وصل الأسير الفلسطيني المحرر بسام حماد، والد الشهيد أنس حماد، إلى بوابة معتقل عوفر في بيتونيا غرب رام الله وسط الضفة الغربية، مساء اليوم الاثنين، للمطالبة بإطلاق سراح الأسيرة والقيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خالدة جرار لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على ابنتها سهى التي توفيت أمس الأحد في رام الله، لكنه استرجع ذكرياته الأليمة قبل خمس سنوات.
يروي حماد لـ"العربي الجديد" ما تجدد لديه من مشاعر حين قرر الاحتلال تسليم جثمان ابنه الشهيد أنس، يقول حماد إن إدارة سجن عوفر أبلغته بأنه سيتم السماح له بتشييع جثمانه: "تخيلت كيف سأحتضن ولدي وأعانقه وكيف سأقبله وألقي النظرة الأخيرة عليه، لكن الاحتلال قال إن المخابرات الإسرائيلية تمنعني من الخروج من القسم داخل السجن لوداع ابني".
وطالب حماد الجهات المسؤولة والجماهير الشعبية بالاستمرار بالوقوف بشكل حقيقي لإحقاق حق إنساني بسيط لخالدة جرار، مؤكدا أن الموقف الذي تقف فيه جرار جدد أحزانه، ويقول: "أتخيل اليوم كم حجم الهم والغم والألم المصبوب الآن على رأس الأسيرة جرار، كيف هو ألم ووجع إنسان بهذا الموقف، أنا عاجز عن وصف صعوبة هذا الموقف".
وقف المشاركون في المسيرة أمام بوابة معتقل عوفر، والأمل كان لا يزال باتخاذ الاحتلال موقفًا إيجابيًا بالموافقة على طلب المؤسسات الحقوقية السماح للأسيرة جرار بالمشاركة في جنازة ابنتها، لكن الرد جاء بإلقاء جبش الاحتلال قنابل الغاز على المشاركين، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بالاختناق، فيما ألقى الشبان الحجارة تجاه بوابة المعتقل ومركبات الاحتلال العسكرية.
ووصل النشطاء بالمسيرة إلى بوابة معتقل عوفر يهتفون لجرار ولحريتها، كما هتفوا للأسرى وضد الاحتلال، ما أدى إلى استنفار جيش الاحتلال، بعدما نجح أحد النشطاء برفع علم فلسطين على البوابة الحديدية للمعتقل، فيما شرع آخرون بضرب البوابة الحديدية بأرجلهم للتعبير عن غضبهم، وسط هتاف العشرات الذين جلس بعضهم معتصما على الأرض أمام المعتقل.
من بين المعتصمين الأسيرة المحررة ناريمان التميمي، التي عاشت مع جرار في السجن، وقالت لـ"العربي الجديد" ولم تتمالك نفسها وهي على مشارف البكاء: "ما يحدث اليوم أسوأ ما في تاريخ الإنسانية، أن أما لا تستطيع وداع ابنتها، وألا تشارك في دفنها (..) لا إنسانية في ذلك (..) أنا جربت السجن وعشت مع خالدة جرار (..) استشهد ابن عمي واعتقل ابني وأعلم صعوبة ما حصل".
وتابعت: "خالدة أم (..) من الصعب أن أتحدث عن وضعها، لكنها بالتأكيد ستكون قوية كي لا تظهر ضعيفة أمام الاحتلال".
من جانبه، قال مدير العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية عبد الله أبو رحمة، لـ"العربي الجديد"، إن رسالة الفعالية هي المطالبة بالإفراج الفوري عن جرار التي هي بأمس الحاجة لرؤية ابنتها ولو لمرة واحدة، مناشدًا كافة المؤسسات الإنسانية والمجتمع الدولي الضغط على إسرائيل للكف عن الاعتقال الإداري.
وفور انتهاء المسيرة التي دعا لها نشطاء في المقاومة الشعبية وأصدقاء عائلة جرار، أعلنت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان عن رفض مديرة مصلحة سجون الاحتلال طلب السماح لخالدة جرار بالمشاركة في تشييع جنازة ابنتها سهى، كما أكدت أن إدارة سجن الدامون الذي تعتقل فيه جرار لم تسمح لها حتى الآن بالتواصل الهاتفي مع زوجها وابنتها الثانية.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد اعتقل جرار في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2019، من بيتها في مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، وحكمت محكمة الاحتلال العسكرية في معسكر "عوفر" عليها بالسجن مدة عامين ودفع غرامة مالية نحو 1300 دولار.
ويعتبر هذا الاعتقال الثالث للقيادية جرار التي سبق واعتقلها الاحتلال عامي 2015 و2017.