زادت حياة الأشخاص ذوي الإعاقة صعوبة بعد تفشي فيروس كورونا، وبالتالي صعوبة التنقل، هم الذين يحتاجون إلى رعاية طبية وحركة
كان عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة عام 2018، بحسب إحصائيات جمعية الإغاثة الطبية، 50 ألفاً، زادوا إلى 70 ألفاً بعد مسيرات العودة، بحسب تقديرات طبية.
في الوقت الحالي، يعيشون ظروفاً صعبة بسبب قلّة الحركة والحجر المنزلي، في ظل الحاجة للخضوع إلى جلسات العلاج الطبيعي وزيارة عيادات الأطباء. كما أن أكثر من نصفهم لا يتمتعون بمناعة قوية تحميهم في حال أصيبوا بأية مشاكل صحية بعد انتشار فيروس كورونا في قطاع غزة منذ 24 أغسطس/آب الماضي وحتى اليوم، بحسب الطبيب المتخصص في العلاج الطبيعي محمد بركة، الذي يشرف على علاج كثيرين.
يتلقّى بركة العديد من الاتصالات والاستشارات الهاتفية من أشخاص معوقين، بعضهم وُلدوا معوقين في وقت أصيب آخرون نتيجة الحروب. ويلفت إلى أن معظم المشاكل ناتجة عن قلة الحركة، وعدم القدرة على متابعة العلاج الطبيعي، خصوصاً من هم في حاجة إلى علاج.
يقول بركة لـ "العربي الجديد": "قبل انتشار كورونا، كان الأشخاص المعوقون يتنقلون بين محافظات القطاع. ولا يكاد شارع يخلو من كرسي متحرك. أما اليوم، فيعيش هؤلاء ظروف علاج صعبة وأوضاعا نفسية سيئة، ما يؤثر على عضلاتهم وأجسادهم. ويعاني القطاع الطبي حالة طوارئ في ظل استمرار الأزمة".
كذلك، يشكو الكثير من الأشخاص المعوقين، خصوصاً العاملين منهم في مؤسسات المجتمع المدني، بسبب تقييد تحركاتهم في الخارج وعدم فتح بعض العيادات الطبية وممارسة أنشطتهم اليومية. من بين هؤلاء إبراهيم الطويل (35 عاماً)، ولديه إعاقة حركية منذ طفولته. وكثيراً ما طالب إبراهيم بتدخلات عاجلة وتخصيص برنامج خدمات طبية للأشخاص المعوقين.
على صعيد شخصي، يواجه الطويل بعض المشاكل المتعلّقة بمكان سكنه، إذ أن الشارع الذي يفصل منزله عن الشارع العام في حي الزيتون شرقي غزة رملي. يقول الطويل لـ "العربي الجديد": "من ناحية صحية، نواجه صعوبات في التنقل إلى عيادات الأطباء، والحصول على العلاج الذي نحتاجه بشكل دوري سواء في العيادات التابعة للحكومة أو حتى عيادات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). قدّمنا العديد من الشكاوى من دون نتيجة، باستثناء استجابة بعض عيادات الأونروا وتأمين العلاج لنا".
يضيف: "نشعر بالضيق. كل يوم، أتحدث مع بعض الأصدقاء الذين يعانون من الحالة نفسها. نريد أن نعود للحركة والجلوس على شاطئ البحر. البقاء في المنزل هو عبارة عن سجن. شاطئ البحر هو مكاننا، نريد أن نجلس هناك فقط".
من جهته، يتجه أحمد الأسمر للحصول على علاجه من إحدى العيادات الحكومية وسط مدينة غزة، على الرغم من تحذير الطبيب له بعدم الخروج من المنزل لأن مناعته ضعيفة. يحرص على الالتزام بالتباعد الاجتماعي، حتّى أنه لم يجد أحداً يرافقه نظراً لأن شقيقه سعيد سافر الشهر الماضي إلى مصر لتلقي العلاج هو الآخر، وإجراء عملية في كتفه وذراعه المصابتين.
أصيب الشقيقان في أحداث مسيرات العودة في 30 مارس/آذار العام الماضي. أحمد أصيب في قدمه اليسرى بطلقين متفجرين، وأجرى خمس عمليات جراحية، وما زال مضطراً إلى إجراء عمليتين خارج قطاع غزة. لكن في الوقت الحالي، يعاني من آلام شديدة تزداد مع فترة الحجر المنزلي.
يقول لـ"العربي الجديد": "نعاني من صعوبة في التنقل. وجاءت ظروف كورونا ففاقمت الوضع. المرافق الصحية في حالة طوارئ. وما من مراعاة لظروف الأشخاص المعوقين. مثلاً، أقف على قدمي وأنتظر العلاج، وما من مكان أجلس فيه مهيأ للأشخاص ذوي الاعاقة. أعلم أن واقع العلاج في القطاع صعب، لكن استمرار الأزمة يعني أنّنا نتعذب".
استطاع مهران خلف (28 عاماً) الخروج للمشي مستعيناً بعكازيه برفقة أحد أصدقائه في العاشر من الشهر الحالي، بعد تخفيف إجراءات الحظر بين المحافظات، وجلسا معاً أمام شاطئ البحر. إذ يتضمن البرنامج العلاجي الدائم له المشي مسافة ساعة يومياً لتنشيط عضلات القدمين. يقول لـ "العربي الجديد": "ولدت بإعاقة في القدمين نتيجة مشكلة حصلت عند الولادة. تعالجت في الكثير من الدول، وأفضل وسيلة لمقاومة إعاقتي هي المشي بشكل يومي وتنشيط العضلات. لكن منذ انتشار فيروس كورونا، عانيت من آلام حادة في العضلات وضيق في التنفس. لا أتمنى أن يطول انتشار الفيروس في غزة، لأنني وغيري من الفئة نفسها سنتعذب داخل منازلنا".