحة غير كافية وذات ملوحة شديدة.
تعاني الفلسطينية عبير أبو مراد لتوفير مياه الشرب، نتيجة حالة الشح التي تعاني منها مناطق المهجرين المكتظة في قطاع غزة، منذ إغلاق المعابر الذي فاقم من الأزمات التي فرضها الحصار المشدد المتواصل على القطاع منذ أكثر من 10 أشهر، هي عُمر حرب الإبادة التي يتعرض لها نحو مليونين ونصف مليون فلسطيني.
تقول المهجرة أبو مراد لـ"العربي الجديد"، إن "الحصول على المياه النظيفة مهمة صعبة للغاية، ويتجمع الآلاف يومياً أمام نقاط التوزيع بالساعات لملء بعض غالونات المياه، سواء للشرب أو النظافة الشخصية، وغيرها من الاحتياجات الضرورية. بعد الوقوف طويلاً تحت أشعة الشمس الحارقة لا تكفي كميات المياه التي نحصل عليها، خصوصاً تلك الصالحة للشرب، ونقوم باستخدامها بشكل مقتصد للغاية، وانتظار اليوم التالي لإعادة الملء".
وتعرضت عشرات الآبار الجوفية للدمار بفعل القصف الإسرائيلي، إضافة إلى توقف الضح من المئات، منها بسبب النقص الحاد في الوقود، كما اختلطت مياه بعضها بمياه الصرف الصحي، بفعل تكدس السكان في مناطق محدودة من القطاع.
ووفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء وسلطة المياه في فلسطين، فإن كل مواطن في قطاع غزة يصل بالكاد إلى ما بين ثلاثة لترات و15 لتراً من المياه يومياً، في حين كان معدل استهلاك الفرد من المياه يقدر بنحو 85 لتراً يومياً في عام 2022، وإن القطاع يعاني أزمة مياه حادة، إذ يقدر إجمالي حجم المياه المتوفرة حالياً بأقل من 20% من حجم المياه التي كانت متاحة قبل الحرب، وهذه الكميات تخضع لتوفر الوقود، كما تسببت الحرب في آثار كارثية على البنية التحتية للمياه.
يسرد الفلسطيني محمد أبو حمادة تفاصيل الصعوبات التي يواجهها خلال مهمة الحصول على المياه الصالحة للشرب، في ظل اكتظاظ المهجرين بمناطق وسط القطاع منذ بداية العملية العسكرية على رفح وخانيونس، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "الحصول على المياه صعب مثل الحصول على غاز الطهي، ويضطر السكان للتكدس يومياً أمام الشاحنات المحملة بالمياه لساعات، وهناك من يتمكّن من الحصول على مياه، والبعض يفشلون، إذ تنفد المياه، وعندها عليهم تدبر أمورهم بطرق أخرى".
ويشير أبو حمادة إلى أن "ما يجري لا يقل خطورة عن انقطاع المساعدات الغذائية، وهو ينعكس بالسلب على جميع الفلسطينيين، ويجعل حياتهم معرضة للخطر، فلا أحد يستطيع العيش من غير ماء وطعام".
بدوره، يقول مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل، منذر شبلاق، إن "الحديث عن الواقع المائي في غزة مرتبط بما جرى من تحسين خلال العقدين الماضيين، وقد تحسن الواقع المائي قبل الحرب إلى نحو كفاية 40% من السكان". ويضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "الفترة التي سبقت الحرب شهدت تحسناً في جودة المياه أيضاً، إذ نفذت مشاريع بكلفة نحو نصف مليار دولار أميركي، لتحسين جودة المياه في أنحاء القطاع. لكن منذ بداية الحرب، شهدنا خروج الكثير من محطات تحلية ومعالجة المياه، والكثير من الآبار عن الخدمة نتيجة لقطع التيار الكهربائي".
يتابع شبلاق: "وفق التقديرات الأولية فإنّ 70% من المرافق المائية في قطاع غزة تعرّضت لأحد أشكال التدمير، سواء الكلي أو الجزئي، علاوة على عدم توفر السولار لتشغيل غالبية المرافق، ما يؤثر بالسلب في توزيع المياه. المطلوب لتشغيل المرافق يتجاوز 40 ألف لتر من الوقود يومياً، لكن الاحتلال سمح في الفترة الأخيرة، وبعد ضغوط دولية، بإدخال أقل من 20 ألف لتر، وهي كميات غير كافية لتشغيل مرافق ضخ وتوزيع المياه. من السابق لأوانه الحديث عن تقديرات أولية لحجم الخسائر في قطاع المياه، لكن تقديراتنا تشير إلى أن ما بين 50 إلى 70% من المرافق أصبحت خارج الخدمة في ظل استمرار الحرب".
ويوضح: "معظم الآبار التي لا تزال تعمل هي تلك الموجودة في المناطق الوسطى وصولاً إلى جنوب مدينة خانيونس، وغالبية هذه الآبار ذات ملوحة شديدة، فتمر بمحطات التحلية قبل نقلها بالصهاريج، وإجمالي الآبار التي تعمل حالياً لا يتجاوز 20% من تلك التي كانت تعمل قبل الحرب، وفي قطاع غزة نحو 285 بئراً، وأقل من نصفها يعمل في الوقت الراهن. حاجة الفرد اليومية حسب المعطيات الصحية لا ينبغي أن تقل عن 100 لتر، وحين تقل هذه الكمية يعد ذلك مخالفاً للمعايير الدولية، لكننا في ظل الحرب لا يمكننا توفير حتى ربع هذا الحجم من المياه، والنسبة أقل من ذلك كثيراً في بعض مناطق المهجرين".